رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خزعل الماجدى: «دراما تستنزلُ المطر» هو النواة الأولى الذى ظهرت منه الدراما

دراما تستنزلُ المطر
دراما تستنزلُ المطر

“دراما تستنزلُ المطر”، عنوان أحدث مؤلفات المفكر العراقي دكتور خزعل الماجدي، والصادرة حديثا عن مؤسسة أبجد للترجمة والنشر والتوزيع.

و“دراما تستنزلُ المطر”، يضم مجموعة دراسات وبحوث مسرحية قدمها ونشرها المؤلف في مؤتمرات ومجلات أكاديمية .

وكشف الباحث خزعل الماجدي لـ “الدستور” فحوى مؤلفه “دراما تستنزلُ المطر”، مشيرا إلى أنه: طقس استنزال المطر ــ الاستسقاء ــ  هو النواة الأولى الذي ظهرت منه الدراما والكوميديا والتراجيديا في عصور ما قبل التاريخ في وادي الرافدين.

وحين بدأ العصر التاريخي في سومر ظهرت أعياد رأس السنة وتجسدت الطقوس الدرامية الدينية الإحتفالية بوضوح، ونشأت من مساريات الإله ( ديموزي، تموز ) طقوس الكوميديا والتراجيديا في سومر، أما في بابل فقد ظهرت هذه المساريات مرتبطة بالإله مردوخ، وفي آشور ظهرت مع الإله آشور، وهكذا جمع عيد الأكيتو أصل الدراما والكوميديا والتراجيديا، حصل كلّ هذا قبل ظهور طقوس ديونيزيوس عند الإغريق بحدود 3000 سنة، ولذلك نرى ضرورة تصحيح تاريخ نشأة الدراما الدينية الأولى باعتبارها حاضنة لبدايات المسرح.

وأوضح “الماجدي”: يحاول الكتاب أن يقوم بهذه المهمة، عبر فصلين، ثم ينصرف لمناقشة جذور مسرح الصورة في الأصول الشعرية والآفاق الشعائرية، والمرور بالمقدمات الفلسفية والجمالية والشعرية لمونادا الصورة . ثم يناقش جسد الممثل تحوّله من الجسد الأنطولوجي ( الوجودي ) إلى الجسد الثقافي ( الضاجّ بالرموز و العلامات الثقافية ) من خلال المنهج التفكيكي في المسرح عبر مجموعة من الثنائيات المتلازمة.

وعلى مستوى النص المسرحي الذي غيّبته نصوص الفرجة يرى الكتاب قرب عودة النص المسرحي وبداية أفول كتابات الفرجة المسرحية. أما على مستوى الإنتاج المسرحي، فقد ناقش الفرق في طبيعة الإنتاج عند المجتمعات المعاصرة في الغرب والشرق، والصراع بين الجانبين الثقافي والإقتصادي كوحدة انتاج متلازمة، والتضحية بمستوى الجانب الثقافي لصالح الجانب الاقتصادي وبالعكس.


ــ نشأة المسرح وارتباطه بالطقوس الدينية

ويلفت المفكر العراقي خزعل الماجدي، في مقدمة كتابه “دراما تستنزلُ المطر”، إلي أن: دأب الباحثون على جعل أصل المسرح ونشأته مرتبطة بالطقوس الدينية عند الإغريق والخاصة، حصراً، بالإله ديونزيوس، إله الخمرة والخصب، والذي كان له نوعان من الأعياد، أولهما العيد الربيعي الذي يجري في بداية العام والذي نشأت منه الكوميديا حيث يضع الناس أقنعة على وجوههم ويرقصون ويغنون بمناسبة جني ووفرة المحصول.

 وتردد الجماعة المحتفلة الأهازيج والأشعار ويرافقها قصفٌ وسُكرٌ ونشوة جماعية، وكان طقس ديونزيوس، الذي يُلقب بحامي الأشجار، يقضي بتقديم غصونٍ وأعوادٍ وثمار نباتية من البذور والكروم والعنب، وديونيزيوس هو إله العنب، لتمجيد هذا الإله والغناء والرقص له وتقديم القرابين النباتية، من الكروم والبذور، لكي يقوم هذا الإله من موته ويحيا من جديد مع الزرع، فهو إله الخصب وسميت هذه الطقوس بالكوميديا والتي تعني حثالة أو تفل أو بقايا العنب المعصور، لأن المحتفلين كانوا يضعونها على وجوههم. 

أما التراجيديا فقد نشأت من العيد الثاني لديونزيوس الذي ترافقه احتفالات شتوية تخص غيابه وموته وعودته تحت الأرض، وتقدم له قرابين حيوانية، ولذلك كان يُضحى بحيوان ديونزيوس، وهو الماعز، وكلمة تراجيديا تعني (أغنية من أجل الماعز) حيث تقدم الأغاني الحزينة من ساتير ديثيرامب (ديثرامب نوع من الشعر الغنائي الدرامي)، وهي ترانيم يونانية حزينة تناسب استقبال الشتاء المكفهر البارد الذي بدا لهم أن النباتات تذبل وتموت فيه.