رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رئيس «الشعب الجمهورى»: الحوار الوطنى يحمى الجبهة الداخلية ويمنع الاستقطاب (حوار)

النائب حازم عمر والزميلة
النائب حازم عمر والزميلة كريمة أبو زيد

قال النائب حازم عمر، رئيس «حزب الشعب الجمهورى» عضو مجلس «الشيوخ»، إن دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى للحوار الوطنى «أمر مهم للغاية فى هذا التوقيت»، مشيرًا إلى أن نجاح هذا الحوار يمثل بداية للجمهورية الجديدة. ورأى، فى حواره مع «الدستور»، أنه «إذا فشل الحوار سيكون لطمة على وجه القوى السياسية والأحزاب، ومؤشر على أننا لم نصل إلى النضج الذى يؤهلنا للجمهورية الجديدة»، لافتًا إلى أن الحوار الوطنى يهدف للحفاط على الجبهة الداخلية وتحصينها لمواجهة تحديات التحريض والاستقطاب التى تشهدها البلاد. وشدد على ضرورة أن يبحث جميع المشاركين فى الحوار الوطنى عن القواسم المشتركة والبناء عليها، موضحًا أنه «فى حال تكريس الجهود لمناقشات الأمور الخلافية فسيتسبب ذلك فى تفريغ الحوار من مضمونه».

■ كيف استقبلت دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى للحوار الوطنى؟

- بالفعل تلقينا دعوة رسمية لـ«حزب الشعب الجمهورى»، يوم الثلاثاء ١٠ مايو الماضى، من الأكاديمية الوطنية للتدريب، بتكليف من الرئيس عبدالفتاح السيسى، للمشاركة فى الحوار الوطنى.

والحقيقة أن الدعوة للحوار تأخرت بعض الشىء، نظرًا لأن الدولة المصرية كانت توجه جهودها وتركيزها للتصدى للإرهاب الذى كان يهدد استقرار الوطن، ثم تركزت الجهود على إدارة أزمة «كورونا»، وما أعقبتها من آثار اقتصادية ضاغطة.

وإجراء الحوار الوطنى يهدف للحفاظ على جبهة داخلية مستقرة، ومواجهة تحديات التحريض والاستقطاب التى تشهدها البلاد من فصيل معين من الخارج، وجميعها أمور تؤثر بشكل سلبى فى وعى جيل تكوّن فى ظل تقلبات سياسية منذ عام ٢٠١١ ثم ثورة عام ٢٠١٣ وغيرها من العوامل التى أثرت بشكل قوى فى هذا الجيل الذى أُصيب بالارتباك والتشتت.

لذا أصبح من المهم إعادة تشكيل وعى هذا الجيل وإعطاؤه الطمأنينة من خلال وضع رؤية واضحة وثابتة يسير عليها الجميع، تكون مبنية على القواسم المشتركة مهما اختلفت أفكارنا ورؤيتنا، وهذا هو الهدف الرئيسى للحوار الوطنى من الداخل.

No description available.

■ ما تأثير عقد جلسات الحوار فى صورة مصر الخارجية؟

- الحوار الوطنى له رسالة خارجية أيضًا، بسبب علاقات مصر مع العالم، الذى أصبح قرية صغيرة والجميع يرى كل شىء، وإذا كانت هناك مصالح تربطنا مع الدول، إلا أنه يوجد بعض الانتقادات التى توجه لنا فى ملفات معينة، وبالتالى فإن الحوار يظهر للخارج مدى ما وصلنا له من تقدم فى هذه الملفات، ومن بينها الملف الحقوقى. 

■ من وجهة نظرك.. ما أولويات الحوار؟

- الحوار الوطنى فى الأساس هو حوار سياسى، فلو كان حوارًا اقتصاديًا فالأفضل أن نستعين بخبراء اقتصاديين من الداخل والخارج، وليس القوى السياسية.

لا أفضل أن نشارك فى جلسات الحوار ببرامج اقتصادية، حتى لا نضع بذرة لعمل الشيطان، لأن الأيديولوجيات والأفكار والبرامج بين الأحزاب مختلفة، ومن المستحيل أن نتفق على برنامج اقتصادى واحد، لكن قد نتفق على الأولويات، لذا أطالب بأن تركز جلسات الحوار فى الشق الاقتصادى على الأولويات وعلى المساحات المشتركة، حتى لا نتحوّل إلى مكلمة، وحتى لا يفشل الحوار فى تحقيق الهدف الرئيسى له.

علينا أن نحدد أولوياتنا قبل بدء الحوار، لأنه حال دخولنا ومناقشة البرامج سيتحوّل الأمر إلى معركة ولن ينجح الحوار، وبدلًا من أن يؤدى إلى التكاتف سيؤدى إلى تعميق حالة الاستقطاب. 

■ ما الذى يجب أن يتضمنه الحوار السياسى؟

- كل حزب له توجهات، ومن وجهة نظرى لدينا فى مصر أحزاب كثيرة وقوى سياسية كثيرة وهناك منظمات مجتمع مدنى ورؤساء تحرير ونقابات وجميعهم سيشاركون فى الحوار.

فى تقديرى إذا أبدى كل شخص وجهة نظره سيتحوّل الحوار إلى مكلمة، لكن علينا أن نضع أعيننا على الهدف من الحوار، المتمثل فى إعادة اللُحمة الوطنية والحفاظ على الجبهة الداخلية صلبة ومتماسكة، وإذا أردنا تحقيق هذا فعلينا أن نعمل على القواسم المشتركة وأن نبحث عن الأهداف المشتركة لنبنى عليها، فالسياسى الذكى يبحث عن القواسم المشتركة ولا يبحث عن الاختلافات.

