رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وزير الزراعة: إفريقيا تحتاج لبناء نظم غذائية تنهى الجوع وسوء التغذية

جانب من المؤتمر
جانب من المؤتمر

ألقى السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، كلمة نيابة عن الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء فى الاجتماع رفيع المستوى حول "دعم قدرة الاستدامة في مجال الغذاء والأمن الغذائي في القارة الإفريقية"، والمنعقد حاليًا في مدينة أبيدجان الإيفوارية، بحضور تيموكو كوني، نائب رئيس جمهورية كوت ديفوار، وبعض رؤساء الحكومات والوزراء وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية ورؤساء الوفود.

ونقل "القصير" تحيات رئيس مجلس الوزراء للمشاركين في الاجتماع، معرباً عن نجاحهم في الخروج بتوصيات فاعلة تسهم بقدر كبير في تحقيق التنمية المستدامة والأمن الغذائي والتغذوي لشعوبنا العظيمة.

وقال وزير الزراعة، إن إاعدام الأمن الغذائي في إفريقيا يمثل، تحدياً متزايداً، وازداد الأمر سوءاً في ظل التحديات العالمية التي واجهت العالم مؤخراً بدءاً من جائحة كورونا ومروراً بالأزمة الروسية الأوكرانية والآثار الكبيرة والمستمرة للتغيرات المناخية، والتي تزداد عنفاً بمرور الوقت، لافتا إلى أن الأزمة الروسية الأوكرانية أدت إلى تفاقم الأمن الغذائي والتغذية على مستوى العالم وبصورة أكثر تأثيراً على القارة الإفريقية، باعتبار أن الدول الإفريقية من أكثر الدول الرئيسية المستوردة للغذاء.

وأضاف القصير، أن هذه الأزمة أحدثت ارتفاعا متزايدا في أسعار الطاقة والغذاء ودفعت بعض الدول إلى اتباع السياسات التجارية التقييدية مع زيادة اضطرابات في سلاسل الأمداد والتوريد، مشيرا إلى أنه على صعيد أزمة تغير المناخ فتعتبر محرك رئيسي لانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، حيث أثرت على مقدرة الشعوب على إنتاج الغذاء والحصول عليه وإستهلاكه خاصة في المناطق الهامشية والهشة مناخياً.

وأكد أنه يزداد خطر تغير المناخ بصورة أكبر على الإنتاج الزراعي في إفريقيا مع تزايد نوبات الجفاف والفيضانات بشكل كبير، حيث أصبحت هذه الظواهر أشد وطأة وأطول زمناً مما سبب انخفاضاً كبيراً في القدرة الإنتاجية للأراضي، موضحًا أن التقارير تشير إلى أن الأمن الغذائي في إفريقيا يتناقص بنسبة 20% مع كل فيضان أو جفاف، كما أن إفريقيا معرضة بصورة أكبر لخطر الجوع بسبب تغير المناخ، كذلك تشير إحصائيات البنك الدولي في 2020 بتعرض واحد من كل 5 أشخاص في إفريقيا للجوع كما يعاني أكثر من 228 مليون نسمة من سوء التغذية، كما لا تزال معدلات سوء التغذية غير مقبولة في إفريقيا خاصة السيدات والأطفال.

وأشار وزير الزراعة إلى أن إفريقيا واحدة من أقل المساهمين في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، حيث تبلغ نسبتها ما بين 3-4 ٪ فقط، إلا أنها تعتبر واحدة من أكثر المناطق التي تتأثر بشكل كبير بتغير المناخ، لافتا إلى أن الدول النامية والاقتصاديات الناشئة وخاصة الأفريقية لا تستطيع بناء أنظمة زراعية وغذائية مستدامة وتنفيذ برامج التكيف في مواجهة هذه التغيرات من موازنتها الخاصة إذ أن ذلك يشكل عبئا كبيرا عليها، ولذلك فإن الامر يستوجب أن تكون هناك برامج تمويل مبتكرة ومحفزة وميسرة من جانب الدول المتقدمة التي تسببت في أكثر من 80% من الانبعاثات الكربونية، وأيضاً من شركاء التنمية لتمكين الدول الأفريقية من بناء أنظمة زراعية وغذائية مستدامة وأكثر مرونة وقدرة على تحمل الصدمات والحفاظ على حقوق الأجيال القادمة، مضيفًا بأن سوء التغذية تعتبر عائقًا رئيسيا أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية نظرًا لتاثير ذلك على تنمية وإنتاجية العنصر البشري.

