رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"عصر الذنب".. كتاب يرصد وجوه المرض في ثقافة الإنترنت الحديثة

ثقافة الإنترنت
ثقافة الإنترنت

يقدم مارك إدموندسون، الأستاذ بجامعة فيرجينيا في كتابه "عصر الذنب: الأنا العليا في عالم الإنترنت"، تقييمًا صارمًا لثقافة الإنترنت الحديثة في الغرب.

قراءة جديدة لفرويد

وفقًا لموقع la review of books فإن إدموندسون يطرح قراءة جديدة لفرويد بالقرن الحادي والعشرين، ليوضح أن عالم الإنترنت صار مُشبعًا بالمرض، بعد أن أحدثت تكنولوجيا الإنترنت بعض التغييرات المقلقة. 

وحسبما أشار موقع "جامعة يال" فإن مفهوم فرويد للأنا العليا يمكن أن يساعدنا في فهم المناخ الثقافي القاسي للعصر الرقمي بعد أن أصبح الإنترنت الذي بدأ مكانًا مفتوحًا للفكر وتبادل الآراء ميدانًا للقسوة وإطلاق الحكم. 

ينظر مارك إدموندسون إلى الثقافة والخطاب المعاصرين من خلال مفهوم فرويد للأنا العليا، باعتبارها القاضي الأخلاقي الداخلي، الذي كان الشاعر ويليام بليك متناغمًا مع "ضغطها المظلم في إدانتها للذات". 

الإنسان في عصر الإنترنت 

وللتخفيف من وطأة هذه الإدانة التي تقوم بها الأنا العليا، فإن الإنسان في عصر الإنترنت يحاول التخفيف مؤقتًا منها بتوجيها إلى الخارج، فيعمد إلى إصدار الأحكام وحتى معاقبة الآخرين على المخالفات المفترضة، ما يؤدي إلى سلسلة من المرارة وحتى الكراهية. 

يتتبع إدموندسون العاطفة المدمرة للأنا العليا في السياسة والعرق والجنس والطبقة والتعليم وغير ذلك، بالاعتماد على الدراسات النفسية المختلفة،  ثم يقترح طرقًا لإدارة الأنا العليا وتحويلها إلى قوة إيجابية.

إصدار الأحكام على الآخرين

تشير القراءة، التي قدمتها صحيفة "واشنطن بوست" للكتاب، إلى أن الكاتب يلجأ إلى مفهوم التحليل النفسي للأنا العليا لفهم سبب هوس الكثير من الأشخاص بالحكم على أنفسهم والآخرين. 

قدّم فرويد فكرة الأنا العليا في عشرينيات القرن الماضي لوصف كيف يحكم جزء من شخصيتنا، هو الأنا العليا، على الأجزاء الأخرى، فعندما نعذب أنفسنا باتهام الذات أو نشعر ببساطة بالذنب لأننا لا نرقى إلى مستوى تطلعاتنا، فهذا هو الأنا العليا.

ويقدم عالم الإنترنت طريقة لإزاحة هذا العمل عن طريق إشباع تلك الرغبة بإصدار المرء أحكامًا بغضب على وسائل التواصل الاجتماعي بدلاً من معاقبة ذاته. 

رؤية للسعادة البشرية

يقول الكاتب إن المشكلة الرئيسية في تحليل فرويد هي أنه لم يطور أبدًا رؤية للسعادة البشرية وهذا هو ما يسعى إليه إدموندسون؛ فهو يدعو إلى أفعال قوامها الشجاعة والفكر والرحمة البشرية، كما يشجع الطلاب على "تبني المُثل العليا" كخطوة أولى نحو تجاوز عالم الجشع مشددًا على أن السعادة الحقيقية تعتمد على أن ينذر الشخص نفسه إلى شيء يحبه ويفيد الآخرين في الآن ذاته.

في "عصر الذنب" يعيد إدموندسون قراءة النظرية الفرويدية ليستكشف لحظتنا الاجتماعية الفريدة بالبصيرة النفسية والإنسانية وسعة المعرفة.