رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دراسة حديثة: «مصر واليونان .. موارد هائلة تعزز علاقات التعاون»

الرئيس السيسي ورئيس
الرئيس السيسي ورئيس وزراء اليونان

سلطت دراسة حديثة للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية الضوء حول العلاقات المصرية اليونانية، مؤكدة أن مصر حققت نجاحات كبيرة في ملف علاقاتها الخارجية مع البلدان المجاورة؛ فبعد أن عانت مصر سنوات العزلة بعد الاضطرابات السياسية منذ 2011، كان للدولة المصرية خطى كبيرة في ملف تعاونها مع دول الجوار، من بين  تلك الملفات التي ركزت عليها القيادة السياسية العلاقات المصرية اليونانية، التي تمثل حجر الأساس لاستقرار منطقة شرق المتوسط.

وأكدت الدراسة أن العلاقات الدبلوماسية بين مصر واليونان تعود إلى عام 1833، عندما انتقلت جالية يونانية كبيرة للعيش والعمل في مصر، لكن العلاقات بين البلدين تعود إلى ما قبل الميلاد بحوالي 300 عام، أي منذ نشأة مدينة الإسكندرية التي سميت على اسم الإسكندر الأكبر.

وأشارت الدراسة إلى أن فترة العشر سنوات الماضية شهدت فيها العلاقات بين البلدين نقلة نوعية على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية، حيث توالت الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين سواء بشكل ثنائي، أو في شكل قمم مصغرة بين اليونان وقبرص ومصر، والتي تم الاتفاق على استضافتها بين البلاد الثلاثة بالتناوب، ومن ثم فمنذ عام 2014 انعقدت 9 قمم بين الدول الثلاث.

وأضافت: «أما عن مستوى العلاقات التجارية بين البلدين، فقد قفز التبادل التجاري بين البلدين (مصر واليونان) إلى حوالي 4 مليارات دولار، بواقع 3 مليارات دولار صادرات مصر إلى اليونان، ومليار دولار واردات مصر من اليونان، وارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 85%، خلال الفترة من 2014 وحتى 2021، أي أن معدل النمو السنوي المركب بلغ نحو 9.02%».

وذكرت: "لكن معظم تلك الزيادة التاريخية كانت في عام 2021 بحوالي 191%؛ إذ ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 4 مليارات دولار لعام 2021 (صادرات مصرية بقيمة 3 مليارات دولار مقابل واردات مصرية من اليونان بقيمة مليار دولار)، مقابل تبادل تجاري بحوالي 1.4 مليار دولار (صادرات مصرية بحوالي 700 مليون دولار، وواردات مصرية بحوالي 700 مليون دولار)".

وأوضحت الدراسة أن معظم الصادرات المصرية تتمثل في البترول المكرر والخام بحوالي 2.39 مليار دولار من إجمالي صادرات مصر (80% تقريبًا من الصادرات المصرية لليونان)، فيما تتمثل الواردات المصرية من اليونان في القطن والمنتجات البترولية، والتي تمثل 67% من إجمالي الواردات المصرية من اليونان.

وأكدت الدراسة: يمكننا الربط بشكل مباشر بين التطور الكبير الذي شهده التبادل التجاري بين البلدين واتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، والتي تم توقيعها لتحقيق الأمن والاستقرار بمنطقة شرق المتوسط، وضمان احترام البلدين للقانون الدولي ولحدود لكل دولة. ووفقًا لمعاهدة الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، ليس في الإمكان البحث عن ثروات طبيعية بتلك المناطق الاقتصادية إلا بعد الاتفاق حول أسلوب استغلال تلك الثروات بالإنصاف.

ومن ثم فإن الاتفاق على ذلك الترسيم أتاح إمكانية البحث عن الثروات الطبيعية وممارسة الأنشطة الاقتصادية في تلك المناطق، ووبالفعل تم اكتشاف ثروات غاز هائلة بمنطقة حوض شرق البحر المتوسط؛ الأمر الذي أسهم لاحقًا في تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط في سبتمبر 2020 والذي أصبح منظمة دولية حكومية في منطقة المتوسط تسهم في تطوير التعاون في مجال الغاز الطبيعي، وتحقق استغلال أمثل للموارد، هذا فضلًا عن أن ذلك التعاون في المجال الاقتصادي أسهم في التوصل إلى اتفاق بين مصر واليونان وقبرص للربط الكهربائي عبر الثلاثة بلاد.

وأشارت الدراسة إلى أن اليونان كانت من بين الدول الأكثر استفادة من شحنات الغاز المصرية التي تم تصديرها؛ إذ استحوذت على حصة بحوالي 28% من الصادرات المصرية من الغاز المسال لعام 2022، حيث تتوجه السفن المصرية من ميناء دمياط البحري إلى محطة الاستيراد "ريفيثوسا" التي تعد المحطة الوحيدة المجهزة لاستلام الغاز الطبيعي المسال في اليونان.

كما أكدت أنه من المتوقع أن ترتفع تلك الشحنات المصرية الموجهة إلى اليونان في حال إتمام الربط بين حقل "أفروديت" الذي يحتوي على احتياطيات بحوالي 124 مليار متر مكعب والذي اكتُشف منذ أكثر من عشر سنوات في شرق البحر المتوسط قرب حقل "لوياثان" الإسرائيلي الضخم الذي ينتج بالفعل الغاز لشركتي "نيوميد" و"شيفرون"؛ إذ إنه جارٍ تطوير حقل "أفروديت"، ومن المخطط أن يجري ربطه بمحطات الإسالة المصرية عبر خطوط أنابيب تمر في أعماق البحر المتوسط.

واختتمت الدراسة بالتأكيد إن الدبلوماسية السياسية والاقتصادية المصرية والمصالح المشتركة بين البلدين وموارد الغاز الهائلة في منطقة البحر المتوسط والتعطش الأوروبي للغاز الوارد من الجنوب لتعويض العجز الروسي في إمدادات الغاز؛ كلها تعد محركات أساسية في تعزيز العلاقات المصرية اليونانية.