 
وقال القصير إنه فيما يتعلق بمخرجات القمم والمؤتمرات التي عقدها الإتحاد الإفريقي والتي كان منها قمة ملابو التى عقدت بدولة غنيا الاستوائية الشقيقة عام 2016، والتى انبثق عنها مجموعة من القرارات المرتبطة بدفع التنمية فى مجال الزراعة والغذاء والإستثمار والابتكار وتشجيع التجارة البينية بين الدول الافريقية لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأمن الغذائي لشعوب المنطقة الأفريقية، إلا إنه لعدم توافر التمويل الكافي وتنفيذ التعهدات المطلوبة لم تتمكن الدول من تنفيذ هذه المشروعات وهو ما يستوجب منا جميعاً البحث عن آليات لدفع وتنفيذ هذه التعهدات، لافتا الى  أن التنمية الريفية في القارة الإفريقية هي محور رئيسي للحفاظ على التقدم المحرز للتحول المستدام، وأن قطاع الزراعة محور رئيسي في التنمية الريفية، لذلك فإنه يحتاج إلى دعم أكبر خاصة للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة وصغار المربين والمزارعين ليصبح أكثر قدرة وكفاءة على الصمود، باعتباره القادر على تلبية الاحتياجات التغذوية والحفاظ على الموارد الطبيعية وأيضاً القادر على احداث التنمية المستدامة والاحتوائية فضلاً عن أن قطاع الزراعة هو من أكثر القطاعات الاقتصادية التي يمكن أن تحدث خفضاً للفقر وإنهاء حالة الجوع في إفريقيا.

وأوضح الوزير أن القارة الإفريقية تمتلك مقومات هائلة إلا أن استفادتها من هذه الموارد ما زالت محدودة لدرجة كبيرة بسبب التحديات التى تواجهها من حيث ضعف كفاءة استغلال هذه الموارد وارتفاع معدل الفاقد فى الناتج الزراعى والأنشطة المرتبطة به، وانخفاض التجارة البينية بين دول القارة نتيجة عدم توافر البنية التحتية واللوجيستيات، ما أضعف آليات تبادل السلع والخدمات بينها، يضاف إلى ذلك تأثير الصراعات والحروب على فرص إحداث التنمية وبناء الأنظمة الزراعية والغذائية المستدامة، مؤكدا ضرورة إحداث تحول فى النظم الزراعية يعتمد على الزراعة باعتبارها مستدامة وفعالة بقدر أكبر على الصعيد الاقتصادى والاجتماعى من أجل تحقيق الأمن الغذائى والحفاظ على صحة الشعوب، خاصة أن هذا القطاع هو القادر على استيعاب الوظائف خاصة للشباب اتساقاً مع الهدف الثامن ضمن الأهداف الأممية للتنمية المستدامة (تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل والمستدام والعمالة الكاملة والمنتجة وتوفير العمل اللائق للجميع).

