رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من الثورة للبناء.. 30 يونيو عقد على تحرر إيزيس من قبضة "ست والإخوان"

يأتي يوم 30 يونيو من كل عام ليذكرنا بالساعة التي استعاد فيها المصريون هويتهم، وتنفسوا الصعداء بعد أن اختنقت رئتا الوطن طوال عام من حكم الإخوان مع الإعلان بفوز المعزول محمد مرسي بانتخابات الرئاسة في 2012.

كان عام حكم الإخوان صدمة قاسية على كل مصري حقيقي يعرف قدر الوطن وقيمته، ولم يكن ليتخيل يومًا ما أن يصبح وطن حضارة الـ7000 عام أسيرًا في قبضة جماعة الإخوان الإرهابية التي ارتدت طوال 83 عامًا مسوح الطيبة والتدين الظاهري والتقية السياسية، حتى وجدت فرصتها الكبرى في حالة الانفتاح السياسي بعد 25 يناير، لتنقض على كل مقاليد السلطة ومفاصل الدولة في هدف واضح ومحدد، وهو الاستيلاء على مصر وبدء مشروع الخلافة الإخوانية من أرضها. 

سنة حكم الإخوان وسعيها الذي لم يتوقف عن خطة التمكين والأخونة والعمل على طمس الهوية المصرية لصالح النسخة الإخوانية، يذكرنا بالأسطورة المصرية القديمة، بما فعله "ست" مع  أخيه "أوزوريس" فقتله طمعًا في اغتصاب عرشه وملكه، بل وإمعانًا في منع عودته مرة أخرى قطّع جثته إلى قطع قيل إنها بلغت 42 قطعة ووزعها على أقاليم مصر حتى لا تعثر إيزيس عليها.

وتخبرنا الأسطورة أن "إيزيس" رغم ذلك ومحاولات " ست"، قاومت كل الظروف وطافت أرض مصر حتى تمكنت من جمع أشلاء زوجها فحبلت وولدت بعد ذلك ولدًا هو "حورس" الذي كان طفلًا ضعيفًا في البداية، ولكنها بدأت به رحلة للهروب من ست حتى قوي واشتد عوده وساعده، وعاد منافسًا لـ"ست" حتى تمكن من الانتصار عليه واستعادة ملكه، وتحررت مصر من حكمه البغيض المليء بالكره والشر والحقد. 

 هكذا كان الإخوان في حكمهم يشبهون "ست" ظنوا أن الكره والحقد سيعطيهم القدرة على حكم مصر وأنهم بعمليات الأخونة وخطط التمكين واستهداف كل من يعارضهم سيمكنهم من حكم مصر لـ500 عام مقبلة، كما كان يتخيل "ست" في الأسطورة المصرية القديمة، لم يدر بخلدهم أبدًا أن ينتفض الشعب مقاومًا لهم بعد أن سقطت عنهم أقنعة البراءة الزائفة والطيبة الخبيثة والتدين الظاهري الذي لم يلبث أن انقلب إلى تشدد وتطرف وتحريض، ورفض للآخر ولكل من قال لا من أجل الوطن وليس من أجل مصلحة أو سلطة.

ولم يدر ببال الإخوان "ست العصر الحديث" أن مصر كإيزيس لن تكف عن المقاومة ولن تستلم أبدًا أمام كل ألاعيبهم وحيلهم لإجبارها على الرضا بوجودهم في الحكم، وكأنه مصير محتوم لا فرار ولا مناص منه، لم يدر بخلدهم أن المصريين سيخرجون في يوم 30 يونيو كالحشود التي خرجت مع  حورس في معركته النهائية أمام "ست" والذي كما كان هو رمزًا للشر كانوا هم رمزًا للإرهاب والتخويف بالفوضى وسيلان الدماء والتهديد بالاقتتال وشبح الحرب الأهلية، ورغم كل المؤشرات التي كانت واضحة على أن المصريين لن يقبلوا باستمرارهم في الحكم والسلطة، إلا أن بصائرهم وبصيرتهم قد عميت فلم يروا إلا أنفسهم ومصلحتهم ومصلحة جماعتهم رغم ملايين المصريين في الشوارع والميادين التي قادتنا للحظة التاريخية مساء 3 يوليو ليعلن وقتها الرئيس عبدالفتاح السيسي عن عزل مرسي وانتهاء حكم الإخوان بلا رجعة. 

واليوم ونحن في الذكرى العاشرة للثورة المجيدة، نجد أنفسنا أمام تحديات جديدة كما كنا نواجه تحديًا كبيرًا وقتها، فمع ما شهدته مصر من تطوير وتنمية في كافة المجالات، إلا أننا في ظل ما يواجهه العالم من أزمات متعددة نجد أنفسنا في حاجة لاستحضار روح الـ30 من يونيو لاستكمال المزيد من البناء والتنمية في كثير من المجالات لنطور أنفسنا ونتحرر من كل ضغط أو قوى تريد التأثير علينا، لتكون مصر فقط هي القِبلة التي نولي وجوهنا شطرها، ونجعلها ترتدي ثياب الفرح والفخر والإنجاز  كما فعلتها "إيزيس" سابقًا في الأسطورة المصرية القديمة.