رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأرض فوق صفيح ساخن.. "الدستور" تتتبّع التاريخ المناخي وصولاً للقبة الحرارية (تفاعلي)

ارتفاع درجات الحرارة
ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة

منذ بداية شهر يوليو، أصبح الجو خانقًا بسبب ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة التي لا تزال مستمرة حتى يومنا، ما جعل الناس يتجهون لملازمة الأماكن الأكثر ظلًا وعدم النزول إلى الشوارع إلا للضرورة القصوى، بسبب ما قد يترتب عليه من مشكلات صحية عليهم، من ضربات الشمس ومشكلات التنفس وغيرها، ومن هنا بدأ الجميع يبحث عن الأسباب التي جعلت الأرض تتحول إلى غلاية يحترق الناس عليها، فخرج خبراء المناخ ليوضحوا أن تلك الظاهرة تسمى القبة الحرارية.

وبحسب تصريحاتهم، فهي امتداد لمرتفع جوي في طبقات الجو العليا تتسبب في دفع الهواء الدافئ إلى السطح، وتحتجز القبة الحرارية الهواء الساخن ذا الضغط المرتفع في طبقة قريبة من سطح الأرض تشبة "الصوبة الزجاجية"، ومن تأثيراتها: ارتفاع درجات الحرارة، ارتفاع نسب الرطوبة، زيادة فترات سطوع أشعة الشمس.

ولم يكتفِ المناخ بتلك الظاهرة فقط في الغلاف الجوي، إنما نتج عنها أيضًا ظاهرة "النينو"، وبحسب المنظمة العالمية للأصاد الجوية، فإن ظاهرة "النينو" هى نمط مناخي يحدث بشكل طبيعي ويقترن بارتفاع درجات حرارة سطح المحيط في وسط وشرق المناطق الاستوائية في المحيط الهادئ، لكنه يحدث في سياق تغير مناخي ناجم عن الأنشطة البشرية.

كيف تتكون القبة الحرارية بواسطة eldostor digital

بالبحث، وجدنا أن "النينو" ليست ظاهرة حديثة إنما عانى منها سكان الأرض في سنوات سابقة، فهي ليست ظاهرة دورية إنما تحدث كل سنتين أو 7 سنوات وتمتد نوباتها من 9 لـ12 شهرًا، خلال السطور التالية نوضح لك كل ما يتعلق بتلك الظاهرة بالحديث مع عدد من الخبراء والمتخصصين أيضًا بالاستناد إلى تقارير المنظمات العالمية عنها.

التسلسل التاريخي لظاهرة “النينو" أو القبة الحرارية:

في البداية، قمنا باستخدام أداة “تايم لاين” لنشرح لك متى ظهرت “النينو” لأول مرة، ثم تطورات ظهورها على مدار سنوات مضت.

في السطور التالية قمنا بتوضيح الدراسات التي توصلت إلى أن المرة الأولى التي تم التعرف فيها على هذه الظاهرة وتسجيل حدوثها كان منذ 1500 عام، ثم دراسات أخرى قامت بدراسة نمط حدوثها والعلامات التي من خلالها يتم التعرف عليها والتحذير من قدومها، وذلك باستخدام أداة “فلوريش”.

خبير مناخي: نتجه نحو "الاكستريم نينو"

في الأخير، قمنا بالحديث مع الخبراء لشرح أكثر عن الظاهرة وتوابعها، أيضًا آلية حدوثها، ومدة النوبة الواحدة لها، وعلامات قدومها.

بداية، قال الدكتور مجدي علام، مستشار برنامج المناخ العالمي وأمين اتحاد خبراء البيئة العرب، إن ظاهرة النينو تظهر في المحيطات، وتبدأ في المحيط الأطلنطي والمحيط الهادي والمحيط الهندي، وتم رصدها لأول مرة في المحيط الهادي منذ 7 سنوات أدت إلى حدوث تطرف في الطقس قد تؤدي بعد ذلك إلى اتجاه العالم نحو "الاكستريم نينو" وتعني التطرف الشديد في الطقس، حيث تبدأ في المناطق الاستوائية، خاصة في المحيط الهادي من ناحية آسيا وجنوب افريقيا، مشيرًا إلى أن هذه الظاهرة تحدث كل سنتين أو 7 سنوات، وقد تمتد نوباتها من 9 لـ 12 شهرًا.

