رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ماذا يحدث فى سوق الذهب؟.. توافر السيولة المالية وراء الإقبال الكبير على شراء المعدن النفيس

الذهب
الذهب

أرجع عدد من الخبراء ارتفاع أسعار الذهب بمصر، فى الآونة الأخيرة، وتحطيمها أرقامًا قياسية إلى تزايد الطلب على شراء المعدن النفيس، خاصة السبائك الذهبية، مقابل تراجع المعروض، فى ظل تزايد حدة الأزمة الاقتصادية واعتبار الذهب ملاذًا آمنًا للاستثمار، فى ظل الأوضاع الحالية.

وأوضح الخبراء، خلال حديثهم إلى «الدستور»، أن ارتفاع أسعار الذهب محليًا مقارنة بأسعاره عالميًا يشير إلى احتفاظ المواطنين بالسبائك والمشغولات والميل لادخارها بكميات كبيرة، رغم تحقيق مكاسب واضحة عن أسعار شرائها، مشيرين إلى أن ذلك يرجع لكون الذهب يعد «مخزن قيمة»، فى ظل مخاوف كثير من المواطنين من حدوث انخفاض فى قيمة الجنيه مقارنة بالدولار فى الفترة المقبلة، مع استمرار الأزمة الاقتصادية العالمية وتزايد تأثيراتها محليًا. 

هانى ميلاد: التكالب على شراء السبائك تسبب فى ندرتها ورفع أسعارها

قال هانى ميلاد، رئيس شعبة المجوهرات والمعادن الثمينة بالغرف التجارية، إن سوق الذهب تشهد زيادة كبيرة وغير مسبوقة فى حجم الطلب على شراء السبائك والجنيهات الذهبية فى الآونة الأخيرة، موضحًا أن الإقبال المتزايد أدى إلى قلة المعروض وتسبب فى ارتفاعات متكررة فى الأسعار فى فترة قصيرة.

وأضاف، خلال حديثه إلى «الدستور»: «ما يحدث فى سوق الذهب يرجع لندرة المعروض من الذهب الخام والسبائك، بسبب زيادة الطلب من المواطنين على شرائها فى الوقت الحالى، لانخفاض مصنعيتها، كما أن الذين اشتروا الذهب بأسعار منخفضة منذ عام لا يزالون يتمسكون بما اشتروه، أى أنه لا توجد مبيعات مقابلة رغم ما يمكن تحقيقه من مكاسب، ما تسبب فى اختلالات بالسوق».

وأشار إلى أن هناك زيادة فى الطلب على السبائك بشكل خاص رغم ارتفاع أسعارها، مع عدم وجود طلب مماثل على المشغولات الذهبية، مطالبًا المواطنين بعدم التكالب على شراء السبائك فى الوقت الحالى، لأنه السبب الرئيسى فى ارتفاع الأسعار، كما أنه تسبب فى ندرة محلية بها، مع استمرار الطلب بالتزامن مع أزمة استيراد المواد الخام.

لطفى منيب: التحوط والبحث عن ملاذ آمن للاستثمار أدى لزيادة 160% فى عام واحد فقط

اشار لطفى منيب، نائب رئيس شعبة المجوهرات والمعادن الثمينة بالغرف التجارية، إلى إن ما يحدث فى سوق الذهب، حاليًا، هو أمر غير مسبوق، خاصة بعدما شهدت أسعار المعدن النفيس زيادة كبيرة تخطت ١٦٠٪ خلال العام الأخير، مع تسجيل سعر الجرام من عيار ٢١ نحو ٢٨٠٠ جنيه لأول مرة فى تاريخ الصاغة فى مصر.

وأرجع السبب وراء ذلك إلى ارتفاع الطلب على شراء الذهب، خاصة السبائك والجنيهات الذهبية، مع قلة المعروض منها وعدم تلبيته حجم الطلب المتزايد. وأضاف: «هناك إقبال كبير من المصريين على شراء السبائك، وتم إنفاق جزء كبير من عائدات شهادات الاستثمار والادخار ذات عائد الـ١٨ والـ٢٢ والـ٢٥٪ على اقتناء الذهب، فى إطار التحوط والبحث عن ملاذ آمن للاستثمار، فى ظل الموجة التضخمية التى تتعرض لها الأسواق حاليًا بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية». وتابع: «يأتى ذلك وسط الصعوبة الكبيرة فى استيراد الذهب من الخارج، بسبب عدم توافر الدولار، وإعطاء الدولة الأولوية لاستيراد السلع الغذائية والقمح والدواء ومستلزمات الإنتاج والمواد الخام اللازمة للصناعة لتشغيل المصانع، وهذا أدى بدوره إلى تراجع كبير فى الكميات المستوردة من الذهب، خاصة أن نسبة البيع أيضًا أصبحت لا تقارن بعملية الشراء، ما زاد من حجم الطلب وقلة المعروض».

