رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأم في عيدها

الكاتبة الصحفية سهير عبدالحميد: أمى ..ما أنا إلا بعض منك

الكاتبة الصحفية سهير
الكاتبة الصحفية سهير عبدالحميد ووالدتها

 الأمومة ليس فقط شعور داخلي يولد معنا بل ممارسة نعرف مدى جوهرها فعلا بخوض التجربة هكذا تشير الكاتبة الصحفية والباحثة في التاريخ سهير عبد الحميد ، والتي تكشف عن اللحظة الأولي التى مارست فعل الأمومة، وانطلقت فيها ذاكرتها تبحث عن التاريخ القديم والأول لاحتضانها تلك المشاعر.

 

في السطور التالية تقدم عبد الحميد شهادتها عن الأمومة:  

الكاتبة الصحفية سهير عبدالحميد

سهير عبد الحميد :  أمي ..ما أنا إلا بعض منك

قالت: في ذلك الصباح الذي يبتعد عن الآن عشرون عاما حين احتضنت وليدي الأول، كانت بداية جديدة لي معك ..عرفتك حينئذ كما لم أعرفك قبلا، وأحسستك كما لم أفعل من قبل؛ فبينما أتلمس كفه الصغيرة وأتبين ملامحه وأشم رائحته أدركت ما كنته لك وكننته لي..وحين أعياني سر بكائه الأول أحسست بمقدار وجعك علي .... وحين وحين وحين  . وكلما خطا صغيري خطوة على درب الحياة ارتددت أنا طفلة تتعلق بك أكثر فأكثر . 

 

ولفتت إلى أن "اكتشفت كلما كبرت أنني لست سوى قطعة منك..أشبهك في كل تفاصيلك ..في حبك للحياة وتفننك في تلوين أيامك بطعم البهجة رغم كل الصعاب ، في طفولتك وعفويتك . ضبطت نفسي متلبسة بتقليدك في طقوسك اليومية وطريقتك في الحديث لأعي تماما أن الحبل السري بيننا لم ينقطع بمبضع الجراح فهو حبل ربط روحينا أبد الدهر .

 

وأشارت إلى أن  " أحببت مثلك مشاهدة الأفلام الأجنبية وسماع الست وردة  وشغل التريكو ومفارش "الإيتامين " وزينة رمضان وأطباق الزرع الأخضر كي تحل بركة العام الجديد ورائحة الملابس الجديدة وزهوة الأطباق في المناسبات والعرائس بأشرطتها البيضاء تزين كل ركن في البيت، رائحة الخبيز و"نقرشة الكعك" وضبط مذاق المخللات .

 

وأكدت أنه "مازالت تلح على ذهني نزهاتنا الصغيرة في وسط البلد، و أنا أشاهد كيف تنتقين وتتخيرين بذوق رفيع وعيون خبيرة. ندخل سويا شيكوريل ومنها إلى عمر أفندي ومحلات ممر الكونتيننتال -الذي أصبح مجرد ذكرى في مخيلتي -  حتى الآن ارتاد المحال نفسها التي كنتي تصحبيني إليها. 

 

حكاياتك عن مسرح البالون وعروض السيرك و فرقة رضا التي كان جدي يصحبك لمشاهدتها حببتني في هذا العالم الملون . ألم أقل لك إنني أحببت كل ما تحبين.

 

وحين تعييني الحياة لا أجد راحة النفس المنهكة إلا على أعتابك وفي تلافيف أحضانك  وأتلمس في كلماتك معينا من صبر السنين ، وفي أطباقك التي تعدينها مذاق لم أعهد له نظيرا .

 

وختمت " الآن وأنا على أعتاب الخمسين  اكتشف أنني صنيعة شغفك وأحلامك ودأبك وولعك بالأيام وصفاء روحك وعفويتك .فما أنا إلا بعض منك.