رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عمالة الصغار في مصر.. ظاهرة تهدد حقوق الطفل وتعرقل مسيرة التنمية المستدامة

عمالة الأطفال
عمالة الأطفال

في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، تلجأ عدد من الأسر لنزول الأطفال إلى سوق العمل، بحثًا عن مصدر دخل إضافي، لكن هذا الأمر يحمل دائمًا مخاطر كبيرة على حياة ومستقبل هؤلاء الصغار، الذين يتعرضون لأشكال مختلفة من العنف والاستغلال والإهمال.

في هذا التقرير التالي، تسلط “الدستور” الضوء على عمالة الأطفال في مصر، والجهود المبذولة لمكافحتها، والتحديات التي تواجهها، كذلك الآثار السلبية لهذه الظاهرة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فقد انخفضت نسبة عمالة الأطفال إلى 5.6% خلال عام 2021، مقارنة بـ 7% في عام 2014، وكانت أعلى نسبة في الوجه القبلي بلغت 7.4%، في حين الأقل في محافظات الحدودية والحضرية، التى سجلت (2.6% و2.7% على التوالي. 

وحسب دراسات، يبلغ حجم عمالة الأطفال في مصر نحو 3 ملايين، يمثلون ثلث الشريحة العمرية الموجودة بالتعليم الأساسي، وتزداد حدة الظاهرة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث ارتفع عددهم بمقدار 16.6 مليون طفل خلال السنوات الأربع الماضية.

 

ظاهرة خطيرة
 

من جانبه، يقول استشاري العلاقات الأسرية، محمود عدلي، إن ظاهرة عمالة الأطفال تزايدت في مصر خلال العقدين الأخيرين، خاصة بالقطاع الزراعي والاقتصاد غير الرسمي، وتؤثر سلبًا على تعليم وصحة ونمو الطفل، وتنتهكً حقوقه المنصوص عليها في اتفاقية حقوق الطفل وأهداف التنمية المستدامة.

ويوضح  "عدلي" في حديثه لـ "الدستور"، إن أسباب انتشار هذه الظاهرة تعود إلى عدة عوامل، منها الفقر والبطالة والتسرب من التعليم وانعدام الوعي بأضرار عمالة الصغار على نمو الطفل ومستقبله، وفي السنوات الماضية، أظهرت جائحة كورونا تأثيراتها السلبية على حالات عمالة الصغار في مصر، حيث تزايد تعرض المزيد من الأطفال لخطر الانخراط في سوق العمل، نتيجة لانخفاض دخل الأسر وإغلاق المدارس، وانعدام فرص التعليم عن بُعد.

ويتابع: "مكافحة عمالة الصغار في مصر تستوجب جهودًا مشتركة من قبل كافة المؤسسات والجهات المعنية، سواء على المستوى الحكومي أو المجتمعي أو الدولي، لضمان حق الطفل في حياة كريمة، وتوفير مستقبل آمن له".

ويختتم استشاري العلاقات الأسرية، إلى أن الطفل يُعد من أهم مقومات المجتمع، وأكثرها حاجة إلى الرعاية والحماية، فهو الوريث الحقيقي للأمة والضامن لاستمراريتها وتقدمها، لذا من الضروري توفير بيئة آمنة وصحية وتعليمية للطفل، حتى يتم تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للأجيال الحالية والمستقبلية.


 إجراءات صارمة
 

في هذا السياق، أكد الاستشاري القانوني، مصطفى أبو النصر، فى حديثه مع "الدستور"، أن الأطفال في مصر يواجهون تحديات تهدد حقوقهم، أبرزها ظاهرة عمالة الصغار التي تجبر الطفل على الانخراط في سوق العمل بسن مبكر، دون مراعاة لصحته أو تعليمه.

وينوّه "أبو النصر" إلى أن بعض التشريعات والقوانين تتصدى لهذه الظاهرة، فيحظر قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 تشغيل الأطفال دون سن 16 سنة، ويضع ضوابط وشروطًا صارمة لحماية حقوق الأطفال العاملين، كما يرخص للأطفال الذين يعملون في أعمال الفلاحة البحتة من تطبيق أحكام هذا القانون.

ويستكمل: "أطلقت مصر الخطة الوطنية لمكافحة أسوأ أشكال عمل الأطفال ودعم الأسرة 2018 - 2025؛ بهدف القضاء على عمل الأطفال بحلول عام 2025، وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية لمكافحة الظاهرة، إلا أنها لا تزال تواجه تحديات كبيرة، تتطلب تضافر الجهود من جانب كافة المؤسسات والفاعلين المحليين والدوليين، لضمان حماية الطفل من أي شكل من أشكال الاستغلال أو التهميش".

واختتم الاستشاري القانوني حديثه، بضرورة تركيز السياسات والبرامج على معالجة الجذور العميقة لعمالة الصغار، توفير بدائل مستدامة للأسر الفقيرة، تحسين جودة التعليم وإتاحته لجميع الأطفال، تعزيز ثقافة احترام حقوق الطفل في المجتمع، فقط بذلك يمكن أن نحقق هدف التنمية المستدامة، الذي يدعو إلى اتخاذ إجراءات فورية وفعالة لإلغاء عمالة الأطفال بحلول عام 2025.