وأكد وزير الزراعة أهمية النظر عند بناء هذه الأنظمة الى الدعم الفعال والمستدام لصغار المزارعين وأصحاب الحيازات الصغيرة باعتبارهم جزءا كبيرا من الحل فى الدول الإفريقية خاصة أن هذه الخطوة لن تعود بالنفع على صغار المزارعين فحسب بل يتعدى ذلك إلى تحسين النمو الإقتصادى وخلق فرص عمل فى المناطق الريفية وتحقيق التنمية الإحتوائية والقضاء على الفقر والجوع وتعزيز الاستجابة للأزمات الغذائية الطارئة، وذلك اتساقاً مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة وكأولوية رئيسية لبرنامج التنمية الزراعية الشاملة الأفريقية كأحد اهم مكونات أجندة التنمية في إفريقيا 2063.

وأشار القصير إلى أهمية مخرجات مؤتمر المناخ COP27 الذي استضافته مصر نيابة عن القارة الإفريقية، حيث تم الإقرار للمرة الأولى في تاريخ مؤتمرات المناخ بقضية الخسائر والأضرار، ووضعها على جدول الأعمال، واعتماد مقرر غير مسبوق، يُنشأ بموجبه صندوق للخسائر والأضرار لمواجهة تحديات المناخ خاصة في الدول الأفريقية، لافتا إلى أنه تم تخصيص ‏يوماً كاملاً من الأيام الموضوعية عن التكيف والزراعة، تضمن عددا من الجلسات الهامة منها جلسة من ملابو إلى شرم الشيخ والتي ناقشت التدخلات المطلوبة للتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه في سياق تحقيق الأمن الغذائي المستدام في الدول الإفريقية والعربية وآليات الربط بين مخرجات ملابو ورؤية ومخرجات مؤتمر المناخ.

أشار إلى أنه تم إطلاق مبادرة الغذاء والزراعة من أجل التحول المستدام – FAST والتي استهدفت تنفيذ إجراءات ملموسة من شأنها تحسين العمل المناخي وكمية ونوعية مساهمات تمويل المناخ لتمويل النظم الزراعية والغذائية بحلول عام 2030 لدعم برامج التكيف والابتكار الزراعي وتطبيق التكنولوجيا لتحقيق لدعم الأمن الغذائي والاقتصادي والعمل كمسرع لتمويل أنظمة الأغذية الزراعية لتحقيق مكاسب ثلاثية للناس والمناخ والطبيعة بما يحقق أهداف التنمية المستدامة.

وأضاف أن مصر أطلقت أيضا أثناء المؤتمر وبالتعاون مع الدول الإفريقية العديد من المبادرات المشتركة فى مجالات الاقتصاد الأخضر والمياه والغذاء والطاقة الجديدة والمتجددة، وأطلقت أيضاً مبادرة حياة كريمة لإفريقيا على غرار حياة كريمة المصرية والتى تستهدف تطوير البنية التحتية والنواحى الاقتصادية وتحسين دخول ومستوى معيشة السكان بما يغير وجه الحياة خاصة في المناطق الريفية، مشيرا إلى جهود الدولة المصرية فى السنوات السابقة وخاصة فى القطاع الزراعي من خلال إقامة عدد من المشروعات القومية الضخمة فى مجالات استصلاح الأراضي الرأسي من خلال البحوث التطبيقية والابتكار الزراعي والتكنولوجيا الزراعية المرتبطة بزيادة إنتاجية الفدان والإنتاج الحيواني والداجني والثروة السمكية لتحقيق قيمة مضافة وزيادة الصادرات الزراعية المصرية، وذلك من خلال الحفاظ على الموارد الاقتصادية الزراعية المتاحة وتحسينها ورفع كفاءتها والقيام بمجموعة من الإجراءات الاستباقية مكنت الدولة المصرية من توفير الأمن الغذائى الآمن والصحي والمستدام لشعبها العظيم من خلال مبادرات الحماية الاجتماعية ومبادرات محور الصحة ومبادرة حياة كريمة التي تعتبر الأكبر على مستوى العالم ليس فقط من حيث التمويل، ولكن من حيث أعداد المستفدين منها إذ تصل إلى ٦٠٪؜ من تعداد الشعب المصري.