رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شبلول: اهتمام القيادة السياسية بالبعد الثقافى يكشف عن وعيها بالاستثمار فى البشر

أحمد فضل شبلول
أحمد فضل شبلول

حول توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي بعدم الاكتفاء بإقامة الأنشطة التجارية والخدمية في عملية التطوير الجارية لمرافق وطرق وكباري العاصمة وإضافة البعد الثقافي والمعرفي لتلك الأنشطة، خاصةً إنشاء المكتبات، قال الشاعر أحمد فضل شبلول في تصريحات خاصة لـ“الدستور”: إن اهتمام القيادة السياسية بالبعد الثقافي والمعرفي، للأنشطة التجارية والخدمية في عملية التطوير الجارية لمرافق وطرق وكباري العاصمة، شيء رائع في الحقيقة، لأنه يكشف عن وعي تلك القيادة بأن الاستثمار في البشر يوازي- إن لم يفق- الاستثمار في الحجر، ولا استثمار في البشر دون خطة ثقافية وبناء ثقافي عقلي وروحي، حتى يعي- على الأقل- أهمية المنجزات في المجالات الأخرى، وكيف تجاهد الدولة من أجل توفير حياة كريمة لمواطنها.

 

وأوضح “شبلول”: والمسألة ليست إنشاء مكتبات نكدسها بالكتب وأجهزة الكمبيوتر فحسب، ولكنها أعمق من ذلك بكثير، لأن الاستثمار في البشر وتنمية وعيهم الجمالي وحسهم الفني والثقافي يلزمه العديد من السنوات والتراكمات، فمن الممكن أن نقوم ببناء مكتبة في عدد من الأشهر، ولكن بناء العقول التي ستستفيد من هذه المكتبة يلزمه الكثير من الوقت، يفوق زمن بناء المكتبات أضعاف مضاعفة.

 

ولفت “شبلول” إلي أنه في صغره كان يتردد على المكتبات العامة في الإسكندرية، مثل: مكتبة البلدية، ومكتبة قصر ثقافة الحرية، وقبلها المكتبة المدرسية في المرحلتين الإعدادية والثانوية.

 

وقال: على مدى سنوات بدأت أشعر بأهمية المكتبة في حياتنا. وجميل جدا أن تنشأ في كل حي مكتبة عامة، فبالتأكيد سيعود نفعها على أهل هذا الحي، فوجود مكتبة تعج بأصناف المعارف وشتى أصناف الكتب، في نظري يوازي– إن لم يفق- في أهميته وجود زواية لمسجد أسفل بعض العمارات.

 

ولعلنا ونحن نتحدث عن أهمية الثقافة في حياتنا، والاستثمار البشري إلى جانب الاستثمار الحجري، نتذكر كتابين من أهم الكتب التي وضعت خارطة طريق ثقافية، نستطيع أن نستهدي بما جاء فيهما من أفكار وطروحات، وهما كتاب "مستقبل الثقافة في مصر" لعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين وقد وضعه عام 1938 وكتاب "استراتيجية الثقافة المصرية" وهو عبارة عن الوصية التي تركها لنا الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، وصدر في بداية هذا العام 2022.

 

بالرجوع إلى هذين الكتابين يمكن لأي مسئول يريد إنعاش وإنهاض الحياة الثقافية والفكرية في مصر أن يضع العديد من الخطط التطبيقية، ليس في وزارة الثقافة فحسب، ولكن في العديد من الوزارات والمؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني مجتمعة.

 

فإشاعة البعد الثقافي ليست مسئولية وزارة الثقافة وحدها، ولكن هناك جهات عديدة تدخل على الخط، وقد أجملها الدكتور جابر عصفور في مشروعات التعاون المشترك بين وزارة الثقافة، ووزارات التربية والتعليم، والتعليم العالي، والشباب والرياضة، والأوقاف، والتنمية المحلية، والتضامن الاجتماعي، والتطوير الحضري والعشوائيات، والقوى العاملة والهجرة، والآثار، والإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة، والبيئة، والموارد المائية والري، والاتصالات. بالإضافة إلى التعاون المشترك مع الهيئات والمجالس القومية، مثل المجلس الأعلى للإعلام، والمجلس القومي للمرأة، والتعاون مع جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني.

 

وأشار إلى أن الدكتور جابر عصفور لم يكن وحده الذي صاغ أفكار هذا الكتاب أو هذه الوصية، ولكنها- أي الوصية- كانت عصارة فكر أكثر من ستين شخصية من صفوة عقول مصر ومثقفيها قاموا بصياغة الاستراتيجية الثقافية تحت قيادة جابر عصفور عندما كان وزيرًا للثقافة، حيث وجد أن من أول مهامه في رحلته في المنصب– التي كان على يقين أنها قصيرة– أن يحدد نقطة البداية ويحدد الخريطة التي نسير عليها لكي تستعيد مصر عافيتها ثقافيا، لذلك خرج هذا العمل ليشكل استراتجية المنظومة الثقافية 2015 – 2030.

 

أما الدكتور طه حسين ففي كتابه المهم الذي لا يزال يعيش بيننا حتى الآن، وندرك أن أفكاره صالحة للتطبيق في أيامنا هذه، وفي ظل توجه القيادة السياسية للاهتمام بالبعد الثقافي، فإنه كان يرى أنه لا ثقافة دون إصلاح التعليم العام والتعليم العالي، فمهمة التعليم الأولى أخطر من محو الأمية، ومرحلة التعليم الأولي لا تكفي.