رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد الإعلان عن ملاحقة الضرائب لهم.. "الدستور" تخترق مافيا بيع الفواتير الإلكترونية

بيع الفواتير الإلكترونية
بيع الفواتير الإلكترونية

أطلقت مصلحة الضرائب مؤخرًا تحذيرا إلى الممولين بشأن التعامل مع وجود شركات بيع الفواتير الإلكترونية وتعامل أصحاب الشركات معها، وهو ما وصفته بأنه يعرض تلك الشركات إلى المساءلة القانونية باعتبارها مشاركة مخالفة قانونية صارخة تكبد الدولة ملايين الجنيهات من الخسائر.

من خلال عقد عدد من الصفقات الوهمية رصدت "الدستور" في هذا التحقيق وجود بعض شركات المخالفات الضريبية تلك بالفعل، التي تعزي إلى بيع فواتير إلكترونية لبعض الشركات بأسعار مخفضة بهدف تقليل قيمة الضرائب التي تدفعها تلك الشركات عن نشاطتها المختلفة خلافًا لحقيقة الضرائب المستحق دفعها، مقابل مبالغ مالية تحصل عليها منهم وهو ما يعد مخالفًا للقانون الذي ينص على معاقبة مرتكبة.
 عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" انتشرت عدد من الصفحات التي تروج إلى بيع هذه الفواتير الإلكترونية بأسعار مخفضة، وأرفقت بأرقام تليفونية للتواصل معها.

تاجر فاتورة إليكترونية: "الحصول على ١٪ مقابل التزوير و٢٪ للمحاسب والعنوان وقت التعامل

وبتواصل المحررة مع أحد أصحاب تلك الصفحات وادعائها أنها تحتاج الحصول على فواتير إلكترونية لشركتها، ولكن بأسعار مخفضة مخالفة للأسعار المستحق عليها دفعها، رحب مالك الصفحة الذي يدعى "نبيل"، موضحًا لها أنه يستطيع جعل ما تسدده للضرائب هو 2% فقط من إجمالي قيمة أرباح نشاطها، بدلًا من أن تدفع 14%، وهي تلك القيمة المستحق دفعها كضريبة قيمة مضافة.

«أقر مجلس النواب المصري قانون ضريبة القيمة المضافة في أغسطس عام ٢٠١٦  عند 13 بالمئة على أن تزيد إلى 14 بالمئة اعتبارا من السنة المالية 2017-2018 التي تبدأ في أول يوليو».
 

اشترط نبيل أن يقدم هذه الخدمة مقابل الحصول على 1% من أرباح شركتها، بالإضافة إلى  2% يحصل عليهم المحاسب "شريكه" الذي سيقوم بإصدار الفاتورة من أجل ضمان أن تكون الفاتورة سليمة-حسب ادعائه. 


 وأوضح تاجر الفاتورة الإلكترونية أنه في حال تعاونت المحررة معه سيرسل لها كل أول شهر إقرار ضريبي جاهز لكي يتم تقديمه في أي حال طلب الفحص من قبل مصلحة الضرائب ويظهر على أنه سليم، موضحًا أنه يتم محاسبتها على ٢٪ فقط من أرباحها بينما هو يرسلها للمصلحة على أنه تم حسابه على ما قيمته ١٤٪ من أرباح نشاط الشركة، ثم يرسل لها الفاتورة على هيئة ال pdf. 

وأكد المتلاعب في الفواتير الإليكترونية للمحررة أن لديه الكثير من العملاء الذين يتعاملون معه بتلك الطريقة من أجل التوفير على أنفسهم دفع نفقات الضرائب، والاكتفاء بمبالغ قليلة فقط مثلما يقدمها مؤكدًا للمحررة "شغلهم بيبقى سليم، وماحدش عرف يكلمهم" بل وأرسل لها عبر تطبيق الواتس آب نموذجًا لهذه الفواتير لطمأنتها تم إرفاقه بالتحقيق.
 

وعند سؤال المحررة عن إمكانية التواصل معه لدفع المبلغ المالي أرسل لها رقم هاتف "فودافون كاش" لتحويل المبالغ المالية له عليه، أما عند سؤالها عن مقر مكتبه تهرب وقال هو عند منطقة "ميت نما" جوار  الطريق الدائري "لما تيجي ابعت لك اللوكيشن". 


