رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تهدئة سياسية واستعدادات عسكرية.. ما شكل عودة العلاقات بين اليونان وتركيا؟

قوات الدفاع اليونانية
قوات الدفاع اليونانية في بحر إيجة

عقد رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس التركي رجب طيب أردوغان أول اجتماع لهما منذ 16 شهرًا نهاية الأسبوع الماضي في فيلنيوس على هامش قمة الناتو، فيما تعهد القادة بـ "تفعيل قنوات اتصال متعددة" بين الحكومتين حيث اتفقا على بداية جديدة في علاقتهما الثنائية في أعقاب ذوبان الجليد الأخير الذي سببه الزلازل المميت في وقت سابق من هذا العام.

على الرغم من كونهما حليفتين في الناتو، إلا أن أثينا وأنقرة كانتا على خلاف منذ عقود بشأن عدد من القضايا، بما في ذلك الخلافات حول الحدود البحرية، والنزاع القبرصي طويل الأمد.

قطع أردوغان جميع المحادثات الثنائية مع اليونان بعد أن حث رئيس الوزراء اليوناني "ميتسوتاكيس" المشرعين الأمريكيين في مايو 2022 على منع مبيعات الأسلحة إلى تركيا. وسرعان ما تصاعدت الاستفزازات العسكرية، مما خلق الوضع الأكثر تقلبًا بين الدولتين منذ عام 2020.حيث ألمح أردوغان إلى أنه قد ينتزع جزيرة يونانية بين عشية وضحاها، بل ووجه تهديدات بضرب "أثينا" بصاروخ.

لكن رد الفعل السريع لليونان على الزلازل المدمرة التي ضربت تركيا في (فبراير) خلق خلفية جديدة للعلاقات الثنائية، ومهدت الطريق لهدوء وربما تفاوض.

خارطة طريق

من جانبه، قال كونستانتينوس فيليس، مدير معهد الشؤون العالمية وأستاذ العلاقات الدولية في الكلية الأمريكية باليونان، إن أنقرة وأثينا لديهما الآن خارطة طريق لعلاقاتهما الثنائية.

وأضاف فيليس: "الخطوة الأولى هي تعزيز شروط التهدئة"، "ثانيًا، البحث عن أرضية مشتركة في المناطق التي يوجد فيها مجال للتعاون، والذي يمكن أن يتجاوز حالات الطوارئ، مثل الزلازل ويمتد إلى الهجرة، وهي جبهة لم يتم استكشافها بشكل كافٍ.

تقول اليونان إن الجانبين يجب أن يكونا قادرين على الاتفاق على طريقة لحل خلافاتهما حول ترسيم حدود الجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة، ومع ذلك، تريد تركيا متابعة قضايا أخرى، بما في ذلك نزع السلاح من جزر بحر إيجة.

استعدادات عسكرية

كعادة دول العالم، رغم التوقعات ببداية جديدة بين أنقرة وأثينا، إلا أن الجانبيبن لايزالان يهتمان بالاستعدادات العسكرية، تحسباً لأي طواريء أو تدهور سريع للأحداث، أو إعمالاً بالمبدأ أن السلام يجب أن يبنى على قوة وليس العكس.

من المتوقع أن تنفق اليونان حوالي 12.5 مليار يورو إضافية على الأسلحة خلال السنوات الأربع المقبلة بحسب تقارير يونانية، حيث أعلن وزير الدفاع اليوناني نيكوس ديندياس في خطاب ألقاه أمام البرلمان إنه من المقرر إجراء 19 عملية شراء رئيسية في السنوات الأربع المقبلة، بما في ذلك ما لا يقل عن 20 طائرة مقاتلة من طراز F-35 وتحديث 37 طائرة من طراز F-16 Block 50.

وأضاف "ديندياس" خلال المناقشة الجارية حول الطائرة الجديدة، إلى جانب شراء ثلاث فرقاطات عن طريق الاستثمار الأجنبي المباشر و 24 طائرة حربية من طراز رافائيل من فرنسا و 83 تحديثًا آخر للطائرة من طراز F-16، أن هذه الصفقات ستعمل على تحسين قدرات القوات المسلحة اليونانية بشكل كبير. 

في 29 مارس الماضي، وافقت اليونان أيضًا على شراء أنظمة صواريخ SPIKE NLOS الإسرائيلية الصنع خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي الحكومي برئاسة رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس.

وحول العلاقات مع تركيا، قال "ديندياس": إن اليونان "تواصل مد غصن الزيتون بهدف التعايش السلمي بين الشعبين وتأمل في تحسين العلاقات، وأضاف إنه من أجل تحقيق السلام والاستقرار ، يجب على أثينا "إرسال رسالة مفادها أنها ستدافع عن سيادتها وحقوقها السيادية بعزم مطلق". وأكد أنه في ظل هذه الظروف، فإن وجود جيش قوي والإرادة لاستخدامه عند الضرورة أمر لا بد منه.

في الوقت الذي لاتزال تركيا تعزز قدرات جيشها، حيث ناقش وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن خلال اتصال هاتفي مع نظيره التركي دعم تحديث الجيش التركي، بحسب بيان أمريكي صدر الأسبوع الماضي، بعد أن قالت تركيا إنها ستدعم انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي.

وكانت تركيا قد طلبت في أكتوبر 2021 شراء مقاتلات F-16 بقيمة 20 مليار دولار من شركة Lockheed Martin Corp (LMT.N) وما يقرب من 80 مجموعة تحديث لطائراتها الحربية الحالية.

وفي الوقت نفسه، أرسل ستة من أعضاء مجلس النواب الأمريكي في يوليو الجاري رسالة إلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، يحثونه فيها على ضمان عدم استخدام طائرات F-16 القادمة التي من المقرر أن تتلقاها تركيا من أمريكا في عمليات ضد اليونان، وأشاروا إلى نظرًا لتاريخ تركيا في استخدام طائرات F-16 الأمريكية في التحليق فوق بحر إيجة وللتحدي للسيادة اليونانية، فطالبوا فيها بوضع آليات تنص على إيقاف مؤقت أو تأخير أو إعادة نقل أسلحة أمريكية لتركيا إذا استأنفت أعمالها المزعزعة للاستقرار في شرق البحر المتوسط ​​التي تهدد أو تقوض مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة أو هيكل أمن الناتو .