رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ثمن الاستقرار فى سيناء

أتابع ومعي الكثير من المصريين ما يجري من تطورات غير مسبوقة على أرض سيناء، حفلات غنائية صاخبة، وسباقات للهجن، ونصف وزراء الحكومة يتنقلون في شوارع مدن وقرى شمال سيناء بكامل الحرية والانسيابية، فى المدينة التي كان الإرهاب يحاول اختطافها لولا دماء الشهداء من أبناء مصر ممن دفعوا الثمن بأرواحهم الذكية.

لم يكن ليقف الكينج محمد منير فى جامعة العريش ليحيي ختام سباق الهجن وحوله أكثر من 5 آلاف شاب من ربوع سيناء وباقى المحافظات، إلا بعد تضحيات الشهداء الذين سقطوا خلال المواجهة من 2013 وحتى 2022، والذين بلغ عددهم أكثر من 3277 شهيدا، إضافة إلى 12 ألفا و280 مصابا، وهم من قال عنهم الرئيس عبدالفتاح السيسي: "لما أقول سقوط 3277 شهيدا يعني أن 3277 أسرة مصرية تتألم وستتألم طول ما هم موجودين، ودول دفعوا الثمن عشان البلد تعيش، ولما نخلص إزالة العبوات الناسفة والمتفجرات التي كانت موجودة واللي وضعوها في مناطق كتير في رفح والشيخ زويد والعريش، يمكن أن نعلن وقتها تطهير وانتهاء الإرهاب في سيناء".

ربما لا يدرك البعض الثمن الصعب الذي دفعته مصر ليعود الهدوء لسيناء إلى حد كبير، وقبله لعموم محافظات مصر، لنعيش أفراح الأعياد والانتصارات وسط إقليم يموج بعدم الاستقرار وبتسونامي نزوح لسكانه وعدم استقرار للحدود، لكن المؤكد أن المجتمع المصري كله دفع ثمنا كبيراً من مقدراته الاقتصادية وموارده الثمينة فى مكافحة الإرهاب ومحو آثار الإرهاب وتنفيذ عمليات التنمية.

بالأمس أرسلت مقطع فيديو لحفل الكينج محمد منير لأحد ضباط القوات المسلحة ممن قد التقيتهم على أحد جبال سيناء خلال العملية الشاملة "سيناء 2018"، ومنذ حينها ولا زلنا على تواصل بعد أن ربطتنا صدفة العمل، ما إن وصلته الرساله وجدته يهاتفني قائلاً: "أخيرا شوفت نتيجة تعبي أنا وزملائي اللي استشهدوا عشان نشوف المشهد ده"، مضيفاً: "تخيل لو كل الموارد التي أنفقت في مكافحة الإرهاب كانت أنفقت لتنمية سيناء وحدها لكانت الآن جنة الله على الأرض وتغيرت الأوضاع تماما".

كانت العديد من المنصات الإعلامية تصر على أن تدفع بمقولة حاولوا ترسيخها فى الأذهان بأن "سيناء خارج التغطية"، خارج تغطية شبكات الاتصالات الهاتفية والإلكترونية، خارج سيطرة الأمن، خارج اهتمامات التنمية واستراتيجيات الحياة الأساسية، إلا أنهم لو رأوا قبل أيام مشاهد من أطول مائدة إفطار جماعي على ساحل البحر بمدينة العريش، والتي بلغ طولها 5 كيلومترات، بحضور الآلاف من المواطنين في سيناء ومشايخ العواقل والعائلات ومعهم المسئولون، والتي تأتي في إطار عودة الحياة لطبيعتها في شمال سيناء واستقبال فصل الصيف- لتأكدوا أن الأوضاع فعلياً تغيرت، وأن الدعوات الأخيرة لزيارة شمال سيناء والاستمتاع بجوها المعتدل وطبيعتها الساحرة خلال موسم الصيف ليست مبالغة وأحاديث إعلامية.

أعلم وغيري أن الكثير من القوى الطامعة المتربصة تنظر لقلة السكان هناك وتعتبرها أمرا مغريا إذا حانت أي فرصة، وبالتالي بات مخطط الدولة لتوطين الكثير من المصريين في شمال سيناء بعد عودة الحياة بكامل طبيعتها، وكذلك مع وجود بنية تحتية متكاملة للحياة، يؤكد أن تعمير سيناء الذي أعلن عنه الرئيس السيسي خلال حضوره اصطفاف المعدات الخاصة بأعمال المشروعات في سيناء هو قضية الساعة ووجب واقترب وقت التسارع فى تنفيذها.

اللافت أيضاً في فعاليات سباق الهجن الدولي على ساحل مدينة العريش أنها شهدت أكبر حضور للجمهور من نوعه فى تاريخ سباقات الهجن، والذين حضروا من كل مكان بشمال سيناء والمحافظات المجاورة والقاهرة للمشاركة والاستمتاع بأقدم وأعرق الرياضات التراثية، والتي عادت لشمال سيناء بعد استقرارها أمنيا، وبعد فترة توقف استمرت لنحو 12 عاما، فيما تسببت سباقات الهجن في رفع أسعار الإبل من 15 ألف جنيه إلى 2 مليون جنيه لبعض الهجن، حيث أشار المسئولون إلى مشاركة 1280 جملا من مختلف الأعمار بالسباق.