رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عمالة الأطفال.. حكايات من دفتر "الطفولة المؤجلة"

عمالة الأطفال
عمالة الأطفال

كانت حياة عمرو.ع، (13 عامًا) هادئة قبل أن تحل جائحة فيروس كورونا وتعصف بعمل والده، والذي كان يعتبر السند المالي الوحيد للأسرة المكونة من عمرو وشقيقه حياة وأمه وجدته فُصل والده من الشركة التي كان يعمل بها بسبب ضيق الحال في ذلك الوقت وخسارة الدخل الثابت للأسرة.

لم يكن أمامه سوى النزول إلى سوق العمل من أجل مساعدة أسرته في المعيشة، فتحول من طفل وطالب مدرسي إلى بائع للجوارب في مترو الأنفاق رغمًا عنه، حيث كان طالبًا في المرحلة الإعدادية وأحب دراسته رغبة منه في أن يصبح طبيبًا بعد التخرج.

يشعر عمرو أن حلمه ربما يتلاشى، بسبب مرض والده وعدم قدرته إلى الآن العودة للعمل، لذلك من يومها ويعمل عمرو رغم سنه الصغير، وتركه لمدرسته وحلمه في الالتحاق بالجامعة والتخرج والعمل بالشهادة التي سعى لأجلها كثيرًا.

استبدل عمرو الذهاب إلى المدرسة في الصباح بالذهاب إلى مصنع الجوارب الذي يتعامل معه من أجل الحصول على البضاعة ومن ثم التوجه إلى محطات المترو لبيعها، وظل على هذا الحال لمدة سنوات منذ أزمة الكورونا وحتى الآن.

عمرو هو طفل ضمن 1.6 مليون آخرين تتراوح أعمارهم من 12 - 17 عامًا في سوق العمل، بحسب المسح القومي لعمل الأطفال في مصر خلال العام 2022 الذي أفاد بأن هذا العدد يمثل 9.3% من إجمالي الأطفال في هذه الفئة العمرية، أي أن طفلًا من كل عشرة أطفال في هذا السن مدفوع إلى العمل.

التصدي لظاهرة عمالة الأطفال

واستعرضت  نيفين القباج وزيرة التضامن جهود الوزارة في التصدى لظاهرة عمالة الأطفال عبر استراتيجية ارتكزت على مواجهة أسباب الظاهرة، واتجهت الوزارة فى ذلك إلى دعم نظم الحماية الاجتماعية  لتعزيز وتمكين الأسر الأولى بالرعاية، وتشجيع الأطفال على المواظبة على الحضور بالمدارس.

وأعلنت قباج أن مواجهة عمالة الأطفال تمم عبر الخدمات المقدمة من خلال 17 مركزًا للطفل العامل في 14 محافظة؛ تستهدف تقديم الرعاية والحماية للأطفال في أنواع خطيرة من الأعمال، وتسعى إلى حل المشكلات التي تواجه الأسر وتدفع أطفالها إلى الالتحاق بسوق العمل، وذلك من خلال تحسين الوضع الاقتصادي.

عادل يعمل في فرن للخبز: «أحلم بأن أصبح مهندسًا»

عادل.ي، 14 عامًا، أحد ضحايا عمالة الأطفال أيضًا، والذي دخله بسبب ضيق الحال على أسرته التي تقطن في المنصورة، يعمل عادل في مخبز للعيش في النهار وبالليل في أحد ورش الحدادة، ويواجه مخاطر في كلا العملين، لا تتناسب مع سنه الصغير.

في الصباح يتحرك عادل من منزله إلى المخبز ويتحمل العمل الشاق والحرارة طوال اليوم، ورغم مهنته الخطرة إلا أنه لا يجد حلًا آخر، رغم كونه يحلم بأن يكون مهندس بعد التخرج: «أصبحت العائل الوحيد للأسرة بعد وفاة والدي وزيادة الاحتياجات».

كان حال عادل أفضل من عمرو حيث أنه لم يترك مدرسته، لاسيما بعدما دخل سوق العمل شقيقه الأكبر الذي يدرس في مرحلة الثانوية العامة، ويتكفلنا هما الإثنين بالأسرة، تاركنا خلفهما أحلام الطفولة التي لم تعد موجودة بسبب كثرة ساعات العمل والإنهاك الدائم، إلا أن عادل لازال لديه حلم أن يصبح مهندسًا لذلك لايزال مستمرًا في دراسته سعيًا خلف حلمه.

  • وفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تتركز 63% من عمالة الأطفال في مصر في الزراعة، و18.9% في التعدين والبناء والصناعات التحويلية، والباقي في البيع والمطاعم وغير ذلك، ويعمل 82.2% من هؤلاء الأطفال في ظروف سيئة وغير آمنة.