رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر اليوم فى عيد


الشعب المصرى الأصيل العظيم الحكيم فلنا أن نتفاخر به ونزهو، فهو صاحب الثورتين، وهادم الصنمين، صنم الاستبداد، وصنم الإخوان

لا أجد فى هذا اليوم إلا أن أكتب لكم مشاعرى لا أفكارى، فمنذ زمن والفرحة قد خاصمتنا، والحزن قد خيّم علينا، والفتنة قد أخذت مجالها إلى بلادنا، وكم كان مؤلماً أن تكون الفتنة مبعثها «ادعاء الدين والتدين» مع أن الدين والتدين ضد الفرقة والتشرذم، فإذا فرق بعضهم بيننا باسم الدين فاعلموا أنه لا دين لهم، وإذا قاتلونا وقتلونا وهدموا وشتموا فاعلموا أن مصر ليست وطناً لهم، ولكنها وطنٌ لنا، لا نحيد عنه ولا نبتغى سواه، فكما قال الشاعر الفيتورى : «ها هنا واريت أجدادى هنا، وهم اختاروا ثراها كفنا، وسأبقى أنا من بعد أبى، وسيبقى ولدى من بعدنا».

ولأن مصر وطننا لذلك فنحن اليوم فى عيد، مصر كلها فى عيد، فأخيراً وصلنا إلى رئيس مصرى حقيقى نعرفه ويعرفنا، يرانا ونراه، يتحدث بلغتنا ويفهم مشاعرنا، يرسم طريقنا للمستقبل، دون أن يغفل التنوع الذى تحمله الشخصية المصرية، أما الرئيس المعزول محمد مرسى فلم يكن رئيساً بالمعنى المعروف، ولكنه كان كما يقول الإعلاميون:«فاصل ونعود» وها نحن قد عدنا، ودخل الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى مبنى المحكمة الدستورية ليقف أمام قضاتها العظام، ليدلى بالقسم الرئاسى، لتغمر الفرحة بعدها مصر كلها، وتمتد الفرحة إلى بلادنا العربية الشقيقة، أما من فى نفوسهم مرض فقد زادهم الله مرضاً، لن تجد فى صدورهم قلوباً ولكن ستجد كتلة سوداء من الحقد والغل والحسد، وسينجينا الله من حقدهم المريض، وأظنهم قد ازدادوا حقداً وهم يسمعون كلمة المستشار ماهر سامى، نائب رئيس المحكمة الدستورية، فمع بلاغته كان صدقه، ومع صدقه كان تأثيره، ومع تأثيره كانت وطنيته، ولا أظن أن كل هذا إلا ليوغر صدور من لا يعرفون البلاغة ولا الصدق ولا التأثير ولا الوطنية، ولكنه فى ذات الوقت أشاع فرحة حقيقية فى قلوب المصريين وثقة فى شموخ وعلم وفهم وحنكة وحكمة قضاة مصر، والحمد لله أن أرسل لنا فى هذا الزمن العصيب شخصيات قضائية رفيعة تعيد لنا الثقة فى قضاة مصر بعد أن حاول فلول إبليس أن يهيلوا عليهم تراب الشائعات والتشويه، فكان المستشار عدلى منصور رمزاً وقيمة، وكان المستشار ماهر سامى علماً وفقهاً، وكان رموز الهيئات القضائية مفخرة نتباهى بهم أمام العالم كله . أما عن الشعب المصرى الأصيل العظيم الحكيم فلنا أن نتفاخر به ونزهو، فهو صاحب الثورتين، وهادم الصنمين، صنم الاستبداد، وصنم الإخوان، ورغم أن مصر ودعت عهد الاستفتاء على الرئيس ودخلت إلى الانتخابات التى يتم المفاضلة فيها بين أكثر من مرشح إلا أن الشعب حوَّل هذه الانتخابات إلى عدة استفتاءات، كان الاستفتاء الأول هو على ثورة مصر العظيمة ضد الجماعة الإرهابية، تلك الثورة التى شارك فيها الشباب الصغير الذى لم يتعد طور الطفولة، والشباب الذى اشتد عوده، والرجال والنساء من جميع الأعمار، وكان الاستفتاء الثانى هو على خارطة الطريق التى توافقت عليها القوى السياسية، ثم كان الاستفتاء الثالث هو على شعبية المشير عبد الفتاح السيسى الذى أثار بعضهم لغطاً حولها، أما الاستفتاء الرابع فقد كان على حب الشعب المصرى للجيش، فرغم أن دعايات رخيصة كانت تحاول النيل من الجيش إلا أن هذه الانتخابات كانت أبلغ رد على تلك الدعايات الرخيصة، إذ كان داخلاً فى تصويت الشعب انتصاره لرئيس له خلفية عسكرية رغم أنف أصحاب الدعايات الرخيصة.

ومع حلف اليمين الرئاسية انهارت شائعات تلك الجماعة الإرهابية، فالعالم كله اعترف بشرعية ما حدث فى الثلاثين من يونيو وشرعية ما بعدها، وفى حفل التنصيب العظيم جاءت الوفود تترى، رؤساء وملوك وممثلين لحكام ومؤسسات دولية، تبارك لمصر عهدها الجديد، وكم كان رائعاً مشهد الملوك والرؤساء العرب وهم يحيطون بمشهد تسليم السلطة، لتعود مصر من جديد قلباً للعالم العربى.