رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«رودينا» ضحية التنمر.. هل تُصدر مصر عقوبة له قريبًا؟

ضحية التنمر رودينا
ضحية التنمر رودينا

ما لبثت أن شكت من الكلمات القاسية التي صفعها بها زميلاتها، حتى وقعت على الأرض جثة هامدة تتلقفها تلك الأرض لتكون أحن عليها من بشر كانوا كالحجارة أو أشد قسوة، هذه هي الطالبة رودينا أحدث ضحايا التنمر التي توفت مؤخرًا نتيجة تعرضها لكلمات قاسية من زميلاتها إثر مشادة كلامية، تسببت في انهيارها ومن ثم وفاتها عقب شكوتها إلى أهلها ما حدث.

  

شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الحزن، بسبب واقعة الطالبة رودينا أسامة، التي تبلغ من العمر 16 عاما، وتدرس بالصف الأول الثانوي في إحدى المدارس الخاصة بمنطقة الهرم في محافظة الجيزة، بعد تنمر زميلاتها عليها وتوجيه إساءات لها، ما أدى إلى وفاتها متأثرة بإصابتها بأزمة قلبية وسط تجاهل من إدارة المدرسة.

 

شهود عيان روا أن الطالبة خرجت من المدرسة إلى منزلها وهي في حالة انهيار تام، وروت لشقيقتها ما دار داخل المدرسة من جانب زميلاتها، وتبين أن رودينا أصيبت بهبوط حاد بالدورة الدموية، سقطت على إثر ذلك مغشيا عليها ولفظت أنفاسها الأخيرة قبل نقلها إلى المستشفى.

 

ولكن هل من عقوبة على الجاني الذي تسبب في وفاة "رودينا" هذه البريئة بعد أن فاضت روحها متأثرة بحزنها وألمها؟

 

خبير قانوني: عقوبة المتنمر الحبس 6 أشهر وغرامة 10 آلاف جنيه، وإذا كان طفل إيداعه في دور رعاية

حسن شومان المحامي بالنقض قال لـ"الدستور"، إنه وفقًا لتعديلات قانون العقوبات لسنة 2020 وحسب المادة "309" التي عرفت التنمر، فإن عقوبة المتنمر هي الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، مشيرًا إلى ضرورة انتباه المجتمع إلى مخاطر التنمر وضرورة تطبيقات العقوبات الرادعة على المتنمر لحماية ضحاياه الذين يكثرون يومًا بعد يوم.

 

ولفت شومان إلى أن الحكم القضائي في حال كان المتنمر طفلًا، هو إيداعه في دور رعاية، مشيرًا إلى أن تلك هي أقصى عقوبة، ولفت إلى أنه هنا يجب البدء مع الأطفال منذ البداية وتربيتهم تربية سليمة تلك التربية التي تتنافى تمامًا مع كافة أشكال القيام بالتنمر والإساءة للآخرين.

 

وكان قد قال والد "رودينا" الفتاه المتوفية بسبب تنمر زملائها، إن ابنته تعرضت في الأيام الأخيرة لأزمة نفسية حادة، بسبب مشادة كلامية بينها وبين زميلاتها بالمدرسة، بسبب كتابة أسماءهن على الديسك الخاص بها في الفصل متعمدين مضايقتها، وأكد أن ابنته ضحية تنمر زميلاتها وسط تجاهل إدارة المدرسة للمسألة، وأضاف: ابنتي حكت لي أنها تعرضت للتنمر من قبل زميلة لها أثناء الفسحة.

 

وقد فتحت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني تحقيقا بشأن الواقعة، بعد أن تلقت شكوى رسمية من قبل المدرسة وأهل الطالبة المتوفاة نتيجة للتنمر.

 

من جهته كان قد تناول مرصد الأزهر ظاهرة التنمر المدرسي من خلال مقال له سلط فيه الضوء على تلك الظاهرة باعتبارها تنامت في السنوات الأخيرة، وبرزت بشكل كبير على السطح.

 

ذكر المرصد أنه ووفقًا لإحصائيات صادرة عن منظمة اليونسكو بـ 2019، فإن تعدادًا يُقدر بربع مليار طفل يتعرضون للتنمر سنويًّا حول العالم.

 

وتابع المرصد أنه فيما يتعلق بمصر فقد أظهرت بيانات تابعة لمنظمة اليونيسيف 2019، أن نسبة 70% من أطفال مصر يتعرضون للتنمر من قِبَل زملائهم في المدارس علاوة على ذلك، أن تنامي ظاهرة التنمر بدأت تأخذ منحنى أكثر حدة ويخرج عن جدران المدارس وبين الطلاب والأطفال، حتى يصبح بمثابة ظاهرة تبرز على السطح في المجتمع المصري ما بين الحين والآخر، وباتت مشاهد مقاطع الفيديو المصورة التي تروج لحوادث تنمر جزءًا لا يتجزأ من حياة المصريين في الآونة الأخيرة.

 

وعن أشكال التنمر في مؤسسات التعليم قسمها المرصد إلي  التنمر البدني: ويقصد به إيذاء الآخرين جسديًّا، ويأخذ عدة صور منها: الصفع، والضرب الشديد، والخدش، والبصق، ويلاحظ اختلاف التنمر البدني باختلاف النوع، إذ يعد أقل شيوعًا بين الإناث عن الذكور.

 

وذكر المرصد، أن هناك نوع ثاني وهو التنمر اللفظي والذي أوضح أنه أكثر أشكال التنمر شيوعًا في جميع المراحل التعليمية، ويتمثل في إيذاء الآخرين لفظيًّا، ويأخذ عدة صور منها: السخرية، والانتقاد القاسي، والتشهير، والابتزاز، وإطلاق بعض الألقاب التي يكرهها الشخص على أساس الجنس أو العرق، أو الدين، أو الطبقة الاجتماعية أو الإعاقة. 

 

أما النوع الثالث من التنمر فهو التنمر الانفعالي والذي يطلق عليه البعض التنمر العاطفي، ويقصد به إيذاء الآخرين انفعاليًّا وإثارة غضبهم بالتقليل من شأنهم، ودرجة إحساسهم بذواتهم وثقتهم بأنفسهم، ويأخذ عدة صور منها: التجاهل، والعزلة، والعبوس، واستخدام لغة الجسد العدوانية، والازدراء. وتختلف أشكال التنمر المدرسي ونسبه بين الجنسين؛ حيث ينتشر بشكل أكبر بين الذكور مقارنة بالإناث.

 

وأصدر الدكتور رضا حجازي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، تعليمات للمديريات التعليمية قبل بدء العام الدراسي الجاري 2022/2023 بمنع كافة أشكال العنف والتنمر داخل المدارس.

 

كما كانت قد شددت وزارة التربية والتعليم، على تفعيل دور الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين في التصدي لهذه الممارسات بين الطلاب، ومتابعة سلوكيات الطلاب داخل المدارس من كافة الجوانب التربوية، والتعليمية، والصحية، والنفسية، بما يضمن الانضباط الذاتي للطلاب داخل وخارج المدرسة.