رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«ملك مقام الكرد»..نجل القارئ محمود محمد رمضان: صاحب مدرسة نغمية متفردة ولم يسعي للشهرة(حوار)

القارئ الشيخ محمود
القارئ الشيخ محمود محمد رمضان

-اذهل عبد الوهاب وكمال الطويل بتنوع الجمل الموسيقية في تلاوته وسلب عقول وقلوب المستمعين

-«قرشين»أول آجر يتحصل عليه من القراءة ورجع منزله ماشيًا خوفا من سرقته

- ترك ثروة من السيرة الحسنة لا تقدر بثمن وعشقه الكبير والصغير من أهل حية


 

«أكرمني ربي بالقرآن، وعوضني بحفظ كلام الله افضل من بصري بملايين المرات» كلمات جاءت على لسان الشيخ محمود محمد رمضان، أحد عمالقة التلاوة الذي حفظ القرآن صغيرًا وأصبح  صاحب مدرسة متفردة في القراءة والتلون النغمي حتى لقب بملك مقام الكرد.


الدستور تواصلت مع أحمد محمود محمد رمضان الإبن الأصغر للقارئ الجليل، لنتعرف عن قرب عن حياة الشيخ محمود محمد رمضان والذي كشف كيف كان والده نشأة والده، وأصبح من القراء اللذين تركوا بصمة في دولة التلاوة  وإلى نص الحوار:

 

 

-حدثنا عن نشأة الشيخ محمود محمد رمضان ومتى أتم ختم القرآن الكريم؟


نشأ الشيخ محمود محمد رمضان في منطقة باب البحر في حي باب الشعرية، أحد المناطق الشعبية بالقاهرة و مجاورة لسيدنا الحسين والسيدة زينب، وجميع المناطق القديمة، وهو من مواليد 19ديسمبر 1927، وكان له أربعة أشقاء، 3إناث، وذكر واحد، ووالده كان تاجر أقمشة وله وكالة كبيرة أصبح مكانها الآن مكتب بريد باب البحر، ولم يولد الشيخ محمود رمضان كفيفًا ولكن كان يعاني مشاكل في البصر، وأجرى عملية جراحية فقد على آثرها بصره، وكان والده يريده قارئ للقرآن فألحقه بالكُتاب وبدأ حفظ القرآن ليختمه في سن العاشرة حفظًا وتجويدًا.

 

-كيف ظهرت موهبته كقارئ وكيف تعلم المقامات الموسيقية؟ 

 

خلال فترة حفظ القرآن ظهرت موهبته وبدأ  يشارك في إحياء الليالي القرآنية، وفي سن التاسعة شارك باحتفالية كبرى وهي تحويل معهد التجارة إلى كلية التجارة بأمر ملكي، وقرأ في الافتتاح وكتبت عنه مجلة الكواكب حينها «الطفل المعجزة»، وهنا سمعه الملحن الكبير أحمد صبرة والد زوجة إسماعيل شبانة شقيق الفنان عبد الحليم حافظ وعرض عليه أن يعلمه المقامات الموسيقية، ليضعه على الطريق الصحيح، ورأى عنده الموهبه وكان سعيد به وبموهبته.



- ما هو أول مبلغ حصل عليه والدك القارئ محمود رمضان؟

أول مشاركة له في إحياء مناسبة بأجر، كان في سن الحادية عشر، وحصل منها على قرشين، وكان سعيد جدا، وخوفًا أن يُسرق منه المبلغ قرر أن لا يستقل الترام، وقطع المسافة من السيدة زينب حتى باب الشعرية سيرًا.


- عاصر والدك عمالقة التلاوة فبمن تأثر؟

كان والدي الشيخ محمود محمد رمضان يحب أن يسمع كثيرًا، وأحب وتأثر بالشيخ علي محمود، والشيخ محمد رفعت والشيخ محمد سلامة، وكانت تلك الفترة بها عمالقة التلاوة، وزامل ما يقرب من 20 قارئ، وكان اغلب أبناء جيله من القراء تأثروا بالشيخ مصطفى إسماعيل ومنهم من كان يحاكيه في طريقته، وبرغم أنه كان يستمع لجميع القراء بجانب أنه كان دائم البحث والاستماع للكثير من الإذاعات بمختلف اللهجات واللغات؛ لكنه كان يرى أن كل قارئ يجب أن يتأثر بكبار القراء ولكن يجعل لنفسه شخصية منفردة يتأثر ولا يقلد.

 


ما قصة والدك مع مقام الكرد وكيف كان بمثابة نقطة تحول في مسيرته ؟

والدي كان يحب الإستماع، وكان يضع راديو صغير بجانب وسادته، و يستمع إلى إذاعات عربية وأجنبية منها الهند وباكستان وتركيا والعراق وغيرها وحصل على مخزون موسيقي كبير، حتى اصبح لديه ثقافة موسيقية لم يصل لها قارئ في جيله، وبدأ من هنا التعرف مقام الكرد، وكان هذا المقام ليس مشهور حينها ولا يقرأ به إلى القليل مثل الشيخ علي محمود، فبدأ القراءة به لذا أستطيع أن أقول أن والدي هو من أشهر مقام الكرد، كما ادخل عليه مقام جديد «آثر كرد».

 

ما أبرز ما كان يميز صوت الشيخ محمود رمضان؟

الشيخ محمود رمضان تميز صوته بالأحساس، فكان يشعر بالآية ويدرك المعنى، لكي يقرأ من مقام مناسب وبطريقة تدخل القلب فهو كان له باع كبير في التلون النغمي و مؤسس مدرسة الاحساس، وكان عددًا من القراء مثل الشيخ محمد عمران  الشيخ محمد السعدني، و الشيخ محمد الهلباوي، والشيخ ممدوح عبد الجليل عند سماعهم له يقرأ بمقام الكرد وآثر كرد قالوا له «احنا سمعنا حاجة مش موجودة أول مرة نسمعها».


