رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الثوابت بين الماضى والحاضر

ليه دايمًا زمان ويمكن لحد دلوقتي للأجيال القديمة في تخوف كبير في تغيير الثوابت؟

من واحنا صغيرين كان دايمًا بيتم تحذيرنا، متقعدش مع حد مختلف عنك عشان هتبقى زيه، في الدين أو في السياسة أو في المجتمعات المختلفة.

فكرة التلصيم والحفظ وامشي علي الحدود اللي مرسومة لك من غير ما تفكر، وكأن ده الصح المطلق.

طيب في الأجيال الجديدة ومع الانفتاح اللي صنعه الإنترنت، بقى صعب جداً إنك تحافظ علي الثوابت دي بنفس الطريقة القديمة وهي العزل.

الأطفال دلوقتي بقت بتتعلم التكنولوجيا قبل الكلام، وشوية شوية بيدخلوا علي العالم من أوسع أبوابه مهما الأهالي حاولت تحدد ده، وبقي لازم طول الوقت يكون في رقابة.

وبقوا بيشوفوا كل حاجة مختلفة عنهم وبيسألوا عنها وبيفكروا طول الوقت في حاجات عمرها ما كانت ممكن تيجي علي بال أهاليهم لما كانوا في سنهم.

مبقاش ينفع أسلوب هو ده الصح وخلاص، مفيش خلاص دلوقتي، في ليه وعشان إيه وازاي واشمعنى وفهمني واقنعني.

وده بالرغم من إنه صعب جدًا جدًا، لكن في وجهة نظري ده عظيم جدًا وبيخلق جيل واعي وفاهم ثوابته وأفكاره وقادر إنه يدخل نقاشات مش هقول صعب يغير ثوابته، لكن ممكن يغير مفاهيمه بيكون مرن بذكاء وبوعي مش حد منساق ورا الأشياء، أي حد بيتكلم كويس وخلاص، ولو في ثوابت مغلوطة تتغير المهم يستخدم عقله.

بس ده بيعتمد برضه علي مستوي تعليمه ومستوي فكر أهله وإلا الميزة دي هتتقلب ضده.

وده بقى واضح جدًا في الخلافات اللي بتحصل علي السوشيال ميديا، والتخوين اللي بيحصل لأي حد بيمشي برة السرب.

هتلاقي في نسبة مش قليلة بيحاربوا أي حد بيعمل أي حاجة بطريقة مختلفة حتي لو أهدافهم واحدة.

مثلا في حب مصر، أغلب المصريين بيحبوا مصر، ونفسهم تبقى أحسن والحياة فيها تبقي أفضل، لكن كل مجموعة شايفة إن المصلحة في مسار معين ماعدا ده يبقي خاين وبيكره بلده!!

وهتلاقي الطرفين بيخافوا يتناقشوا مع بعض، الطريقة المثالية ليهم هي رمي الاتهامات.

بس واحنا بنتكلم عن مفهوم الثوابت، فالثوابت متغيرة حسب الزمان والمكان والمواقف والثقافة.

فكل حاجة دلوقتي ممكن تحتاج إعادة تقييم طول الوقت، ويحكم عقله من خلال مبادئه.. يعديها علي عقله ويفلترها بمبادئه ويكّون وجهة نظره ومن حقه يتمسك بيها بس ميخونش اللي ضده.

لكن هتلاقي أي شخص بيقول رأي مختلف أو بيشرح وجهة نظره المختلفة بيتم اتهامه على طول إنه عايز يهد الثوابت وينفذ مخطط بهدف محو الأفكار الحالية.

وبيتم ترويعه وابتزازه فكريًا عشان يسكت ويخاف يتكلم تاني وكأن عرض الأفكار من أي شخص هتكون في إطار التنفيذ آجلا أم عاجلا، مش مجرد فكرة في إطار النقاش وممكن متوصلش أصلا للتنفيذيين.

وفي اعتقادي  إن كل مجموعة من الناس بتحب تمشي ورا حد بتثق فيه فبياخدوا كلامه وينشروه، وأي حاجة عكسه تبقي خيانة ويعيّنوا نفسهم مدافعين عن فكره باستماتة وعشان متعودوش إن في حد بيقول رأيه أو بيمارس حقه، فأي حد بيتكلم يبقي أكيد وراه حد دافعله وبيحركه.

والحقيقة أنا مش فاهمة سر الهجوم العنيف بين الناس وبعضها عند عرض الاختلاف، وهل ده بسبب القمع الشديد اللي قعدنا فيه طول عمرنا؟ وفي مواضيع ممنوع التطرق ليها فلما حصل شوية انفتاح والناس بقت بتتكلم فالنتيجة بقت مرعبة لكن شوية شوية من الصراعات والخناقات الناس تطّلع الطاقة المكبوتة جواها وبعدها الدنيا تبقي أهدي ويتقّبلوا آراء بعض مش بالضرورة خالص الاقتناع بيها بس تقبل الاختلاف أهم شيء.

ولا دي آفة بلدنا ومش هنقدر نتخلص منها؟