رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

17 كتابًا لهيئة قصور الثقافة فى حب طه حسين

معرض القاهرة الدولي
معرض القاهرة الدولي للكتاب

معظم الكتب نادر ولم يعد طبعه منذ فترة طويلة.. وفى الطريق كتب أخرى لقاهر الظلام 

لا يحتاج طه حسين مناسبة للاحتفال به.. فالاحتفال به واجب فى كل وقت وفى كل مناسبة.. لكن الظروف أهدتنا مناسبة إضافية للاحتفال به.. وهى أن هذا العام يوافق الذكرى الخمسين لرحيله عنا فى ٢٨ أكتوبر ١٩٧٣.. والحقيقة أن أمانة النشر فى هيئة قصور الثقافة كانت على مستوى المسئولية.. وانتبهت لهذه الذكرى الهامة وأصدرت سبعة عشر كتابًا لعميد الأدب العربى بمناسبة معرض القاهرة الرابع والخمسين للكتاب.. وهو ما أحدث حالة من الاحتفاء فى أوساط القراء خاصة الشباب.. وسد نقصًا كبيرًا فى فعاليات الاحتفال بطه حسين.. التى كان يجب أن تتصدى لها الجهة المنظمة للمعرض.. الكتب السبعة عشر التى صدرت هى الدفعة الأولى من كتب طه حسين.. تتلوها كتب أخرى للعميد فى قادم الأيام.. كما يقول الشاعر جرجس شكرى، أمين النشر فى هيئة قصور الثقافة.. الذى قدّم للسبعة عشر كتابًا أو أغلبها بمقدمة رصينة يتعرض فيها لأهمية طه حسين.. جاء فيها: 

كرّس عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، حياته لمناقشة المسكوت عنه فى الأدب العربى، وأيضًا فى المجتمع المصرى، وكان بحق مجدد الثقافة العربية ومدافعًا شرسًا عن العلانية، رفع شعار إعمال العقل منذ أن وطأت قدماه قاعة الدرس، سواء فى أروقة الأزهر أو فى مدرجات السوربون.. وبخلاف الكتب الأكثر شهرة للدكتور طه حسين مثل (الأيام) و(الفتنة الكبرى) وغيرهما.. أصدرت الهيئة عددًا من الكتب التى تعتبر نادرة ولم تطبع منذ فترة طويلة.. معظمها يضم مقالات ودراسات هامة للعميد كتبها على مدار حياته الثرية والمليئة بالعطاء.

كتاب «ألوان»

وفيه يصحبنا عميد الأدب إلى التعرف على بعض الكتب التى أثرت فى شخصيته وكانت لها بصمة فى حياته، وقد تنوَعت ما بين الأدب العربى الحديث والفرنسى والأمريكى وغيرها، كما احتوى الكتاب بعض الآراء الفكرية والنقدية المختلفة التى اتسمت بالجرأة التى ميّزت أسلوبه الفكرى.

وقع الكتاب فى ٥٢٩ صفحة، وتنوعت محتوياته، فقد تناول عدة عناوين منها: الأدب العربى بين أمسه وغده، الحياة الأدبية فى جزيرة العرب، بول فاليرى، شاعر الحب والبغض والكراهية، فى الحب، قصة فيلسوف عاشق، الأدب المظلم، وغيرها من العناوين الشيقة. وفى قصة "صور من المرأة فى قصص فولتير" من ضمن عناوين الكتاب، قال طه حسين: "كانت الأشخاص فى قصص فولتير وسائل من جهة ورموزًا من جهة أخرى".

وتناول عميد الأدب قصصًا فى الأدب الأمريكى لريتشارد وايت، والأديب الفرنسى جان بول سارتر، والسينما، والوباء، كما تناول رسائل سيسرون.

كتاب «من لغو الصيف إلى جد الشتاء»

فكتاب ألوان كانت له علاقة وثيقة بالكتاب الذى ألفه عميد الأدب بعد ذلك "من لغو الصيف إلى جد الشتاء" الذى يقع فى ١٨٣ صفحة من القطع العريض، ويضم مجموعة من المقالات التى نُشرت فى مجلة الرسالة عام ١٩٣٢، وقد تغلغل فى النفس البشرية وأخرج أحاديث الجد الممزوج بالدعابة أحيانًا، والخيال أحيانًا أخرى.

واحتوى الكتاب على الكثير من العناوين، وفى "الفاروق الشديد اللين" أخذنا فى عدة صفحات نعاين فيها مواطن الشدة واللين فى شخصية الفاروق عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، فقال حسين: "كانت شخصيته قوية جدًا، قوية إلى الحد الذى يعجز معه التاريخ عن مقاومتها فيضطر إلى أن يقبلها كما هى، لا يستطيع أن يزيد عنها أو ينقص منها". وكان يهدف من الكتاب أن الصيف هو الاستغلال الأمثل للفراغ، بينما الشتاء للتحصيل العلمى والمعرفى.

