رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«نقد الفكر السلفى» كتاب يناقش أسباب صعود السلفية فى العالم العربى

نقد الفكر السلفي
نقد الفكر السلفي

صدر مؤخرًا عن دار المعارف للتوزيع والنشر كتاب في نقد الفكر السلفي للشاعر والناقد الأكاديمي الدكتور محمد سيد إسماعيل، والذي أكد فيه  "لا يمكن الحديث عن السلفية بوصفها خطابًا فكريًا واحدًا فهي – فى الحقيقة – مجموعة من الخطابات والمفاهيم المتناقضة، ناهيك عن تناقضاتها السياسية حيث تحرم إحداها معارضة الحاكم إطلاقًا أو حتى نصحه جهارًا على الملأ، بينما تبيح اتجاهات أخرى معارضته والخروج عليه ومواجهته بالسلاح باعتباره "طاغوتًا" يحكم بغير ما أنزل الله.

 

وتابع سيد إسماعيل أن بعضها يحرم المشاركة السياسية لقناعته بأن الديمقراطية نظام "كفرى" مأخوذ من الغرب "العلمانى"  الإلحادى، ولأنها – أى الديمقراطية – تعطى الإنسان الحق فى التشريع لنفسه فى حين أن التشريع حق مطلق لله، حيث "لا حكم" إلا له، ويمكن تفسير هذه التناقضات على أساس أن "السلفية" يغلب عليها طابع الحركات الدعوية الخدمية، وتفتقر إلى آليات الخطاب الفكرى لكنها – للحق – تنطلق جميعها من مفهوم واحد، وهو ضرورة العودة إلى فترة السلف الصالح.

 

وفي الفصل الأول ذهب محمد سيد إسماعيل إلى تفسير ما يسمى السلفية النصوصية وهي تلك التي تعتمد على ظاهر "النص" وتنفر من التأويل والتفسير المجازي وإعمال العقل، وترجع هذه السلفية إلى القرن الثالث الهجرى ممثلة في مدرسة أهل الحديث والأثر تحت لواء أحمد بن حنبل، وكان ذلك فى مواجهة المعتزلة فى العصر العباسي.

 

وأرجع إسماعيل صعود السلفية إلى أنها جاءت "رد فعل لضعف الحضارة الإسلامية وتعرضها للانهيار مع سقوط عاصمة الخلافة، كما كانت رد فعل لشيوع الفلسفة اليونانية وعقلانية اليونان التي هيمنت على بعض المذاهب الفكرية في فترة ابن حنبل وهذا ما نلاحظه في صعودها الأخير على يد محمد بن عبد الوهاب الذي عاصر مرحلة التشتت والتشرذم فى المجتمع الإسلامي ووقوع معظم الأقطار العربية تحت الاستعمار الأوروبي.

 

ولفت إسماعيل "إلى حالة اغتراب الفكر السلفى، فهو يؤكد أن يعيش الفكر السلفى – فى الغالب – مغتربًا عن عصره بدءًا من الثياب التى يرتديها أتباعه وانتهاءً بالأفكار التى يعتنقونها، بل إن بعض الجماعات السلفية حرمت التعليم داخل المدارس الوطنية بحجة أخذها بالمناهج الغربية، وحرموا الوظائف بحجة أن رواتبها تأتى بطرق ربوية ناهيك – طبعًا – عن رفض التجنيد والالتحاق بجهاز الشرطة باعتبارهم حراس الطواغيت، ولعلنا قد لاحظنا ما هيمن على المودودى من إحساس بالاغتراب من سيطرة الإنجليز على الهند، وإحساسه بالخوف على مصير المسلمين داخل الهند بعد سيطرة الهندوس على حزب المؤتمر الهندى الذى كان يتبنى مشروع الدولة العلمانية الديمقراطية.

 

 يناقش الكتاب العديد من القضايا العالقة والتي على رأسها "السلفية ومعاداة الديمقراطية، السلفية والمرأة ، العقل السلفي وتكفير مبادئ المواطنة، إلى جانب تناوله في الفصل  الثاني موضوع الوجوه والمرايا "سيد قطب" فى مرآة "محمد حافظ دياب".. ويذهب الكتاب لتفسير ما وصل إليه سيد قطب: من الشاعر الرومانسى إلى مُنظر الحاكمية عبر قراءة عميقة لكتاب الكاتب والدكتور شريف يونس والتى جاءت تحت عنوان «سيد قطب والأصولية الإسلامية»، ومنها إلى الأفكار المؤسسة لتنظيم "داعش" .. من شوكة النكاية إلى إقامة الدولة.

 وفي الفصل الثالث يناقش الكتاب فكرة «نحو ثقافة بديلة»، ناقش فيها سؤال النهضة، وماهية الحداثة، وعبقرية المكان وعبقرية الإنسان، والتجديد فريضة إسلامية وختم بالحديث عن الرواية والهوية من تقديم التراث إلى توظيفه.