رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحرب الروسية: لا بوادر على التهدئة والغرب يواصل تحدى موسكو

أوكرانيا
أوكرانيا

أكد خبراء ومحللون سياسيون خطورة تطورات الحرب الروسية الأوكرانية على الأمن الغذائي لكثير من دول العالم النامي التي تعتمد على البلدين المتصارعين فيما يتعلق باستيراد الحبوب.

وشدد الخبراء على عدم وجود أي بوادر تشير لقرب انتهاء هذه الحرب التي أدخلت العالم في أزمة اقتصادية كبيرة بعد عامين من المعاناة مع حالة الإغلاق التي فرضتها حالة الطوارئ الصحية وقت انتشار فيروس كورونا، وأن الغرب يواصل دعم أوكرانيا وإمدادها بالسلاح والإمكانيات العسكرية، وإطالة أمد الحرب لاستنزاف أكبر قدر من القوة الروسية.

وقال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، لـ"الدستور"، إنه لا توجد بوادر لتوقف الحرب في أوكرانيا حتى هذه اللحظة، في ظل انفتاح المشهد على سيناريوهات عديدة متعلقة برغبة كل طرف في دفع الطرف الآخر نحو الهاوية، وسيناريو الاستمرار موجود وقائم، ويؤكد ذلك ضغط حلف الناتو على أوكرانيا لمواصلة الحرب وإمدادها بأنظمة دفاعية ومخصصات مالية لشراء أنظمة حديثة.

أضاف فهمي أن موسكو أيضا تتعامل مع الهجوم المضاد برؤية مختلفة، منها ربما إنهاء العملية العسكرية بأسرع وقت ممكن، ليس بسبب الخسائر؛ لأن روسيا في وضع أفضل، والروس قادرون على تحويل العملية العسكرية لحرب شاملة، لكنهم يريدون الاحتفاظ بلمناطق الأربعة التي تم ضمها، بما يؤمن الحدود الروسية والمفاهيم الخاصة بالأمن القومي الروسي.

لا تراجع

وتابع "الغرب لن يتراجع أو يفسح المجال للتسوية، ولا توجد حتى الآن سوى المبادرة الصينية، وهي المبادرة الرئيسية الفعالة، غير بعض المبادرات الضعيفة التي تعتبر تسجيل موقف فقط، والصينيون يريدون مقايضة سياسية في هذا الملف، ولا أحد لديه فرصة للتسوية سوى المبادرة الصينية.

طارق فهمي: زيارة بايدن للسعودية رسالة للعالم أنه داعم للشراكة العربية ـ  الأمريكية - بوابة الأهرام
د.طارق فهمي

أشار فهمي إلى أن أزمة الحبوب والدول الفقيرة مستمرة، فالروس منحوا تركيا مزايا في سبيل تحويلها لمركز غلال عالمي، ولهذا تأثيرات بالغة على الدول النامية، حتى أن قمة فرنسا الأخيرة بحثت ارتدادات الأزمة الأوكرانية على كثير من دول العالم، فما يجري على الأرض استراتيجيا شيء آخر.

أوضح أستاذ العلوم السياسية أن من يستطيع وقف الحرب رغم وجود أطراف تدفع في اتجاهات أخرى، هي روسيا، بما لديها من الإمكانيات لرسم منطقة أمنية تؤمن بها حدودها، وتوقف العمليات من جانب واحد، وإذا صممت أوكرانيا على مواصلة الحرب فهذا سيناريو تخيلي، خصوصا أنه بعد عدة أسابيع ستبدأ الانتخابات الاستهلالية الأمريكية، ما سيؤخر بشكل أو بآخر التعامل الأمريكي مع المسألة الأوكرانية، وكذلك أوروبا لا تريد تطور الحرب على حدودها.

مزيد من الأزمات

ويرى أشرف كمال، مدير المركز المصري الروسي للدراسات، أن تعزيز فرص السلام والاستقرار العالمي، تظل مرهونة بتوافق الدول الكبرى، خصوصا بين أكبر قوتين نوويتين، روسيا والولايات المتحدة.

أضاف كمال لـ"الدستور"، أن هذا التوافق من شأنه تجنيب الأسواق العالمية حالة الارتباك وعدم الاستقرار، وارتفاع اسعار السلع الأساسية ومؤشرات التضخم، واضطراب سلاسل الإمداد، وأزمات موارد الطاقة. ولكن المشهد الراهن على الساحة الدولية، يثير المخاوف نحو مزيد من الأزمات، بينما تتواصل معاناة الشعوب الفقيرة التي تتأثر بصورة غير مباشرة من تداعيات المواجهة بين الكبار في فضاء الاتحاد السوفيتي والمحيطين الهندي والهادئ.