ماذا عن علاقته بالمطربين والملحنين وما المواقف التي جمعت بينهم ؟


كان لوالدي اصدقاء من الفنانين منهم سيد مكاوي، وغيرهم، وكان يستمع لأم كلثوم وعبد الوهاب والغناء القديم مثل صالح عبد الحي، ومن المواقف التي لا تنسى، أنه كان يقرأ في الذكرى الأولى لوفاة الفنان عبد الحليم، وجاء له إسماعيل شبانة، وقال له الأستاذ عبد الوهاب مبسوط أوي وعاوز يسمع الآيتين تاني زي ما قولتهم، كما قال له أيضًا الدكتور محمود غراب أحد السميعة المشهورين وكان دائم التواجد مع كبار القراء، عندما 
كان والدي يقرأ سورة الحديد، أنه قفل قفلة جعلت  الملحن كمال الطويل ينتفض من مكانه بسبب غرابتها وجمالها، حيث كان يجمع بين النغمات الموسيقية بطريقة غريبة لكنها جميلة فهناك أشياء تكون مستحيلة مع بعضها ولكنه يفعلها، ومن يفهم الموسيقى يكون رد فعله غير عادي، «أي حد يعمل كدة لازم يحدث نشاز لكن مع والدي كانت تخرج بشكل سلسل وتنقل وتنوع غير عادي».

 


ما المواقف التي لن تنساها عن والدك؟

عقب إذاعة تلاوة لوالدي في الإذاعة، تلقي مذيع كبير في الإذاعة مكالمة من أحد الجماهير سأل عن  القارئ، وقال أكثروا من تلاوته لأنه يقرأ بطريقة لا احد يقرأ بها، وليست موجودة ويتميز بصوت جميل، وعندما سأله عن من المتحدث قال له محمد عبد الوهاب، كما أن ملحن خليجي قال لي الحمد لله أن والدك ليس مطرب، لأن لن تستطيع فرقة موسيقية تتبعه معبىرًا نصًا: «والدك بيروح في حتة تانية مفيش نوتة تجيب ألي هو بيعمله».

 


من كان الأقرب إلى والدك من قراء جيله؟

والدي كان محبوب من الجميع والشيخ عبد العزيز على فرج  كان دائم العمل معه بالإضافة للشيخ محمد عمران و الشيخ محمد الهلباوي بحكم الجيرة، والشيخ محمود ابو السعود و الشيخ البنا، والشيخ  محمد السعدني القارئ السكندري، وعندما كنا نزوز الإسكندرية، كان يدعو والدي للتجمع في منزله ويجمع قراء الإسكندرية في جلسة خاصة بمنزل الشيخ السعدني لسماع قراءة والدي حتى الفجر.

 

لماذا تأخر الشيخ محمود رمضان في الالتحاق بالإذاعة وهل سافر للخارج؟

الشيخ محمود رمضان كان لا يحب الشهرة ولا يسعى إليها، فلم يكن يخطط للإلتحاق بالإذاعة، و ألتحق بها في عام 1972، وكان أبناء جيله ألتحقوا بالإذاعة من الخمسينات، أما السفر للخارج فكان القراء المكفوفين غير متاح لهم السفر لإحياء الليالي بالمساجد الكبري في شهر رمضان بالخارج، وكان يقام سرادق كبير أمام قصر عابدين كان يقرأ فيه، وسافر مرتين للحج وعندما تعرفوا عليه أثناء للحج ألتفوا حوله وقرأ في مسجد نمرة.

 

كيف كانت حياة الشيخ محمود في منزله ووسط أبناء حيه؟

في المنزل كان يشع طيبة غير عادية، وكان 
باب الشقة يفتح في الصباح ولا يُغلق ويمتلئ المنزل بأهالي الحي وأطفال الجيران الذين كان ينادونه «بابا الشيخ» وكان يكلم الأطفال بصوت اطفالي وكلت بيحكموه بين الناس براءة مع الطفل وحكمة مع الكبير، الناس كانت تهابه وتعمل حساب، والفلوس ألي معاه مش بتاعته وكان يهادي جميع الناس، لما يكون عنده صلاة فجر واحنا خارجين لو محلات فاتحة الناس كانت تقفل محلاتها وتتحرك معانا.


ماذا تعلمت من الأب الشيخ محمود رمضان؟

برغم أن والدي توفي وعمرى 16عامًا إلا أنني تعلمت منه أشياء كثيرة أنا وإخوتي فنحن 7 أشقاء 3 إناث و4 ذكور وأنا أصغرهم، وأهم ما تعلمته منه هو حب الناس، والحرص على القرآن وهو ما كان يبثه فينا، فعندما توفى لم يترك مال ولكن ترك ثروة من السيرة الطيبة والقرآن، والبركة ونحن في هذا الخير حتى الآن، ومقام من الحب الخالص وضع في قلوب زملائه من القراء، والشيخ عمران قالي بعد والدك معرفتش أصاحب حد غير الشيخ حصان لانه يشبهه في الخلق.
 

IMG-20230402-WA0030
IMG-20230402-WA0030
IMG_٢٠٢٣٠٤١٩_١٦٤٢٣٧
IMG_٢٠٢٣٠٤١٩_١٦٤٢٣٧
نجل القارئ محمود محمد رمضان
نجل القارئ محمود محمد رمضان
IMG-20230402-WA0023
IMG-20230402-WA0023
IMG-20230402-WA0021
IMG-20230402-WA0021