كتاب «جنة الحيوان»

وهو من الكتب غير الشائعة، ويقع فى ١٨٩ صفحة من القطع المتوسط، يتناول بين جنباته ١٨ قصة تتحدث عن الحيوانات وصفاتها فى شكل حكايات طريفة، وقد استطاع عميد الأدب فى هذا الكتاب أن يترجم كل لغات الحيوانات وإشاراتها وأصواتها فى قصص تتميز بالروعة والبساطة، وفى حكاية حديث الإوز اعتذر طه حسين للقراء على هذا العنوان الظريف، حيث صاغ قصة فكاهية عن جحا ونوادره.

كتاب «مرآة الضمير الحديث»

ويعرض العميد فى هذا الكتاب كينونة الفكر الحديث من خلال العديد من الحكايات التى وقعت فى ١٥٦ صفحة من القطع المتوسط وقسم فيه الكتاب إلى قسمين: وفى القسم الأول نسبه حسين إلى الجاحظ نسبة يتشكك فيها، بينما نسب القسم الثانى منها إلى كاتب مجهول، يكتب إلى صديق مجهول، وهى عبارة عن مجموعة من الرسائل التى تتفاوت من حيث الطول والقصر، والتى يتحدث فيها بصورة أساسية عن الصداقة وعلاقة الصديق بصديقه، والقاسم المشترك بين القسمين هو المرآة.

وفى "رسالة إلى" كأن الكتاب يواسى نفسه من شخص خذله، فبدأها عميد الأدب قائلًا: "لست أدرى كيف أدعوك! فقد كنت فيما مضى من الأيام أدعوك بالأخ العزيز والصديق الكريم، وأنا أخشى أن أسوءك وأن أسوء الحق إن دعوتك بهاتين الصفتين، إحداهما أو كلتيهما، أخشى أن أسوءك بإثارة الحزن والأسى فى نفسك، وبإثارة الندم فيها أيضًا، فأنت تعلم أنك لم تبق لى أخًا ولا عزيزًا لأنك ألغيت هذا الإخاء، ولا صديقًا كريمًا لأنك قطعت أسباب هذه الصداقة".

كتاب «من أدبنا المعاصر»

وفى كتاب "من أدبنا المعاصر"، كان يتحدث عن معاصريه، أبرزهم: الكاتب الكبير محمد حسين هيكل، ونجيب محفوظ وروايته "بين القصرين"، والشاعر السعودى عبدالله الفيصل وديوانه "وحى الحرمان"، وثروت أباظة وروايته "هارب من الأيام". وتناول عميد الأدب أيضًا فى هذا الكتاب الذى يضم ١٨٨ صفحة، الكثير من المسائل الأدبية والنقدية منها: التجديد فى الشعر، والواقعية كمذهب أدبى، وجمود اللغة وتجددها، وتطور الذوق الأدبى، كما يتعرَّض بالنقد لأداء مجامع اللغة العربية.

وأول كتاب تناوله فى مراجعاته قصة "هكذا خلقت" للكاتب الكبير الدكتور "محمد حسين هيكل" فقال: "لست أدرى أأهنئ صديقنا الدكتور محمد هيكل برجوعه إلى القصة أم أهنئ القصة برجوعه إليها، ولكنى أعلم أن قراء الأدب النقى الصفو هم الجديرون بالتهنئة، فهيكل بارع فى القصة لا يتحدث فيها إلى القلب والشعور وحدهما، ولا يتحدث فيها إلى العقل وحده ولكنه يتحدث إلى هذه الملكات كلها".

كتاب «فصول فى الأدب والنقد»

جمع عميد الأدب فى هذا الكتاب آراءه النقدية التى نشرها فى بعض الصحف، ويقع الكتاب فى ٣٢٤ صفحة من القطع العريض، وقد قدم بعض القراءات النقدية للكثير من الأعمال الأدبية المهمة للعقاد والحكيم، بالإضافة لفصول أخرى قدَّم فيها رأيه الخاص فى بعض المسائل الأدبية والثقافية، تلك الآراء أدت إلى حدوث خلافات فكرية وصلت لحد الخصومة الشخصية بينه وبين أدباء عصره، أهمها: "رجعة أبى العلاء" للكاتب الراحل عباس محمود العقاد، كما تطرق لقصة العقاد "سارة" حيث تناولها بالنقد والقراءة والعرض غير السخى.

كتاب «صوت أبى العلاء»

كان طه حسين شديد التأثر بالشاعر العراقى "أبى العلاء المعرى" من حيث التشابه فى النشأة والظروف التى أحاطت بحياة كل منهما وأهمها فقدان البصر فى سن مبكرة، وقد تطرق عميد الأدب إلى لزوميات أبى العلاء حتى تتعرف عليه الناس بطريقة نثرية وليست شعرية.