مدير المركز الروسي للدراسات: بوتين أُجبر على خوض الحرب مع أوكرانيا للحفاظ  على حقوق دولته
أشرف كمال

أشار إلى أن الأزمة الحالية تتجاوز أوكرانيا، في ضوء استراتيجية أمريكية تستهدف الهيمنة والسيطرة على مناطق ذات أهمية محددة بالنسبة للمصالح الأمريكية، ويجري العمل على تنفيذها منذ تأسيس حلف شمال الأطلسي، بينما أعلنت موسكو انتهاء زمن الهيمنة الغربية، وأن العالم أحادي القطب أصبح شيئا من الماضي، وتواصل العمل مع الشركاء في إطار التأسيس لنظام عالمي جديد متعدد الأقطاب على أسس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

وأوضح أن استمرار تدفق السلاح الغربي إلى حكومة كييف، يستهدف مواجهة عسكرية طويلة الأمد، في محاولة لاستنزاف موسكو، بالتزامن مع تخلي الولايات المتحدة عن التزاماتها الدولية في مجال نزع السلاح، من خلال الانسحابات المتوالية من الاتفاقيات الثنائية مع موسكو، وتطوير نظام الدفاع الصاروخي متوسط وقصير المدى في أوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ.

وتابع كمال أن الحكومة الأوكرانية أقرت قانونا يرفض إجراء أي مفاوضات مع روسيا، ولم تقبل بالمبادرة الإفريقية للسلام، وانتهت مباحثات وفد المبادرة الإفريقية من دون التوصل إلى نتائج بسبب الموقف الأوكراني، والمبادرة لم تكن الأولى، وكانت هناك جهود من أطراف إقليمية ودولية.

فيما يتعلق بأزمة الحبوب، أوضح كمال أن محاولات الترويج بمسؤولية روسيا عن الأزمة، ونقص الحبوب لدى الدول الفقيرة، محاولة لتضليل الرأي العام العالمي، لأن القيود المفروضة تحول دون حرية التجارة بين موسكو والعواصم الأخرى، كما أن روسيا واحدة من بين عدد من الدول الكبرى في تصدير القمح على مستوى العالم، والسؤال المطروح أين دور الدول الكبرى الأخرى في التخفيف من معناة الدول الفقيرة.

واختتم تصريحاته بالقول: الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال خلال منتدى فالداي للحوار الذي عقد في موسكو نهاية 2022: لقد انتهى زمن الهيمنة الغربية. وأصبح العالم أحادي القطب شيئا من الماضي، ونحن نقف على حدود تاريخية ونواجه ربما أخطر عقد لا يمكن التنبؤ به ولكنه مهم.

إنهاء روسيا

من ناحيته، قال المحلل السياسي الكويتي الدكتور عايد المناع، إنه ليس هناك ما يشير لوقف الحرب الروسية الأوكرانية؛ لأن هذه الحرب الهدف منها هو استنزاف روسيا، مثل الاتحاد السوفييتي من قبل في أفغانستان، وبالتالي العمل على إنهاء روسيا الاتحادية، وربما تفكيكها في وقت لاحق، فيما يبقى الهدف النهائي للغرب هو الصين.

وأضاف المناع لـ"الدستور"، أن الغرب يشعر بخطورة التطورات الاقتصادية في روسيا والصين، ولا يزال يفكر بعقلية القطب الأوحد عبر ضرب روسيا ثم الصين، وبالتالي ليس هنالك ما يشير لأي بوادر على وقف الحرب، والرئيس الأوكراني فولدمير زيلينسكي شديد الحماس للاتجاه غربا، وربما يكون أشد ضراوة في الانتماء للغرب من الغربيين أنفسهم.

عايد المناع عن مرور 57 عاما على الدستور الكويتي: نقلة كبيرة من المشيخة إلى  الدولة
عايد المناع

وتابع "الغرب بقيادة الولايات المتحدة وجد هذه النزعة الغرامية لدى الرئيس الأوكراني فشجعه وحرضه على الروس، بالرغم من أن هذه الأمور لا تبرر عدوان روسيا على دولة مستقلة، لكن زيلنسكي وكراهيته لروسيا تفوق أي شيء آخر، وأراد بالفعل أن يتجه غربا، وحتى اللحظة يطالب بالانضمام إلى الناتو والاتحاد الأوروبي، بالرغم من العلاقات القديمة بين بلاده وروسيا.

وأشار إلى أن أزمة الحبوب والزيوت ستبقى موجودة ما لم تجد الدول المستوردة مصادر أخرى، وحتى لو وجدت فستبقى الحاجة موجودة، وحتى الآن يبدو أن تركيا تلعب دورا إيجابيا في هذا الجانب عبر استلامها الحبوب وتمكين الدول من استيرادها، لكنه مؤشر خطير، ففي حال وقوع تدهور عسكري في المعركة فكل الاحتمالات واردة.

ونوه بأن الدول الفقيرة والتي لديها كثافة سكانية كبيرة، معرضة لأخطار أكبر، والوضع يتطلب الانتباه والبحث عن مصادر أخرى، وإن يكن عبر تطوير مشاريع زراعية وطنية للاستغناء عن الاستيراد من الخارج.

وتوقع المناع استمرار الحرب طالما بقي مفتاح الحل عند الولايات المتحدة وأوروبا فلو أرادوا الإشارة على زيلنسكي بالتفاوض والاتجاه نحو روسيا كدولة ترتبط بعلاقات تاريخية مع أوكرانيا واللجوء إلى القضاء الدولي فيما يتعلق بالأراضي المتنازع عليها لكان أفضل، لكن العواصم الغربية لا تريد الذهاب نحو هذا السيناريو، لاستنزاف موارد وقوة روسيا على المدى الطويل.