أوضح علام، لـ"الدستور"، أن توقعات الأرصاد الجوية الدولية رصدت أن ظاهرة "النينو" هذه المرة ستكون أشد من ذي قبل بنسبة 90%، وذلك بسبب الحرارة الشديدة التي تم رصدها في كل المحيطات بأرقام حرارية قياسية، ما يجعل النمط المناخي يزيد بالحرارة، كما يؤثر في حركة الغلاف الجوي بدءً من المناطق الاستوائية (فوق المحيط الهادي) ثم تنتقل إلى القوالب الجوية الكبيرة، ويلاحظ انعكاس ذلك إلى الظواهر الجوية في مختلف مناطق العالم، لافتًا إلى أن القارتين الأقل تضررًا هما أمريكا الجنوبية وجزء من جنوب شرق آسيا.

د. مجدي علام

وشرح الخبير المناخي أنه خلال الـ100 عام السابقة لم تتجاوز 0.9 درجة، لكن التوقعات أن الحرارة ستزداد في عام 2050 لأكثر من 1.5 درجة، بينما تتوقع المؤشرات الحديثة الصادرة من هيئة الأرصاد الدولية أن تزيد عن 1.5 درجة وتصل إلى 2 درجة وهذا إن حدث ستكون هناك كوارث بيئية.

وأكد أن تلك الظاهرة لها سلبيات عديدة منها: التأثير على الكائنات البحرية والنظام المعيشي لها، أيضًا تتسبب في الفيضانات وموجات جفاف وموجات حرارة وموجات برودة، موضحًا أن الحركة الدورانية للغلاف الجوي تاب ببعض الخلل وتؤثر على الطقس بشكل سلبي في عدة مناطق.

  • بحسب اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015، تعهدت البلدان الموقعة بمحاولة إبقاء درجات الحرارة العالمية أقل عن 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، بعد أن ثبت علميا أن تخطي تلك الدرجة سيترتب عليه سلسلة من الآثار الكارثية على كوكب الأرض وسكانه التي لا يمكن تداركها.

خبير بيئي: 2024م سيكون الأسخن

وأوضح د.تحسين شعلة، خبير بيئي وأستاذ التكنولوجيا الحيوية في تصريحات سابقة، أن العام القادم 2024 سيكون أشد حرارة من العام الحالي، ومن المتوقع وصول درجات الحرارة فيه إلى 480م، مشددًا على ضرورة اتباع توصيات الأمم المتحدة لتقليل استهلاك الطاقة التي ستساهم في تقليل درجات الحرارة المرتفعة التي نشهدها، مشيرًا إلى أن استمرار درجات الحرارة في الارتفاع سيؤدي إلى الخلل البيئي، ما سيؤثر بشكل مباشر على الإنسان في شتى مجالات حياته.

  • توقع تقرير صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في مايو الماضي أن هناك احتمالاً بنسبة 98% بأن تكون سنة واحدة على الأقل من السنوات الخمس المقبلة، وفترة السنوات الخمس ككل، هي الأدفأ على الإطلاق، محطمة بذلك الرقم القياسي المسجل في عام 2016 عندما كانت ظاهرة النينيو قوية بشكل استثنائي.

إحصائيات

وقدمت لنا منظمة الأرصاد الجوية العالمية، إحصائيات حول متوسط درجة حرارة الهواء السطحي خلال شهر يوليو، وقارنت فيها متوسط درجات الحرارة لهذا الشهر بين عامي 2019 و2023.

 

                                                                                           

*الأشكال التوضيحية بحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية