رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل يحقق الدستور الجديد آمال التونسيين في التخلص من «عشرية الإخوان»؟

الرئيس التونسي قيس
الرئيس التونسي قيس سعيد

تتجه أنظار التونسيين إلى الاستفتاء المرتقب على الدستور الجديد للبلاد، لطي صفحة 10 سنوات من حكم جماعة الإخوان التي سيطرت على مفاصل الدولة، قبل القرارات التاريخية للرئيس التونسي قيس سعيد الذي جمد برلمان الجماعة وحل الحكومة في 25 يوليو الماضي، وهو نفس التاريخ المنتظر أن يصوت فيه التونسيون على الدستور الجديد.

وبعد انتظار طويل، ظهر مشروع الدستور الجديد الذي طرحه الرئيس قيس سعيد. مساء الخميس، ودعا التونسيين للتصويت على هذا المشروع في استفتاء شعبي ينظم في 25 يوليو الجاري.

شغل.. حرية.. كرامة

وقال المحلل السياسي التونسي محمد الهادي غابري، إن مسودة الدستور الجديد تضمنت العديد من الفصول التي أكدت التزام الدولة بالعمل على ضمان العدالة والمساواة بين الجهات والمواطنين في توزيع الثروات وعائداتها، والواجبات، وخصوصا دفع الضرائب، واعتبار التهرب الضريبي جريمة يعاقب عليها القانون. 

محمد الهادي غابري

وأضاف غابري في تصريحات لـ"الدستور": كما نصت المسودة على استحداث غرفة تشريعية ثانية تحت مسمى المجلس الوطني للجهات والأقاليم؛ تعرض أمامها للمناقشة والمصادقة اتفاقيات التعاون الدولي ومشاريع مخططات وبرامج التنمية ومشاريع القوانين بما يضمن تفعيل مبدأ التمييز الإيجابي بين الجهات. 

اقرأ أيضا: رغم تصيّد الإخوان| خبير قانوني: الدستور التونسي الجديد بمثابة إعلان لحقوق الإنسان

وتابع قائلا: نستنتج أن مسودة الدستور جاءت متماهية مع الشعارات التي ما برح يرفعها الشارع التونسي منذ 2010: (شغل، حرية، كرامة وطنية)، ومتناغمة مع متطلبات الحركة التصحيحية للخامس والعشرين من يوليو 2021. 

واستطرد: أما من الناحية السياسية فقد تخلت المسودة عن النظام البرلماني وأعادت النظام الرئاسي في وجهه الجمهوري، بما يمنع تشتت السلطات وتصادمها، وهو مطلب شعبي لدى شريحة عريضة من المجتمع التونسي. كما منعت مسودة الدستور الإضراب على قطاعات الأمن والدفاع والقضاء للحيلولة دون حالة الفوضى التي عاشتها وتعيشها البلاد من 2011. 

موقف الأحزاب

وأوضح أن المسودة تعاملت مع المهام التشريعية والتنفيذية والقضائية على أنها وظائف لدى الدولة، وليست سلطات مستقلة عنها، ما يعالج تفكك مصالح الدولة وتعطل مصالح المواطن التي أحدثها دستور 2014. 

وأكد غابري، أن النظام الرئاسي والجمهوري هو أفضل صيغة سياسية تستجيب لمشاكل البلاد حاليا، وخاصة المشكلة الاقتصادية المتفاقمة، والأزمة الاجتماعية الحادة. متابعا: نحن الآن في أمس الحاجة لسلطة تنفيذية موحدة وفي علاقة تناغم مع الوظيفة التشريعية للبرلمان بما يسهل مرور مشاريع القوانين ومخططات وبرامج التنمية المرتقبة.

اقرأ أيضا: «ترجمان»: مشروع الدستور الجديد مفاجأة جيدة للشعب التونسي

وأشار إلى أن موقف الأحزاب من المسودة المعلنة ينقسم إلى فريقين، أولهما الأحزاب المحسوبة على منظومة 24 يوليو مثل النهضة الإخوانية ومشتقاتها، والدستوري الحر، والطيف الليبرالي الذي يطوف حوله. وكلها ترفض المسودة شكلا ومحتوى، ومنها من يدعو لمقاطعة الاستفتاء. وهو موقف متماهي مع رفضها لإجراءات 25  يوليو 2021.

ونوه بأن الأحزاب القومية ناصرية كانت أو بعثية مثل حركة الشعب والتيار الشعبي وحزب الطليعة، ساندت منجز 25 يوليو برمته، مع بعض  التحفظات حول شخص الرئيس قيس سعيد. وهذه الأحزاب لم تصدر مواقفها بعد من مسودة الدستور في انتظار انعقاد مجالسها الوطنية للتشاور. ولكن ما يجلب الانتباه ان قواعد هذه الأحزاب حسمت أمرها وبدأت في التعبير عن قبولها بالمسودة والاستعداد للانخراط في الحملة الداعمة للاستفتاء.

النظام الرئاسي

من ناحيته، قال الناشط والمحلل السياسي التونسي أكرم هميسي، إنه رغم بعض النقائص في مسودة الدستور التي يمكن تصحيحها وزيادتها في المشروع الذي أعلن عنه الرئيس قيس سعيد، تبقى هذه المسودة أفضل كثيرا مما كتبه الإخوان المسلمين وقننو الفساد في جميع مفاصل الدولة.

أكرم هميسي

وأضاف هميسي في تصريحات لـ"الدستور"، أن الإخوان جعلو من الجمهورية التونسية كيانا مهلهلا، فلا هي دولة برلمانية ولا هي هي دولة تحكم بنظام رئاسي، وتغافلو عن بعض الفصول التي تعطي الحق لرئيس الجمهورية للانفراد بالسلطة عند حياد المؤسسة البرلمانية.

وأكد أن عشرية الإخوان في السلطة وسيطرتهم على تونس، كشفت عن أن النظام الرئاسي هو الوحيد القادر على تسيير دواليب الدولة، والحفاظ على علاقاتنا الدبلوماسية مع الدول الشقيقة والصديقة، ومثالا على ذلك العلاقات الباردة مع الدول العربية خلال سيطرتهم على السلطة.

وتابع: بعد قرارات 25 يوليو، تنامت علاقة تونس مع بقية الدول العربية، وشهدت مزيدا من التنسيق والرجوع لسالف عهدها، مشيرا إلى أن التوقعات تصب في صالح التصويت للدستور الجديد.

ونوه بأن الشعب التونسي يريد قطع الطريق على منظومات الفساد التي أسسها الإخوان زمن حكمهم، وقد تزايد عدد المسجلين بالقوائم هذه الأيام، وذلك لوعي المواطن التونسي بأن هذه آخر فرصة للبلاد للرجوع إلى مدنية الدولة والرقي بالبلاد إلى مراتب اقتصادية متقدمة.