رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دراسة: «في عامها الأول.. كيف أدارت روسيا الحرب في أوكرانيا؟»

الحرب في أوكرانيا
الحرب في أوكرانيا

نشر المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، دراسة بعنوان “في عامها الأول.. كيف أدارت روسيا الحرب في أوكرانيا؟”، للباحث الدكتور وليد ربيع، موضحا أن مع تعثر الجهود الدبلوماسية لاحتواء الأزمة في أوكرانيا بعد اندلاعها في الرابع والعشرين من فبراير 2022 أصبحت نُذر الحرب العالمية الثالثة وشيكة الحدوث رغم استبعاد المحللين فكرة المواجهة بين القوى العظمى في حروب قادمة لعدم وجود فائز وخاسر، بل الكل سيخسر في تهديد شامل للبشرية.

وأوضحت الدراسة، أنه مع بدايات عام 2022، أنصت العالم في ترقب إلى رسالتين عابرتين للحدود: الأولى نصها “من الجنرال باترك ساندرز قائد الجيش البريطاني إلى كل جندي: عليكم الاستعداد لمحاربة روسيا في حرب محتملة”، وجاءت الثانية من قائد الجيش الروسي لرئيس البلاد: “نظام حرب الفضاء الروسي إس 500 أصبح جاهزًا للقتال”، وقامت كل من بلغاريا وبولندا وسلوفكيا بمنح أوكرانيا 70 طائرة ميج 29 وسو 25 وتسمح لها باستخدام مطاراتها كقواعد خلفية.

وتطرقت الدراسة إلى الأهداف الروسية كما أعلنها الرئيس بوتين، وهي التخلص مما أسماه “النازية الجديدة”، وإعلان أوكرانيا دولة غير مسلحة، والتي اعتبرتها أوكرانيا شروط استسلام ورفضتها رفضا قاطعا، وفي الأسابيع الأخيرة من العام الأول تعود المعارك الميدانية بقوة إلى المشهد الأوكراني من بوابة محور دونيتسك، حيث تحاول موسكو تسريع وتيرة التقدم شرقا، معلنة استمرار عملياتها الهجومية باتجاه مناطق استراتيجية في إقليم دونيتسك تحت غطاء من أنظمة الدفاع الجوي التابعة لوحدات مشاة البحرية في أسطول المحيط الهادئ، يأتي ذلك فيما تحاول كييف الضغط على الغرب لتزويدها بأسلحة نوعية توقف التقدم الروسي.

وأشارت الدراسة إلى أنه اتحد الغرب -إلى حد كبير- في دعم أوكرانيا عسكريا، فبعض الدول تحجم عن تزويد أوكرانيا بأسلحة ثقيلة خشية أن يؤدي ذلك إلى إطالة أمد الحرب، في حين تقوم دول أخرى بزيادة شحناتها إلى أوكرانيا من الذخيرة والأسلحة الأكثر فتكا، كما لجأ الغرب في صراعه مع روسيا حول أوكرانيا إلى استعمال جميع أدوات الصراع -باستثناء المواجهة المباشرة- الممكنة بما فيها العقوبات الاقتصادية، في مواجهة روسيا بغرض إخضاعها وتدميرها وتحويلها إلى دولة فاشلة، والذي يعد الأكثر استعمالًا لسلاح العقوبات ضد الدول التي يراها مارقة، وسبق استخدامه بدءًا من كوبا والعراق وإيران وكوريا الشمالية وسوريا، مما أثّر سلبا في اقتصاديات هذه الدول وتنميتها، من دون أن تتأثر الدول الغربية بنتائجها، لكن جهود الغرب باءت بالفشل في اتباع تلك السياسة مع روسيا، إذ ارتدت هذه العقوبات على الغرب نفسه سلبا على جميع الأصعدة، خصوصا الاقتصادية منها، مما يعد سابقة في مسائل إدارة الصراع في العلاقات الدولية.

وحول مستقبل أوكرانيا أوضحت الدراسة، أنه يختلف الغرب حول مستقبل أوكرانيا مع طول أمد الصراع، وقد تحدث انقسامات داخل أوكرانيا نفسها مع احتمال ظهور فصائل مختلفة، مثل القوميين الذين يريدون مواصلة القتال، والذين يفضلون التسوية ويريدون التوصل إلى اتفاق وسيتعين على الغرب حينها أن ينحاز إلى أحد هذه الأطراف، مع وجود احتمال اندلاع حرب أهلية مقارنة بالوضع داخل أيرلندا في عام 1922، وقد تقوم أوكرانيا باتخاذ خيارات سياسية قد يعارضها الغرب وقد يصل بها الأمر إلى السعي لامتلاك سلاح نووي لضمان أمنها في المستقبل، فكلما استمر بوتين بالتهديد بالأسلحة النووية زاد الضغط أوكرانيا للاعتقاد بأن الطريقة الحقيقية الوحيدة للدفاع عن نفسها هي الإسراع بالحصول على سلاح نووي.

وأشارت الدراسة إلى أنه يرجع نجاح روسيا في إدارة أزمتها مع الغرب للأسباب الآتية منها عدم تقدير الغرب لقوة الدولة الروسية على المسرح الدولي، وعدم دراسة القادة الغربيين للعواقب التي يمكن أن تجرها عليهم سياسة فرض العقوبات على روسيا، والاستعداد المسبق للقيادة الروسية ورسم سيناريوهات مختلفة لما يمكن أن تشكله هذه العقوبات والتدابير المتخذة ضدها.

واختتمت الدراسة أنه تعد طريقة إدارة روسيا للصراع مع الغرب نهجا جديدا في حقل العلاقات الدولية، فهي أثارت إعجاب أعدائها قبل أصدقائها، وسيتدارسها الباحثون لاستخلاص العبر والدروس في كيفية إدارة الصراعات في المسرح الدولي، كما كان لسلاح الطاقة الذي يعد شريان الاقتصاد الغربي الدور الفعال في التأثير في الغرب، إذ أصبح الغرب يعاني أزمات اقتصادية تمثلت في ارتفاع معدلات التضخم، ومعدلات الإنفاق على الطاقة، فضلا عن التخلي عن التعامل بالدولار والدفع بواسطة العملة المحلية، مما ساهم في ارتفاع قيمة الروبل الروسي في الأسواق الدولية، والتحكم بمعدلات التضخم التي سادت في بداية الحرب بأوكرانيا. 

وأوضح أنه بجلاء أن الغرب استعمل بفكر يشوبه الجمود كل أوراق ضغطه في الصراع مع روسيا، لكنه مني بفشل وارتد الضغط عليه، في حين أن روسيا استعملت بنجاح سلاح الطاقة في صراعها مع الغرب.