رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على جمعة: الخرس خير من الكذب وصدق اللسان أول السعادة

د. على جمعة
د. على جمعة

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية، وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية: لقد اتفق العقلاء على مدح الصدق وذم نقيضه وهو الكذب، وكفى بالصدق مدحًا أن يدعيه من ليس أهله، وكفى بالكذب ذمًا أن يتبرأ منه من هو أهله، وقد أرشدنا ربنا إلى التمسك بهذا الخلق الفاضل في كتابه الكريم، وفي سنة رسوله العظيم صلوات الله عليه وسلامه، في نصوص أكثر من أن تعد، وقبل ذكر هذه النصوص، والصدق واجب بإجماع المسلمين والنصوص الآمرة به كثيرة جدًا، كما أن الكذب حرام بالكتاب والسنة، وهو من أقبح الذنوب وفواحش العيوب، وإجماع الأمة منعقد على تحريمه مع النصوص المتظاهرة على ذلك.

وتابع قائلًا: قال ﷺ: (طوي المؤمن على الخلال كلها غير الخيانة والكذب). [مصنف ابن أبي شيبة]، وقال صفوان بن سليم : قيل للنبي ﷺ: أيكون المؤمن جبانًا؟ قال: نعم . قيل: أفيكون بخيلًا؟ قال: نعم. قيل: أفيكون كذابًا؟ قال: لا. [موطأ مالك]، وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن الصدق  طمأنينة وأن الكذب ريبة). [المستدرك]، والصدق نجاة وقوة لأن الصادق لا يخشى من الإفصاح عما حدث بالفعل؛ لأنه متوكل على الله، والكذاب يخشى الناس، ويخشى نقص صورته أمام الناس، فهو بعيد عن الله، وقد قيل وقيل في منثور الحكم: الكذاب لص؛ لأن اللص يسرق مالكًا، والكذاب يسرق عقلك. 

وأضاف: وقال بعض الحكماء: الخرس خير من الكذب وصدق اللسان أول السعادة، وقيل: الصادق مصان خليل، والكاذب مهان ذليل، وقد قيل أيضًا: لا سيف كالحق، ولا عون كالصدق، وإنما يكذب الكذاب لاجتلاب النفع واستدفاع الضر، فيرى أن الكذب أسلم وأغنم فيرخص لنفسه فيه اغترارًا بالخدع، واستشفافًا للطمع. وربما كان الكذب أبعد لما يؤمل وأقرب لما يخاف؛ لأن القبيح لا يكون حسنًا والشر لا يصير خيرًا. وليس يجنى من الشوك العنب ولا من الكرم الحنظل، وقد نهى الشارع أن يحدث المرء بكل ما سمع، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: (كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع).

وأشار: نحن نعيش في هذا الزمان الذي يموج بالفتن، وقد كثر الكذب علينا، ومن حولنا، ووقع كثير من المسلمين فيه وإنا لله وإنا إليه راجعون، وما يحدث حولنا من أحداث يبين أن الكذب الذي هو ضعف وذل، أصبح لغة من يملكون القوة، ومن يملكون تدمير من هو أضعف منهم، ونعيش في زمان رهيب، وإن تخلينا عن أخلاقنا الفاضلة وعن الصدق سوف نذوب في هذا العالم الغريب، ولذلك ينبغي للمسلم أن يتذكر دائمًا ما طلبه الله منه في كتابه وعلى لسان نبيه ﷺ، من التزام الصدق والنزاهة حتى يغنم بسعادة الدارين.