في منتصف 2019 ألزمت الحكومة المسجلين في المنظومة الضريبية بإصدار فواتير ضريبية إلكترونية تتضمن التوقيع الإلكتروني لمُصدّرها، والكود الموحّد الخاص بالسلعة أو الخدمة محل الفاتورة المعتمدة من مصلحة الضرائب المصرية 
 

وتعد منظومة الفوترة الإلكترونية هي إجراء يهدف إلى تحويل عملية إصدار الفواتير والإشعارات الورقية إلى عملية إلكترونية تسمح بتبادل الفواتير والإشعارات المدينة والدائنة ومعالجتها بصيغة الكترونية منظمة بين البائع والمشتري بتنسيق إلكتروني متكامل.
 

وحسب وزير المالية المصري محمد معيط، أكد أن بدء انطلاق التشغيل التجريبي لمنظومة الفاتورة الضريبية الإلكترونية يأتي في إطار رؤية مصر 2030 للتحول الرقمي، موضحًا أن الهدف الرئيسي من التطبيق هو دمج السوق غير الرسمي ومحاربة التهرب الضريبي، واستيفاء مستحقات الدولة.

تاجر فاتورة إليكترونية: "ادفع ٢٪ ضرائب بدل ١٤٪ مقابل مبلغ مالي"

صفحة أخرى على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تواصلنا معها، ولم يختلف الوضع كثيرًا عن حديث صاحب الصفحة الأولى، إذ قال إنه يمكنه تقليل قيمة الضرائب المستحق عليها دفعها إلى ما قيمتها ٢٪ من إجمالي أرباح النشاط، بدلًا من ١٤٪، لكنه طالب المحررة أن تكون الشركة حقيقية وليست وهمية لكي لا ينكشف أمرها. 

في تقرير لها كشفت منظمة النزاهة المالية العالمية «GFI» عن حجم الفارق «تضليل التجارة» أي مجموع فجوات القيمة التي تم تحديدها في التجارة بين 134 دولة نامية ومجموعة من 36 اقتصادًا متقدمًا في عام 2018، بأنه بلغ 1.6 تريليون دولار امريكي، وهو آخر عام تتوفر عنه بيانات شاملة.

وأضافت المنظمة في تقريرها الصادر مؤخرًا أن المشكلة الدولية المتمثلة في «تضليل التجارة» - عندما يقوم المستوردون والمصدرون عن عمد بتزوير القيمة المعلنة للبضائع في الفواتير التي يقدمونها إلى سلطاتهم الجمركية من أجل تحويل الأموال بشكل غير مشروع عبر الحدود الدولية، التهرب من الضرائب أو الرسوم الجمركية، وغسل عائدات النشاط الإجرامي، والتحايل على ضوابط العملة، وإخفاء الأرباح في الحسابات المصرفية الخارجية.
 

مدير المكتب الفني لرئيس مصلحة الضرائب السابق: يكبد الدولة خسائر جمة

من جانبه، أكد طلعت عبد السلام مدير المكتب الفني لرئيس مصلحة الضرائب السابق لـ"الدستور" أن اللجوء إلى مثل هذه الشركات بهدف تخفيض قيمة الضرائب المستحقة إنما هو شكل من أشكال التهرب الضريبي الصارخ ويعاقب عليه القانون بعقوبات تصل إلى الحبس والغرامة المالية الكبيرة.

مصلحة الضرائب : 1.9 مليون منشأة خارج الاقتصاد الرسمي «لا تدفع» | المصري  اليوم

وتابع أن مثل هذه الممارسات تكبد الدولة خسائر مالية ضخمة، تأتي بالضرر على اقتصادها والمستوى المعيشي لمواطنيها، مشيرًا إلى أن مصلحة الضرائب لا تبخل بأيًا من المساع والجهود لضبط المسئولين عن تلك الممارسات، وتابع ان بيانها الأخير بملاحقة مثل هذه الشركات المزورة في الفواتير يعني استمرارها في الملاحقة وكشف أعداد كبيرة منهم. 

