رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكايات من طفولة نازك الملائكة.. «عندما ألقى والدها أول قصيدة لها على الأرض»

نازك الملائكة
نازك الملائكة

"بدأت نظم الشعر، وحبه منذ طفولتي الأولى، والواقع إنني سمعت أبوي وجدي يقولون عني إنني شاعرة قبل أن أفهم معنى هذه الكلمة، لأنهم لاحظوا علي التقفية، وأذنا حساسة تميز النغم الشعري تمييزا مبكرا، وبدأت بنظم الشعر العامي، قبل عمر سبع سنوات".. بهذه الكلمات تحدثت الشاعرة العراقية نازك الملائكة، التي تحل اليوم ذكرى ميلادها، إذ ولدت في بغداد في 23 أغسطس لعام 1923.

تدرجت نازك الملائكة (23 أغسطس 1923- 20 يونيو 2007) في دراستها وتخرجت في الثانوية عام 1939، وكانت منذ صغرها، تحب اللغة العربية، الإنجليزية، التاريخ، ودروس الموسيقى، كما كانت تجد لذة في دراسة العلوم، خاصة الفلك وقوانين الوراثة والكيمياء، لكنها كانت تمقت الرياضيات مقتا شديدا، وتعد السنين يوما يوما لتصل إلى إنهاء مرحلة الثانوية، لتتخصص بدراسة الآداب، ثم درخلت دار المعلمين العالية، فرع اللغة العربية، وخرجت منها بليسانس الآداب عام 1944 من مرتبة الامتياز، وهي أعلى مرتبة تمنح، وخلال سنوات دراستها فيها تعرفت إلى موضوع الفلسفة، وأحبته حبا شديدا، فساعدها على تكوين ذهن منطقها، وكانت دراساتها الكثيرة للنحو العربي، في أصوله القديمة، قد هيأتها له تهيئة واضحة.

وفي مقال لها بمجلة "الجديد" بعنوان "لمحات من سيرة حياتي وثقافتي" بالعدد رقم 7 الصادر بتاريخ 1 يوليو 1995 أشارت إلى أول قصيدة فصحية نظمتها في سن العاشرة، كانت في قافيتها غلطة نحوية، وعندما قرأها أبي رمى قصيدتي على الأرض بقسوة، وقال لي، في لهجة جافية: "اذهبي أولا، وتعلمي قواعد النحو".. ثم انظمي الشعر، وكانت معلمة النحو في المدرسة لا تميز الفاعل من المفعول، وسرعان ما اضطر أبي إلى أن يتولى تعليمي قواد النحو حين دخلت المتوسطة، وفي ظرف شهر واحد تفوقت على الطالبات جميعا، وصرت أنال أعلى الدرجات.

وتابعت: لاحظ أبواي أنني موهوبة في الشعر، شديدة الولع بالمطالعة، فأعفياني من المسؤؤوليات المنزلية، والعائلية إعفاء تاما، وساعدني ذلك على التفرغ، والتهيؤ لمستقبل أدبي، وفكري خالص، وكانت والدتي في سنواتي الشعرية المبكرة تنظم الشعر، وتنشره في المجلات والصحف العراقية باسم السيدة "أم نزار الملائكة" وهو اسمها الأدبي الذي عرفت به، أما أبي فكان مدرس النحو في الثانويات العراقية، وكانت له دراسة واسعة في النحو، واللغة والأدب، ورغم أنه لم يكن شاعرا، لكنه كان ينظم الشعر، وله قصائد كثيرة.

وأضافت نازك الملائكة: كان لأبوي تأثير عميق في حياتي الفكرية والشعرية، أما أبي، فقد بقي أستاذي في النحو حتى انتهيت دراسة الليسانس، وكنت أهرع إليه، بكل مشكل نحوي يعرض لي، وأنا أقرأ ابن هشام، والسيوطي، والأشموني، وسواهم، والحق إني كنت، ولم أزل، شديدة الولع بالنحو، أما والدتي فقد كان لها أثر واضح في حياتي الشعرية، لأنني كنت أعرض عليها قصائدي الأولى، فتوجه إليها النقد، وتحاول إرشادي، ولكني كنت أناقشها مناقشة عنيدة.