رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد زيارة سنان أنطون للقاهرة.. نبذة عن تاريخ الرواية العراقية

سنان انطون
سنان انطون

أجرى الروائي العراقي سنان أنطون زيارة إلى القاهرة، وعقد ندوة لمناقشة وتوقيع أعماله الروائية الأشهر.

وسنان أنطون هو روائي وشاعر وأكاديمي عراقي مقيم في الولايات المتحد الأمريكية، صدرت له روايات: «إعجام»، و«وحدها شجرة الرمان»، و «يا مريم»، و«فهرس»، وصدر له في الشعر عدة دواوين منها «موشور مبلل بالحرب»، و «كما في السماء».

ورغم أن أنطون يكتب الشعر والرواية ويجيد في كليهما، إلا أن انتشاره وذيوع صيته تحقق بنسبة أكبر بفضل رواياته، التي حصدت العديد من الجوائز وترجمت إلى لغات عدة.

وصلت روايته «يا مريم» إلى قائمة الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر)، بينما حققت روايته «وحدها شجرة الرمان» انتشارًا هائلًا بين القراء وصدى مميزًا عند النقاد، وحصدت جائزة معهد العالم العربي في باريس.

وعلى هامش زيارة أنطون للقاهرة، يطرح «الدستور»، هذه النبذة عن تاريخ الرواية العراقية.

المحاولات الأولى

الرواية ليست نصًا سرديًا طويلًا، هي أعقد من ذلك، وليست حكاية مطوّلة، بل ويصعب إيجاد تعريف واضح للرواية، غير أن الكثير من العاملين في هذا  المجال يتفقون ضمنًا أن للرواية شروطًا فنية، تفرقها مثلًا عن المقامات وعن القصص الطويلة والرسائل والفنون النثرية القديمة.

لذلك، كانت المحاولات الأولى لكتابة الرواية، تجنح أحيانًا إلى الخلط بين الكتابة التاريخية، أو كتابة السيرة الذاتية، وبين (الرواية الفنية)، أي الناضجة ومكتملة الأركان، ولذلك يختلف العراقيون أنفسهم حول ريادة «الرواية الإيقاظية»، التي صدرت في 1919 لمؤلفها سليمان فيضي (1885-1951)، فالبعض يراها الرواية العراقية الأولى، بينما يراها آخرون مجرد محاولة روائية.

وحتى العام 1975، لم يكن في رصيد المدونة الروائية العراقية أكثر من 25 رواية، وهو رقم صغير للغاية إذا ما علمنا أن المحاولات الجادة الأولى لكتابة رواية في العراق تعود إلى العام 1921 على يد الكاتب محمود أحمد السيد (1903 – 1937) والذي يُعتبر رائد الرواية العراقية. كما يعتبر هذا الرقم صغيرًا للغاية من ناحية الكم لا الكيف، إذا ما قارناه مثلًا بعدد الروايات التي راكمها كتّاب عراقيون في الفترة بين عامي 2003 و2014، والتي وصلت إلى 470 رواية.

بعد المحاولات الأولى لمحمود أحمد السيد، الذي أصدر روايات مثل «في سبيل الزواج» و «مصير الضعفاء» والتي اختلف النقاد بشأنها أيضًا واعتبرها البعض أيضًا مجرد محاولات أولى، جاءته روايته الثالثة المعنونة بـ«جلال خالد» لتحسم الجدل، إذ أجمع الكثيرون على اعتبارها الرواية العراقية الأولى، نظرًا لأنها تستوفي شروطًا فنية ترتقي بها إلى التصنيف كرواية، ومن بعدها بدأت ساقية الرواية في العراق في الدوران، فصدرت بعد ذلك بسنوات، وتحديدًا في 1939 رواية «الدكتور إبراهيم» للروائي ذوالنون أيوب (1908 – 1996)، وأيضًا صدرت في نفس العام رواية «مجنونان» لعبدالحق فاضل (1911 – 1992).

لكن وبشكل مفاجئ وعلى عكس المتوقع، تباطأ تدفق نهر الرواية العراقية، خلال أربعينيات القرن الماضي، ربما بسبب تداعيات الحرب العالمية الثانية، فصدرت عناوين قليلة للغاية مثل «اليد والأرض والماء» لذوالنون أيوب في 1948، ورواية «في قرى الجن» لجعفر الخليلي في نفس العام، ورواية «نهاية الحب» لعبدالله نيازي في 1949.

ورغم ازدهار فن القصة القصيرة في العراق في الخمسينيات على يد غائب طعمة فرمان وفؤاد التكرلي، إلا أن الرواية لم تواكب ذلك الازدهار، وظلت العناوين الصادرة قليلة، مثل رواية «شيخ القبيلة» الصادرة في 1952 لحمدي علي، ورواية «قصة من الجنوب» الصادرة في 1953 لمرتضى الشيخ حسن، و«التائهة التافهة» لحازم مراد في 1958.

حققت الرواية العراقية طفرتها الكبرى في الستينيات، وذلك على يد غائب طعمة فرمان، الذي كتب روايتين، يمكن اعتبارهما، المفتتح الحقيقي لتيار الرواية العراقية، والمقصود هنا الرواية الفنية الناضجة، وهما «النخلة والجيران»، في 1966 و«خمسة أصوات» في 1967.

وتبعه روائيان ساهما بشكل كبير مع فرمان في إرساء سمات وتقاليد وشخصية للرواية العراقية، وهما فاضل العزاوي، بروايته «مخلوقات فاضل العزاوي الجميلة»، الصادرة في 1969، وعبدالرحمن مجيد الربيعي بروايته «القمر والأسوار».

لقد تجاوزت الرواية العراقية أزمة «البدايات» في الستينيات، وتدفق نهر الرواية العراقية بغزارة وجودة عالية بعد ذلك العقد، فنشر يوسف الصائغ روايتيه «اللعبة» و«المسافة»، وجاءت روايات أخرى مثل «ثقب في الجدار الصدري» لعبدالرزاق المطلبي، و«ضباب في الظهيرة» لبرهان الخطيب، و«رجلان على السلالم» لمنير عبدالأمير وغيرها من الروايات.

الثمانينيات.. حقبة حسن مطلك

دخلت العراق في الحرب ضد إيران بدءًا من 1980، وفي تلك السنوات هلك الكثير من شباب العراق سواء في الحرب، أو بسبب ديكتاتورية صدام حسين وحزب البعث.

وكان الكاتب حسن مطلك صوتًا أدبيًا بارزًا وواعدًا في تلك السنوات، وقد استطاع في عقده الثالث حصد جوائز أدبية عدة أبرزها الجائزة الأولى لقصة الحرب والجائزة التقديرية، وصدرت روايته «دابادا» في 1988، التي يعتبرها البعض واحدة من أهم الروايات العراقية.

في 18 يوليو 1990، أعدم نظام صدام حسين، الكاتب حسن مطلك، بعدما وُجهت له اتهامات بالسعي لقلب نظام الحكم.

وحسن مطلك هو شقيق الروائي العراقي الشهير محسن الرملي، المقيم في إسبانيا.