رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«البنك الدولى»: توقعات بوصول معدلات النمو إلى 3.5% فى فلسطين

البنك االدولي
البنك االدولي

قال تقرير جديد صادر عن البنك الدولي إن الاقتصاد الفلسطيني لم يعد بعدُ إلى مستويات ما قبل تفشِّي الجائحة على الرغم من وجود بعض المؤشرات على تعافيه، ويشير التقرير إلى أن استمرار القيود على الحركة والعبور، والآثار طويلة الأمد لضائقة المالية العامة إلى جانب زيادة الأسعار تُسهم جميعًا في إبطاء وتيرة التعافي الاقتصادي.

ومن المُتوقع أن يصل معدل النمو إلى 3.5% في عام 2022 انخفاضًا من 7.1% في 2021. 

ويتسبب تسارع معدل التضخم في أكبر الضرر للأسر الفلسطينية الأكثر فقرًا، حيث يُتوقع أن ترتفع تكلفة بعض السلع الغذائية الأساسية ما يصل إلى 80% بنهاية العام.

جاء ذلك في تقرير المراقبة الاقتصادية الفلسطينية الذي سيقدمه البنك الدولي إلى لجنة الارتباط الخاصة يوم 22 سبتمبر 2022 في اجتماع يُعقد في نيويورك على مستوى السياسات بشأن المساعدات الإنمائية المُقدمة للشعب الفلسطيني، ومن المقرر أن يبحثُ التقريرُ في الاتّجاهات العامّة الحالية للأوضاع الاقتصادية والمالية العامة في الأراضي الفلسطينية، ويُحلِّل الآثار المترتبة على الزيادات الحادة في أسعار المواد الغذائية التي تسارعت وتيرتها بسبب الحرب في أوكرانيا.

وفي تعليقه على التقرير، قال فريد بلحاج نائب رئيس البنك الدولي لشئون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: «لقد أدت الحرب في أوكرانيا إلى تفاقم الضغوط التضخمية المرتفعة بالفعل في الأراضي الفلسطينية. وقد أثَّرت الصدمات السعرية، مقترنة بالآثار السلبية الناجمة عن جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، تأثيرًا مباشرًا على إمدادات السلع الغذائية الأساسية، ما أدى إلى تقويض رفاهة الأسر الفلسطينية، لا سيما الأسر الأشد فقرًا والأكثر احتياجًا. إننا نشعر بارتياح لما حققته السلطة الفلسطينية من تقدم في أجندتها الإصلاحية، ومازال من الضروري بذل جهود إيجابية مُنسَّقة، بما في ذلك مع الشركاء الإسرائيليين، لإيجاد حيز للإنفاق في المالية العامة لتقديم المساعدات الاجتماعية الحيوية وتحقيق التنمية الاقتصادية».

وكانت الأسعار مرتفعة بالفعل بالنسبة لمستويات الدخل بسبب العلاقات الوثيقة بين الاقتصاد الفلسطيني واقتصاد إسرائيل، وهو ما يفضي إلى تأثير غير متناسب على الاقتصاد الفلسطيني الأصغر حجمًا. 

وأدَّت الزيادة السريعة للتضخم إلى استمرار زيادة أسعار المواد الغذائية والوقود التي تُشكِّل نسبة أكبر من نفقات الأسر الفقيرة. وتعد الضفة الغربية وغزة ثاني أكبر مستورد للمواد الغذائية (من حيث النسبة) في المنطقة، كما تأتي نسبة كبيرة من واردات دقيق القمح وزيت عباد الشمس من أوكرانيا وروسيا. وفي الفترة بين يناير وأبريل 2022، ارتفع مُكوِّن الأغذية في مؤشر أسعار المستهلكين الفلسطينيين بشدة إلى أعلى مستوى له في السنوات الست الماضية.

وفي هذا الصدد، قال ستيفان إمبلاد، المدير والممثل المقيم للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة: «مازال الاقتصاد الفلسطيني يواجه تحدياتٍ جسيمة قد تُؤثِّر على استقراره الكلي على المدى الطويل، وتتفاقم المخاطر المُزعزعة للاستقرار بفعل الآثار المُضاعَفة لجائحة كورونا والحرب في أوكرانيا والاشتباكات في الضفة الغربية وجولات الصراع المتكررة في قطاع غزة، فضلًا عن الضغوط الواقعة على المالية العامة، علاوةً على ذلك، لا تزال مساعدات المانحين غير كافية لسد الفجوة التمويلية التي قد تصل إلى 3.3% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2022 وتحد من قدرة السلطة الفلسطينية على الوفاء بالتزاماتها الجارية”.

وانخفض عجز المالية العامة للسلطة الفلسطينية بنسبة 70% في النصف الأول من عام 2022 بالمقارنة بالفترة نفسها من عام 2021. ويرجع هذا الانخفاض إلى زيادة قوية في الإيرادات والحفاظ على مستويات الإنفاق، إذ إن الزيادات في بنود مُعيَّنة للإنفاق قابلها هبوط شديد في الإنفاق على البرنامج الوطني للتحويلات النقدية بتكلفة اجتماعية كبيرة.