«في مارس من العام الماضي تم اكتشاف 17 ألف حالة تهرب ضريبي، من خلال تحليل بيانات منظومة الفاتورة الإلكترونية، و قام 4 آلاف حالة تهرب منهم بالتصالح مع المصلحة  و تم سداد ما يقرب من 5 ونصف مليار جنيه».
 

تسهم الحصيلة الضريبية في مصر بأكثر من ٧٠٪ من الإيرادات العامة للدولة سنويًا.

عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية: لا يمثل تهربًا ضريبيًا فقط بل هو سرقة للمواطن المصري

الدكتور محمود السعيد عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة أوضح أن التعامل مع شركات لبيع الفواتير الإليكترونية بأسعار مخفضة يعد واحدًا من أكتر الممارسات الفاسدة التي تسع الدولة المصرية للتصدي لها، وتدخل ضمن استراتيجية الدولة لمكافحة الفساد.

 

تابع أن هذا الأمر لا يعد فقط تهربًا ضريبيًا بل أكد أنه يمثل سرقة لأموال الشعب مشيرًا إلى أن تلك الأموال كان الأولى لها أن يُقدم بها مشاريع في صالح المواطنين، وتقدم نفعًا عامًا لهم بدلًا من أن تتم سرقتها هكذا.

أما عن نجاح التزوير في الفواتير الإليكترونية على الرغم من صعوبة الأمر  أوضح السعيد أن أساليب الغش والنصب حاليًا أصبحت متنوعة ومتطورة بشكل سريع بتطور التكنولوجيا. 

وأشار “السعيد” إلى أن الحل يكمن في وعي المواطن من خلال إصراره على الحصول على الفواتير الإليكترونية ضمانًا لحقه، كذلك زيادة الرقابة وتشديد الحملات الرقابية من الجهات المسئولة على مقدمي السلع والخدمات للتأكد من سلامة اجراءاتهم الضريبية، وتفعيل القانون الرادع في معاقبة من تتبين مخالفته.

رئيس مصلحة الضرائب: من الجرائم المخلة بالشرف، وعقوبته تصل للسجن من ٣ إلى ٥ سنوات

وفي تصريح له قال رضا عبدالقادر رئيس مصلحة الضرائب أن أي نشاط تجارى يخضع للضريبة حتى لو كان عبر الإنترنت، كما لفت إلى أن الشركات التى تبيع سلعًا أو خدمات عبر الإنترنت، ملزمة بالتسجيل بمصلحة الضرائب، حتى لا تقع في جريمة تهرب ضريبى، كما أن الشركات التي تمارس التجارة الإلكترونية وبلغت حد التسجيل وهو ٥٠٠ ألف جنيه، ملزمة بالتسجيل بضريبة القيمة المضافة، وكذلك مقدمي الخدمات المهنية وغيرها من الخدمات الخاضعة لضريبة الجدول مهما بلغ حجم مبيعاتها.

وشدد عبد القادر على أن عدم تقديم الإقرارات الشهرية يعتبر من حالات التهرب الضريبي الذى يُعد من الجرائم المخلة بالشرف، وتصل عقوبته إلى السجن من ٣ إلى ٥ سنوات، لافتًا إلى أنه فيما يتعلق بالضريبة على الدخل، فيجوز للتاجر عبر «المتاجر الإلكترونية»، الاختيار بين تطبيق قانون ٩١ لسنة ٢٠٠٥، وتقديم إقرار سنوي عن صافي الربح مصحوبًا بسداد الضريبة المستحقة، أو التمتع بمزايا قانون ١٥٢ لسنة ٢٠٢٠ إذا كان من أصحاب المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وسداد الضريبة القطعية عن تعاملاته السنوية طبقًا لحجم أعماله.

وأهابت مصلحة الضرائب، بالممولين سرعة الإبلاغ عن هذه الشركات التي تدعي بيع فواتير الكترونية على الخط الساخن للإبلاغ عن حالات التهرب الضريبي على رقم 16189 من الساعة التاسعة صباحا حتى الساعة الرابعة عصرا عدا يومي الجمعة والسبت.