رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عين على المستقبل.. أميرات الحب والخيال

من ينظرون إلى المستقبل غالبًا ما يحافظون على الاستقرار ويسهمون فى حماية تراث الآباء والأجداد، هذا ما أؤمن به وأسعى إليه وأحض أصدقائى على الذهاب إليه، بمعنى آخر أن الاستغراق فى تفاصيل الحياة اليومية قد يعرقل العقل وقد يجهده وقد يزيد من تعاسة الإنسان .
هذا لا يعنى عدم الاهتمام بمشكلات الحياة اليومية ومحاولة حلها أولًا بأول  لكن يعنى أن ننظر إلى مباهج الحياة وما تقدمه لنا سيدات مصريات لم يجدن من يسلط الضوء عليهن إلا قليلًا .
اعتدت منذ سنوات عديدة أن أزور معارض الفن التشكيلى المصرى المعاصر، عاصرت الكبار وزرتهم فى أماكن عملهم وتحدثت اليهم مثل حامد ندا وإيهاب شاكر الذى سعدت بمعرفته من خلال روزاليوسف وصباح الخير وأيضًا من خلال السفر معه فى رحلة لا تنسى إلى سيوة رفقة الكاتب الناصرى الكبير محمد عودة والناقد السينمائى الذى لا يتكرر المستشار مصطفى درويش وخبير الإسلام السياسى نبيل عبدالفتاح ثم زيارته والسيدة سميرة شفيق زوجته فى بيت ابنته فى كندا حين عملت مديرًا للأهرام فى كندا ثم جميل شفيق والكبير جورج بهجورى الذى سعدت بزيارات متتالية إلى مرسمه فى وسط البلد واصطحاب الإعلامية الكبيرة رندة أبوالعزم لإعداد فيلم تسجيلى عنه، والفنان المثقف الكبير وجيه وهبة والراحل محمد الطراوى ومن قبل ومن بعد أعمال محمود سعيد التى انتشرت فى قارات العالم والتى تعد بكل المقاييس الأعلى ثمنًا وقيمة فى صالات سوثبى وكريستيزالبريطانية وهو الفنان الوحيد الذى تم إصدار كتالوج موثق ومقنن لأعماله، والنحات ناثان دوس ثم من فتحت لى نافذة كبيرة على أعمال "أميرات الحب والخيال" بنات وسيدات مصر الفنانة الراحلة جاذبية سرى التى ما أن كتبت عنها مقالًا فى "الأهرام لوموند ديبلوماتيك" بمناسبة صدور كتاب جاذبية وتحية وإنجى أفلاطون إلا وأصرت على مكالمتى تليفونيًا لتطلب من ناهدة خورى التى نظمت عروضها الفنية حتى اللحظة الأخيرة أن ترتب لنا لقاء وهو ما حدث لكى تغرقنى بكلمات جميلة وهى من هى سيدة الفن المصرى المعاصر.
بعد جيل الرائدات جاءت أجيال أخرى حريصة على العمل والإبداع وتقديم ما لديها من فن، لتأتى سعاد عبدالرسول لتتجاوز شلل العلاقات العامة فى الوسط الثقافى من خلل لوحات أنثوية تسعى إلى خلاص المرأة من خلال الوضوح والجرأة فى الطرح والتماهى مع الطبيعة فى أعمال لم نعهدها من قبل ما أدى إلى اقتناء لوحاتها من قبل متاحف عالمية رأت فى فنها رؤية مختلفة فاستقرت أعمالها فى متحف شازين للفنون ومتحف ورستر للفنون فى ولاية ماساشوستس الأمريكية، حيث جامعة هارفارد رفيعة المستوى بمدارسها الفنية الراقية.
فى هذا السياق أذكر ياسمين الحاذق وأعمالها المبهرة المغلفة بألعاب الطفولة، أحلام فكرى الكاتبة والمثقفة ونعمت الديوانى بلوحاتها المتفردة ومونل جنحو المتمسكة بشخصيتها الفنية لا تحيد عنها ترسم المرأة مجردة لتترك للمتلقى ترجمة الأحاسيس وتكوين الانطباعات ووفاء النشاشيبى الفلسطينية ورندة إسماعيل ورانيا الحكيم. 
يكاد لا يمر أسبوع إلا ويتم افتتاح معرض جديد لفنانة تشكيلية مصرية سواء من تخرجت في كلية الفنون الجميلة التى تأسست بأسم مدرسة الفنون الجميلة عام 1908 أو من قامت بدراسة الفن من خلال القسم الحر أو بالجهود الذاتية.
انتشرت "الأرت جاليريز" فى الزمالك التى تحولت إلى ما يشبه "الأرت هوب" أو ملتقى وتجمع للفنانين التشكيليين بحكم وجود كلية الفنون الجميلة بها ودار الأوبرا المصرية وما تحتويه من معارض الفن التشكيلى وأيضًا وجود قصر عائشة فهمى ومعهد الموسيقى، تحولت الجزيرة بشكل تلقائى ما أدى إلى بروز مبان قبيحة وإغراق شوارعها بكافيهات واختراق كوبرى إلى حاضن طبيعى للفنانات المصريات من كل الأجيال يطردن كل  قبيح  انتشر فى أرجاء المدينة بسبب سيادة أفكار عفنة تستخدم الدين السمح من أجل إشاعة التطرف بما يشى بإمكانية  أن تتحول الجزيرة إلى رئة للقاهرة تستنشق من خلالها الأوكسجين إذا كان هناك ثمة اهتمام بالبيئة وزراعة الأشجار وهو ما يتطلب دراسة موسعة من خلال مخططين معماريين.
ما يحدث هناك يماثل رياح التقدم التى تهب على قلب المدينة يجدد شبابها ويجذب المئات من الشباب إلى الفن الراقى. تحية لفنانات مصر اللائى يدخلن البهجة إلى نفوسنا.