ويقع فى ١٨٠ صفحة من القطع العريض، قدم فيه عميد الأدب قراءة مبسطة وميسرة، وكتب مقدمته عنه وعنه شعره، فقال: "أذيع هذه النماذج من ترجمة اللزوميات ومعها النصوص الكاملة من شعر أبى العلاء، فمن استطاع أن يقرأ هذه النصوص دون أن يحتاج إلى ترجمتها فليفعل وخلاه ذم، ومن استطاع أن يقرأ الترجمة وعجز عن قراءة النص فليفعل، وحسبه ما يظفر به من الفائدة، ولكن قومًا بين أولئك وهؤلاء سيقرأون النص وسيقرأون الترجمة، وسيوازنون بين الصوت والصدى".

كتاب «خصام ونقد»

وهو من الكتب التى أثارت الكثير من الجدل حول الخلق بين الخاص والعام أو بين الذاتى والموضوعى، حيث وقع هذا الكتاب فى ١٥٠ صفحة من القطع العريض، وتناول العقبات والمشكلات التى تواجه الأدب العربى، مثل غياب الحريات، والتدهور الذى حل بالتعليم فى مراحله المختلفة.

وفى "منحة الأدب" قال عميد الأدب: "حياتنا الأدبية فيما يظهر من أمرها راكدة خامدة ما فى شك من ذلك، فقد أصبحت الكتب القيمة نادرة يمر العام دون أن يظهر منها كتاب واحد فضلًا عن كتابين أو ثلاثة كتب، فلا بد أن نتعاون جميعًا على حماية الحياة الأدبية من آفاتها وإبرائها من عللها، على أن نرد إلى الأدب شبابه القارح، فإن الأدب الذى يفقد شبابه لا خير فيه".

كتاب «خصام ونقد»كتاب «بين بين»

صدر هذا الكتاب عام ١٩٥٢، وهو عبارة عن مجموعة من المقالات المجمعة، تنوعت موضوعاتها ما بين النقد الأدبى، واستعراض المناخ الثقافى المصرى، وبين عرض للمشكلات الاجتماعية والسياسية التى بلغت ذروتها قبل ثورة يوليو، ووصف حال مصر فى أول مقال بالحزينة وسخر من الأوضاع آنذاك بشكل حاد. وحملت المقالات عناوين: بين الأدب والسياسة، أدب الصيف، حوار فى الأدب، عيد، طَيْف، ضمير حائر، الضمائر القلقة، فى الذوق، خوف، النفوس القَلِقَة، الوسائل والغايات، وغيرها.

كتاب «أحاديث»

ومن الطريف حقًا هنا أن عميد الأدب العربى لم تقتصر كتاباته عن الجدية والرصد والتحليل والمواقف فقط، بل امتدت مؤلفاته إلى العديد من الكتب الخفيفة ومن بينها كتاب "أحاديث" الذى صدر عام ١٩٥٩. وتحدث الراحل عن بعض جوانبه الإنسانية، فهو مثل الناس والأدباء يتألم ويحب، وتمتلئ نفسه بالأحلام التى يحب أن يُطلِع قُرَّاءه عليها، كما تناول مناقشاته مع أصدقائه الأدباء فى قضايا الفكر والأدب، حيث كان يهدف عميد الأدب فى هذا الكتاب إلى خلق نوع من العلاقة الإنسانية بينه وبين القراء. 

كتاب «كلمات»

ويبدو أن الكثير من المقالات المثيرة التى نشرها عميد الأدب العربى عن العديد من الموضوعات قد استهوته لكى يصدر كتاب "كلمات" الذى استبق فيه العالم أجمع عندما تحدث عن التحضر والعولمة قبل أن يتحدث عنها العالم بعقود طويلة.

وقد تحدث هذا الكتاب عن الحكاية الشهيرة فى انتخابات أحمد لطفى السيد، وتحدث عن أهمية التعليم، ومن ضمن المقالات المهمة التى احتوى عليها الكتاب مقال عن "العروبة والفرعونية"، وكانت هناك حملة على مصر بأنها منحازة للفرعونية لا إلى العروبة، فدافع العميد عن موقع مصر وتراثها، وتحدث بالأدلة عن ازدهار الأدب العربى فى الاحتلال العثمانى وبعض العصور الظلامية، وهناك مقال عن أزمة الثقافة والمثقفين، وأزمة الضمير العربى.

07كتاب «من بعيد»

وأما كتاب «من بعيد» الذى صدر عام ١٩٣٥، يقع فى ٦٠٦ صفحات، هذا الكتاب يقدم رؤية عميقة لعميد الأدب العربى عن واقع مصر من الخارج وهو يراها بكامل هيئتها، وليس من موقع مركزها، فقد وجَّه طه حسين لأبناء عصره، وظلَّ صداها يتردد حتى الآن، فهذا الكتاب ينقل صورة عن الواقع المصرى فى عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، وهو متنقل ما بين فرنسا وبلجيكا، الأمر الذى دفعه لإعادة النظر فى الكثير من مفاهيمه حول الثقافة والسياسة، بالإضافة إلى تلك العلاقة بين العلم والدين، والقدرة على التفريق بين الجدِّ والهزل.