فادى كامل: التسعيرة غير مبررة وهناك تلاعب غير مسبوق من التجار 

اعتبر فادى كامل، الخبير بأسواق الذهب، أن تأثير الأزمة الاقتصادية أدى إلى تنامى الاستثمار فى الذهب لدى كثير من المواطنين، بتأثير من حالة الضبابية التى تسود السوق، والناجمة عن الارتفاع المتزايد فى معدلات التضخم.

وقال لـ«الدستور»: «تشهد السوق المحلية إقبالًا من المستثمرين على شراء السبائك والجنيهات الذهبية، فى ظل حالة الارتباك الناجم عن التوقعات بخفض كبير محتمل فى سعر الجنيه أمام الدولار، وهذا أدى لتزايد معدلات الشراء، وفتح الباب أمام التلاعب فى الأسعار، مع وضع تسعيرات غير مبررة، ولا تعبر عن العرض والطلب، إلى جانب انفصال السعر المحلى عن السعر العالمى».

وأضاف: «أسعار الذهب بالأسواق المحلية كانت تعتمد على سعر الأوقية بالبورصة العالمية، وسعر صرف الدولار بالسوق المحلية، والعرض والطلب، لكن حاليًا هناك تلاعب غير مسبوق داخل السوق، خاصة من تجار الذهب الخام وبعض الفئات المتحكمة فى الأسعار والباحثة عن تعزيز الأرباح لصالحها فقط، ما تسبب فى تحريك الأسعار بما يتجاوز ٢٤٠ جنيهًا للجرام مرة واحدة، وعرض محلات التجزئة للخسارة، وأدى إلى تآكل رصيدها من الذهب، ما قد يتسبب حال استمراره فى تدمير الصناعة».

وتابع: «كل ذلك يأتى وسط المخاوف من تداعيات الأزمة الاقتصادية، التى عززت من توجه المستهلكين للاستثمار فى الذهب، باعتباره أفضل أدوات التحوط وحفظ قيمة الأموال، وأدى التكالب على شراء الذهب إلى تغيير السياسة البيعية وتسليم العملاء مشترياتهم خلال ١٥ يومًا، مع نقص المعروض فى بعض الأوزان مثل الربع والنصف جنيه، واستحواذ أوزان ٥٠ و١٠٠ جرام على حصة كبيرة من المبيعات».

وأشار إلى أن أهم ما يميز الذهب كأداة للتحوط والادخار هو سهولة شرائه بقيم مادية بسيطة، وسهولة تحويله لنقد، كما أنه يعد عملة دولية يسمح بتداولها فى كل البلدان، ما يعزز من قيمته. ولفت إلى أن انخفاض مصنعية السبائك والجينهات الذهبية هو ما عزز من قوة الطلب عليها، مقارنة بالمشغولات، التى ترتفع مصنعيتها نتيجة مرورها بمراحل تصنيعية متعددة، وارتفاع نسبة الفاقد منها خلال التصنيع.

رفيق عباسى: العودة لاستيراد المواد الخام من الذهب تكبح جماح الأسعار

أوضح رفيق عباسى، عضو شعبة الذهب باتحاد الصناعات المصرية، أن أحوال سوق الذهب فى مصر تتوقف عادة على ٣ عوامل، أولها سعر البورصة العالمية، وثانيها سعر الدولار بالنسبة للجنيه، والثالث هو الطلب على الذهب فى مصر.

وقال: «أوضاع الذهب الحالى لم تتأثر بسعر البورصة العالمية لأن الاستيراد شبه متوقف، مع اتجاه الحكومة لوقفه فى ظل سياسة تراجع الاستيراد للمحافظة على الدولار، لكنها تأثرت بشدة بارتفاع سعر الدولار وتخوف الناس من انهيار مزيد من تراجع الجنيه أمام العملات الأجنبية، وهو ما أدى لارتفاع الطلب على شراء السبائك الذهبية، وبالتالى ارتفاع الأسعار بهذا الشكل، خاصة أن كثيرًا من المواطنين يفضلون شراء الذهب عن أى شىء آخر». وعن التوقعات بالنسبة للفترة المقبلة، أوضح «عباسى» أن أوضاع السوق ستتغير بتغير العوامل المؤثرة على ارتفاع الأسعار، مثل السماح باستيراد المواد الخام من الذهب مرة أخرى، ما يسمح بزيادة المعروض فى السوق، ويؤدى لكبح جماح الأسعار.