رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"لم يقاتل شاعر من أجل المرأة مثلى".. حكايات نزار قبانى عن النساء

نزار قباني
نزار قباني

"أنا محصول دمشقي مئة بالمئة كما الحنطة، والخوخ، والمشمش، والدراق، والجانرك، واللوز الأخضر، في بساتين دمشق" هكذ قدم الشاعر الراحل نزار قباني نفسه في حوار له بمجلة "الثقافة" بعددها رقم 1 والصادر بتاريخ 1 يناير 1993، مستطردا: اللغة التي أكتب بها أيضا هى محصول دمشقي، فلو فتحت ثقبا صغيرا في أبجديتي لانفجرت نوافير الماء، وطلعت من مسامات حروفي رائحة النرجس والريحان والفل والياسمين والزعتر والطرخون الذي أعتبره هويتي القومية.

وتابع: في أسفاري تمر بي أوهام كثيرة.. فأتصور مرة أنني سفرجلة، ومرة أنني صفصافة ومرة أنني مئذنة، ومرة أنني رغيف خبز تنوري، ومرة أنني سطل عرقسوس أو كوم صبارة مثلجة في ليالي الصيف، كل هذه الشئوون الصغيرة، كانت المواد الأساسية التي صنعت منها شعري، إن باقة طرخون تأتيني إلى لندن بيد مسافر.. تشعل النار في ثيابي وفي ذاكرتي بلحظة واحدة، كما أن ماء دمشق جعل شعري مائيا وعصافيرها علمتني معنى الانعتاق ومعنى الحرية، وبيتنا الدمشقي أعطاني صورة مصغرة عن الجنة.

"لم يكن الشعر عندي في يوم من الأيام وظيفة رسمية أؤديها كالخدمة العسكرية، ولا كان عندي شهادة دكتوراه أعلقها في برواز، كان زلزالا أكبر مني، وحريقا لا يزال مشتعلا في ثيابي منذ خمسين عاما حتى الآن" هكذا قال نزار قباني (21 مارس 1923 - 30 أبريل 1998)، مردفا: عن المرأة كتبت وعن الوطن كتبت واعتبرتهما موضوعا واحدا، فكانت المرأة تأخذ حينا شكل الوطن، وكان الوطن يتخفى في بعض الأحيان بملابس امرأة.

وخلال حواره أكد "قباني" أن المرأة العربية ليست ضائعة أبدًا، ولكنها سعيدة بضياعها ومستريحة "لما قسمه الله، عليها"، إنها تريد من يمضغ عنها لقمة الحرية، ومن يبلعها أيضا، تريد مائدة من سبعة ألوان دون أن تدخل المرأة، وتريد أن تقود انقلابا ضد ذكور القبيلة دون أن تطلق رصاصة واحدة وليس في قواميس الحرية، حرية "بالبلاش"، ولا في تاريخ الثورات، ثورة بلا شهداء، موضحا "لم يقاتل شاعر من أجل المرأة مثلي، ولم يشتغل أحد محاميا بالمجان خلال نصف قرن من أجل استصدار حكم ببراءتها كما فعلت أنا.

وأضافت: لكنني أعترف اليوم، أن المرأة لم تكن متحمسة لربح قضيتها ضد الرجل، فخلال الجلسات كانت تحاول أن تهرب لزوجها من وراء القضبان.. كيس شوكولاته.. أو رسالة غرامية، وكانت تريد أن يأخذوه إلى السجن، على شرط أن ينام في البيت وكانت تريد أن يحكموا عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة، وباختصار إن دعاوى المرأة ضد الرجل هي دعاوى "أونطة" وليس صحيحا أن المرأة تريد أن تقتل شهريار، فهي تقف بالطابور على بابه، حتى يأذن لها بالدخول إلى فراشه، وينجب منها عشرة أطفال لا يتذكر أسماءهم ثم يرسل لها ورقة الطلاق أو يذبحها.. هذه هى قناعاتي ولو أرادت المرأة أن تقلب الطاولة فوق رأس الرجل، وتخلعه من السلطة، وتعيده إلى بيت أمه لكانت ربحت المعركة منذ زمن طويل، ولكن المرأة العربية كبعض الدول العربية تتلذذ بهزائمها.