رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«صاحب العمر القصير» جديد الروائية نهلة عبد السلام عن ميتا بوك

صدور  رواية صاحب
صدور رواية "صاحب العمر القصير" جديد نهلة عبد السلام

صدر حديثًا عن ميتا بوك للنشر والتوزيع، بالتعاون مع ذاكرة القصة المصرية رواية "صاحب العمر القصير" للروائية نهلة عبد السلام.

وقالت نهلة،لـ"الدستور":"حكاية لا تعترف بالنهايات وشخوص لا تعرف الاستسلام.. ثمة مخرج أكيد ولو أوصدت كل الأبواب.. بالحب ننجو.. بالونس.. بدفء الأهل والصحاب.. دوائر الأمان وحوائط الصد.

وتابعت "هي رواية مشغول "بكل من حزموا حقائبهم باكرا"ابطالها "سامر" الذي يبقى في ذاكرة الجميع.. الأطيب.. صاحب السيرة الأطول.وشهاب" المشغول بالركض واللهاث.. الفتاة التي حلمت بكل شيء.. ثم لم تكمل سوي ألبوم (بم بم).. "رزان" ومتاهة البحث عن نقطة بداية.. الارتداد إلى صفحة خالية من "عدي".، و "كريمة" التي ربحت حمام بالسيراميك والمرايات بينما رأس المال أخذه الغراب وطار.. و"رؤوف" الذي أرتضى دور السنيد بمباركة "بسيمة" وصمت "عبد البر".

ولفتت عبد السلام إلى ان الرواية  تشتعرض حياة "أسرة مصرية تظهر عليها كل أعراض تغيرات الثمانينات المجتمعية.. حيث لم يبقى حال على حاله.. وصولا" إلى الألفية الجديدة والفضائيات والمحمول والسوشيال ميديا.. النجومية للجميع، وصولا إلى بيع الهواء في زجاجات بعد دهانه دوكو كما كانوا يتندرون زمان، تستعرض صوبات الكمبوندات المحاطة بالأسوار والأسلاك الشائكة كي لا يدنسها العامة من الساكنين في الطل.

من أجواء الرواية "بتأمر عَ الراس وعَ العين.. فريد الأطرش

كريمة

اسم أمي وبعض من صفتها، لا تكاد تخلو سُفرتها من ضيف، ولذلك كان من طبيعتها الطهي في أواني ذات حجم كبير، كميات تفوق حاجة أُسرة مكونة من خمسة أفراد لا غير، وليس من الضروري أن تحل عليها في مواقيت تناول وجبات الطعام المتعارف عليها، فمتى حللت وجَب إطعامك، وإن كان ثمة أطفال؛ فلابد من نفْحهم بعض من ورق النقد الجديد ذي فئة تختلف واعتياد زيارتهم لنا، فإن كانوا عزيزي الزيارة؛ تعملقت الفئة، وإن كانوا غزيريها؛ تقزَّمت، وهو ما علَق بذاكرتهم حتى شبوا؛ فكانت بمثابة "ماما نويل"، يتهافتون لإبلاغها رسالة أو توصيلها حاجة، ثم تأتي النقدية ومعها حاجات تُغريهم بها المحال في الذهاب والإياب.

"كريمة" مع رمضان تستعد بأكياس البقالة والياميش، الزبونة الأشهر لدى محال الجُملة، حتى إنهم يتبرعون بتوصيل مشترواتها إلى البيت مجانًا، وبذلك تُعد أول من أدخل خدمة الدليفري قبل أن تعرفه البلاد والعباد بعقد على أقل تقدير، لتصبح تحصيل حاصل، كانت مأخوذة بالمكرونة الودع، يخيل إلي أحيانًا أننا التهمنا منها طِنًّا!، هذا بخلاف الأرز الذي يأتينا بالأجولة سنويًا من كفر الشيخ، والزيتون من الفيوم، والجبنة بخيرها من المنيا، والفسيخ من أسوان، "كريمة" لها في كل محافظة رسول يأتيها بخبرها اليقين وبضاعتها التي تشتهر بها، وأما العيد فله شأن آخَر تأتي بجوال من دقيق زِنَة خمسة وعشرين كيلو جرامًا، نجتمع عليه وبنات عمتي "نادية"، وتتعبق الشقة بروائح المخبوزات الشهية من بسكويت وكحك متباين حشوه بين ملبن وعجوة ومكسرات، والسادة من أجل "شهاب" باشا، "علياء" تجعل الواحدة بحجم برشامة ثم وبالمنقاش تحيلها لوحة، ماكيت مصغر للطبيعة يجعلك تراجع نفسك ألف مرة قبل التهامها، كنا نغض الطرف عمَّا ينتابها إذ ما مر بنا "شهاب"، إلا شقيقتها "عزة" التي تذيبها خجلاً بدندنتها "لو تعرفوا بنحبكم ونعزكم قد إيه لتقدَّروا حتى التراب اللي بنمشيلكم عليه"، ثم تردفها "وآه لو دقتوا الكحك عمايل ايديا وحياة عينيا"، وفي غياب عمي "ناجي" بناته إفراج، البيتي فور مهمة متروكة لنا نحن البنات، فمازال البال يسمح بالتفنن في تزينه بالشيكولاته وجوز الهند بعد لصقه بالمربى، كنا نتبارى في جعْل كل واحدة بهيئة مختلفة، والغلبة لمن تبتدع أشكالًا أكثرَ، "سامر" كان يشاركنا بشكل يطيح بمجهوداتنا، فما يتم رصه يقوم على الفور ببلعه، وحين ننتبه لفراغ الصاج يبادرنا بمقولته الميمونة "الحلو لحظة ظهوره لحظة اختفاؤه"، يرضي غرورنا بأننا أحسنَّا الصنع حد عدم سيطرته على نفسه، "سامر" الذي اختفي لاحقًا ساحبًا معه كل حلو، إذ لم يكن لدينا أحلى منه.

"كريمة" يقصدها القاصي والدَّاني، وما يطلبه أوامر، هي على قناعة بأن للكل نصيبًا فيما تملك، وأن النعمة تدوم بل وتزيد بالمنح، كانت أمي بمثابة مجمع خيري مصغَّر، تساهم في كساء وعلاج وإتمام زيجات تعسرت بسبب شح المال، ساعدتها الأرباح التي باتت تأتيها من شركة "الأبرار"؛ فوهبت جزءًا منها للسائل والمحتاج، حتى دمها كانت مواظبة على التبرع بشكل منتظم لإنقاذ حيوات بشر بانتظارهم أحبة لو قُدر ففقدوهم فلن يطيب لهم عيش بعدهم أبدًا.