وقد تراكمت لدى السلطة الفلسطينية متأخرات كبيرة مستحقة للقطاع الخاص وصندوق المعاشات التقاعدية والموظفين العموميين. وعلى الرغم من التناقص التدريجي في مستوى الاقتراض المباشر للسلطة الفلسطينية من القطاع المصرفي المحلي، فإن السلطة الفلسطينية وموظفي القطاع العام مازالوا يستحوذون مجتمعين على ما يقرب من 40% من إجمالي ائتمانات القطاع المصرفي، وهو ما ينطوي على خطر زعزعة الاستقرار. وقد ارتفعت أيضًا القروض المتعثرة والقروض المُصنَّفة منذ عام 2018.

وأضاف إمبلاد أن التعاون الوثيق بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية والمجتمع الدولي سيكون عاملًا أساسيًا في إعادة توجيه الاقتصاد نحو الاستدامة طويلة الأجل، ومن ثم تعزيز إيرادات السلطة الفلسطينية بشكل كبير ومساعدة الأسر الفلسطينية على التكيف مع ارتفاع الأسعار.

ويرى التقرير أنه من الضروري إجراء إصلاحات فلسطينية في جانبي الإيرادات والنفقات من أجل الوصول إلى مسار أكثر استدامة للمالية العامة. 

وينبغي أن تستهدف إصلاحات الإنفاق فاتورة الأجور ونظام المعاشات التقاعدية للموظفين العموميين، والتحويلات غير المُوجَّهة. ومن الأولويات الرئيسية في هذا الصدد أيضًا تحسين إدارة الإحالات الطبية، وأنظمة الدعم غير المخطط للهيئات المحلية. ومما يبعث على التفاؤل أنَّ السلطة الفلسطينية أعادت في الآونة الأخيرة التأكيد على التزامها بإصلاح فاتورة الأجور. وفي جانب الإيرادات، كان أداء السلطة الفلسطينية من حيث الإيرادات جيدًا بالمقارنة مع بلدان هشة أخرى على المستوى نفسه من التنمية. ولكن لا يزال هنالك الكثير مما ينبغي عمله لاسيما أن السلطة الفلسطينية لا تُحصِّل سوى قدر ضئيل من الإيرادات من قطاع غزة بسبب الانقسام الداخلي. ويلزم أيضًا إجراء إصلاحات لتوسيع القاعدة الضريبية في الضفة الغربية لتشمل المهنيين من ذوي الأجور المرتفعة مثل الأطباء والمحامين والمهندسين، وعلاوةً على ذلك، يجب تقوية التشريعات لتفرض عقوبات في حالات عدم الالتزام بسداد الضرائب. 

ومع استمرار السلطة الفلسطينية في أجندتها الإصلاحية، سيكون استمرار المانحين في تقديم المساعدات للسلطة بشكل ثابت ويمكن التنبؤ به أمرًا ذا أهمية بالغة من خلال عمليات دعم الموازنة. 

وتواصل السلطة الفلسطينية إحراز تقدم في تحسين إدارة المالية العامة، وقد قامت في الآونة الأخيرة أيضاً بتعزيز النظام الفلسطيني لمكافحة غسل الأموال ومحاربة تمويل الإرهاب. وسيكون البناء على هذه الجهود جانبًا مهمًا من جوانب الشراكة مع المجتمع الدولي. ويجب أن تتضافر جهود السلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي لدراسة أكثر الأشكال فعاليةً للمساعدات المباشرة للسكان الأشد فقرًا والأكثر احتياجًا، بما في ذلك إحياء البرنامج الوطني الفلسطيني للتحويلات النقدية.

ويوضح التقرير أن الإصلاحات التي تقوم بها السلطة الفلسطينية تُعد ضرورية لكنها ليست كافية لوضع الأراضي الفلسطينية على مسار للتنمية المستدامة، كما يُعد تعاون الحكومة الإسرائيلية ضروريًا لتقليص القيود الاقتصادية والحد من تسرُّبات الموارد من المالية العامة والمساعدة في خلق حيز أكبر للإنفاق في المالية العامة من أجل توفير المساعدات الاجتماعية. ومن شأن منح منشآت الأعمال الفلسطينية إمكانية الوصول إلى المنطقة (ج) أن يُعزِّز الاقتصاد الفلسطيني بمقدار الثلث وأن يزيد إيرادات السلطة الفلسطينية بنسبة 6% من إجمالي الناتج المحلي. ويُمكِن للحكومة الإسرائيلية أيضًا تحويل الإيرادات التي تحصلها من منشآت الأعمال العاملة في المنطقة (ج) ورسوم المرور عبر معبر جسر اللنبي وفقًا للاتفاق المؤقت لعام 1995. ويمكنها أيضًا خفض الرسم البالغ 3% الذي تتقاضاه عن مناولة الواردات الفلسطينية.