رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مفكر أمريكى: "شات جى بى تى" يقود إلى الانفصال عن الواقع

شات جي بي تي
شات جي بي تي

قال الخبير في مجال التكنولوجيا والفيلسوف الأمريكي جون نوستا، في مقال له نشره بموقع  "medium" بعنوان "ما بعد الحداثة والواقعية الفائقة لشات جي بي تي"، إن  التقنيات الحديثة في مجال الذكاء الاصطناعي باتت مصدر قلق حقيقيًا. 

"النسخ" تعم الحياة الحديثة

ويعتبر مفهوم المحاكاة، أو النسخ والتمثيلات المنفصلة، أمرًا أساسيًا في نقد جان بودريار للمجتمع المعاصر، الذي جادل بأنه بلغ ذروته في بيئة فائقة الواقعية أصبح فيها الواقع انعكاسًا للنماذج التي تحكمه. 

يمتلك "شات جي بي تي" القدرة على مفاقمة هذا الاتجاه من خلال خلق وهم محادثة شبيهة بالإنسان دون أي خبرة أو وعي إنساني أساسي، مما يسهم في مزيد من الانفصال عن الواقع، وهو ما يثير أسئلة أساسية حول طبيعة الحقيقة والإنسانية ودور التكنولوجيا في تشكيل فهمنا للواقع. 

ويستكشف "بودريار" مفهوم الواقعية الفائقة والطرق التي أصبح بها المجتمع المعاصر مشبعًا بالصور والعلامات والرموز المنفصلة عن أي واقع مرجعي، بتحديد ثلاث مراحل لما بعد الحداثة، يرى أنها تُختتم بظهور الواقعية الفائقة.

تتميز المرحلة الأولى مما بعد الحداثة بالتشظي وانهيار السرديات الكبرى، وتتضمن المرحلة الثانية تكاثر النسخ والتمثيلات التي ليس لها نظير أصلي أو حقيقي، أما في المرحلة الثالثة، فتظهر الواقعية الفائقة حيث توجد ضبابية في التمييز بين الواقع وتمثيله، بمعنى آخر، إنها علامة أو صورة لا تشير إلى أي حقيقة أساسية، ولكنها بدلًا من ذلك تخلق واقعها الخاص.

تزييف الذكاء الاصطناعي

مع تقدم الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، أصبح من الممكن الآن إنشاء صور ومقاطع فيديو منفصلة عن أي حقيقة أساسية. أصبحت التزييفات العميقة مصدر قلق كبيرًا حيث يمكن استخدامها لإنشاء صور ومقاطع فيديو كاذبة، ويمكن استخدامها للتلاعب بالرأي العام أو نشر معلومات مضللة. 

تخلق هذه التقنيات بيئة يصعب فيها التمييز بين ما هو حقيقي وما هو محاكى، مما يسهم بشكل أكبر في عدم وضوح الخط الفاصل بين الواقع وتمثيله. 

الواقع المشوّه

يشير المفكر الأمريكي في مقاله إلى أن "شات جي بي تي" صار هو المحاكاة المطلقة التي تسهم في الواقع الفائق المشوه المؤسس تقنيًا، فهي نظام أساسي للذكاء الاصطناعي يولد ردودًا طبيعية على مدخلات المستخدمين، لخلق وهم محادثة مع إنسان. 

لقد أوجد روبوت المحادثة ديناميكية جديدة، تتجاوز الصور الواقعية وتخلق واقعًا معرفيًا مفرطًا، بما يثير مخاوف بشأن إمكانية مساهمتها في مزيد من الانفصال عن الواقع. 

جادل بودريار بأن العلامات والرموز أصبحت منفصلة عن أي واقع مرجعي، وأن "شات جي بي تي" لديها القدرة على مفاقمة هذا الاتجاه من خلال خلق وهم محادثة شبيهة بالإنسان دون أي خبرة أو وعي إنساني أساسي بطريقة عفوية ومغرية.

فمع تقدم تقنية "شات جي بي تي" بشكل متزايد، يصبح تحديد ما هو حقيقي وما هو محاكى أكثر صعوبة، بما يثير تساؤلات حول طبيعة الحقيقة ودور التكنولوجيا في تشكيل فهمنا للواقع، فقد أصبح المجتمع المعاصر معتمدًا بشكل كبير على النماذج بحيث صار في خطر فقدان كل اتصال بالواقع.

يبين عمل بودريار الحاجة إلى توخي اليقظة للحفاظ على اتصال بالحقائق الأساسية في عالمنا، لا سيما أن هذه التقنيات أسهمت في مزيد من الانفصال عن الواقع وباتت مصدر قلق حقيقيًا بما يثير أسئلة أساسية حول طبيعة الحقيقة والإنسانية ودور التكنولوجيا في المجتمع المعاصر.