رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«حياة ترف.. ظل بديل».. رواية بين ماض مزهر بالأمنيات وحاضر دميم

الكاتبة
الكاتبة

رواية "حياة تَرَف" (ظل بديل)، التي تقع في 376 صفحة، تطرح مشكلة اللّجوء من خلال نموذج عائلةٍ لاجئة، دون أن تقدّم حلولاً لهذه المعضلة التي ترتبط بالسياسات والأنظمة والمصالح الدوليّة. لكنّها في الوقت نفسه تُعنى بتسليط الضوء على المعاناة الاجتماعيّة والاقتصاديّة للّاجئين، وحتى الانعكاسات النفسيّة التي تصيب الأشخاص عندما تُبتَر جذورُهم ويعثرون على أنفسهم وقد أُجبروا على هَجر حياتهم وأحلامهم وأرضهم ليصيروا مجرّد أرقامٍ تُحصى، فوق أرضٍ تَلفُظ وجودَهم ووسط أشخاصٍ ينظرون إلى معاناتهم كمن يقرأ روايةً، ويتعاملون معهم كمواطنين من درجةٍ ثالثة..وتضيف الكاتبة التى احتفي بها من قبل معرض القاهرة الدولي في دورته الثالثة والخمسون. 

من يقرأ الرواية سيعرف لمَ تحمل اسماً مزدوجاً.. فالاسم الأول "حياة ترَف" يتعلّق بحياة الفتاة اللاجئة تَرَف كنموذج عن معظم العائلات اللّاجئة.. بينما الاسم الثاني "ظل بديل"، فيتناول ناحيةَ على جانبٍ كبيرٍ من الأهميّة وترتبط بمسألة الهوية والانتماء للّاجئين على أرض اللّجوء.. بحيث يستنتج القارئ أن أيَّ مكانٍ لا يمكنه أن يعوّض الإنسان فَقد وطنه، وأنّ أيّ أرضٍ جديدة لا يمكنها أن تكون ظلّاً بديلاً عن الوطن، فلا هي تورِف ولا هي تحتوي، ولا هي تقدّم الأمن والراحة والطمأنينة على طبقٍ من ذهب.

الرواية تناقش اقترب فيه اللّجوء ليصبح قاعدةً لا استثناءً.. وفي حيّزٍ من هذا العالم أُصيبَ بلعنة الفقروالاستبداد والحروب.. ولكل هذا تأتي رواية "حياة ترَف" (ظل بديل)، لتُلقي الضوء على عائلةٍ أضاعَت أمنَها واستقرارَها في وطنها ذاتَ اضطرابٍ وفوضى، لتعثر على نفسها بعد ذلك وقد سلَكَت قَسراً طريق اللّجوء.

بورتريه للكاتبة والروائية اللبنانية “ براءة الأيوبي”

وبين ماضٍ مزهرٍ بالأمنيات ومزدانٍ بالفرح والاطمئنان، وحاضرٍ دميمٍ أسود، حياتان مختلفتان، تعيشُهما "تَرَف" الفتاة اللّاجئة مع أسرتها، في مخيّمٍ للموت لا للحياة. 

في "الأرض الجديدة" تبدأ رحلة التحدّي والمكابدة، وتدريجيّاً بمرور الزمن يخبو الحماس، ويضيع الصبر بين ألمٍ من هنا وحاجةٍ من هناك. وهكذا، تُفاجأ تَرَف الصغيرة أنّها أمام جدارٍ من الأوهام والأحلام الباهتة، التي كلّما سعَت إليها تبتعد أكثر لتصبح مع الوقت صعبةَ المَنال.

ومن فتاةٍ مدلّلة، تعيش في كَنَف أبويها واقعاً مُرَفّهاً وخيالاً عابراً للأحلام، إلى كائنٍ مُستَهجَنِ الحضور، منغمسٍ في الشقاء، وفاقدٍ للهويّة والانتماء.

وذات شَتات، يصبح الخوف هو الحقيقة الوحيدة، ويغدو الخيال الوسيلةَ المشروعةَ والمتاحةَ لإضفاء بعضٍ من الحياة على أيّامٍ تنضح بؤساً وبنكهة الحرمان.

وبين عذابٍ وشظَفٍ وعوَز من جهة، وعدم القدرة على التأقلم مع بشرٍ يجدون في الاختلاف ذريعةً للسخرية والتهكم والاستهزاء من جهةٍ أخرى، تولد الرغبة بالرجوع إلى الوطن، وتتفتّح شرنقة الأمل شيئاً فشيئاً، لتصير العَودةإلى الجذور، بغضّ النظر عن نتائجها، مطلباًورجاءً بل هاجساًلقلوبٍ أُرهقَت قبل أوانها وضرَبَها المَشيب.

ولكن هل يبدو خَيارُ العَودة صائباً وسديداً إلى أرضٍ ما زالت ترزح تحت وطأة الفزَع والدمار ..؟ وهل ستكون طريق العَودة مُباحةً ومُتاحةً ويسيرةً، بعيداً عن أيّ صعوبات وعذابات ومخاوف..؟.

تساؤلاتٌ عديدةٌ مطروحةٌ، تبقى الإجابات عنها أسيرةَ ظروفٍ وأحداث تخرج عن الإرادة الفرديّة للّاجئين وترتبط بخيارات ومصالح سياسية عديدة.وفي تصريح للدستور عن عنوانها الإبداعي الرابع تقول الكاتبة والقاصة اللبنانية" براءة الأيوبي".