أى كيان سياسى لديه اختلافات مع الكيانات الأخرى، ولديه أهداف مشتركة مع الكيانات الأخرى حتى المعارضة، فهناك دائمًا مساحة مشتركة بشكل ما علينا أن ننطلق منها، ولكن إذا كرسنا هذا الحوار الوطنى لما نحن مختلفون عليه سيفشل.

ومثال للمساحات المشتركة، فجميعنا متفق فى الملف السياسى، مثلًا، على ضرورة دعم الدولة للأحزاب وتعديل النظم الانتخابية، فهناك أحزاب كبيرة لها موارد مالية ضخمة من مصلحتها إجراء الانتخابات البرلمانية وفقًا لنظام القائمة المطلقة المغلقة، وهناك أحزاب صغيرة تناسبها أكثر القوائم النسبية، وهناك نسيج عائلى وقبلى يحقق مصالحه بالنظام الفردى.

الدولة مزجت فى النظام الانتخابى الحالى بين القوائم المطلقة المغلقة والفردى، فماذا يضيرنا إذا عملنا على المزج بين وجهات النظر الثلاث، وهنا لا أتحدث عن «حزب الشعب الجمهورى»، لأننا نستطيع أن ننافس وفقًا لجميع النظم الانتخابية.

وأؤكد أن الحزب سيتقدم بدراسة كاملة عن تصوره للنظام الانتخابى الأنسب خلال جلسات الحوار الوطنى.

■ هل تؤيد دعوة جميع الأحزاب للحوار الوطنى.. أم أنك تفضل دعوة الأحزاب الكبيرة فقط؟

- فى العالم عندما نقول كلمة حزب فإننا لا نقصد بها أن يكون الحزب مرخصًا فقط، ولكن أن يترجم تأثيره فى المجالس المنتخبة سواء فى المحليات أو البرلمان، والحزب الذى لا يملك أى تمثيل فى أى مجلس فأنا أعتبره غير موجود.

على أى حال أنا مع توجيه الدعوة للجميع، لكن يتوجب على الأكاديمية الوطنية للحوار أن تتعامل بجدية أكثر مع مقترحات الأحزاب الممثلة فى المجالس التشريعية، وأن تعطيها الأولوية.

■ كيف يكون التنسيق والترتيب لإجراء الحوار؟

- منذ أن دعا الرئيس للحوار الوطنى، والمقترحات تنهال على الأكاديمية الوطنية للتدريب، تمهيدًا لتنظيم ورش عمل ولقاءات وفعاليات، بحيث نصل فى النهاية لرؤية واضحة تحظى بقبول مجتمعى واسع يتم عرضها على الرئيس.

■ ما أبرز استعدادات «حزب الشعب الجمهورى» للمشاركة فى الحوار؟

- أصدرنا توجيهاتنا للأمانات فى المحافظات بالاستماع إلى الكوادر السياسية والقواعد الشعبية، وحصر المقترحات وإرسالها إلى اللجنة المركزية، ليتم دمجها فى رؤية واحدة تعبر عن توجهات الحزب، قبل إرسالها إلى الأكاديمية الوطنية.

■ ما رؤيتك لأولويات العمل فى الملف الحقوقى؟

- فيما يتعلق بالمحور الحقوقى أقترح أن يكون تركيز المشاركين منصبًا على المساحات المشتركة، وألا نسعى للتشدد.

سمعنا أن هناك أحزابًا ومنظمات حقوقية تطالب بإلغاء الحبس الاحتياطى، نحن هنا لا نستطيع أن نلغيه لأنه معمول به فى أقوى النظم الدولية، وعلينا أن نبتكر حلًا وسطًا خلال إجراءات التقاضى، ومثال على ذلك فإن إطلاق سراح تاجر المخدرات سيفسد العديد من الشباب، هذه جريمة خطيرة، وأيضًا جرائم مثل القتل والسطو المسلح تزعزع استقرار الدولة.

وهناك أيضًا إخلاء السبيل بكفالة أو دون، ومن هذا المنطلق نطالب بإدخال النظم التكنولوجية الحديثة فى منظومة العدالة مثل «الأسورة الإلكترونية»، وهو نظام معمول به ومطبق فى عدة دول، وغير مكلف، ومن الممكن أن يتحمل المتهم أى تكلفة مالية للأسورة، التى تسمح بتحديد مكان الشخص وخط سيره، على أن يتولى القاضى تحديد مجال الحركة المسموح به، وبمجرد مخالفة المتهم قرار القاضى والتأكد من خرقه المجال، تتولى السلطات الأمنية ضبطه وتحرمه من إخلاء السبيل المشروط وتعيده لمكان الاحتجاز.

■ كيف رأيت قرار السيسى بإعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسى؟

- هذه اللجنة تدخل ضمن باب الحقوق والحريات، وهى بالتأكيد خطوة إيجابية وتعطى إشارة لجدية الحوار.

اللجوء إلى تشكيل لجنة للعفو الرئاسى معناه أننا بحاجة إلى إجراء تعديلات على بعض القوانين حتى نصل بها إلى درجة كبيرة من الكمال، حتى لا نضطر لتشكيل مثل هذه اللجان، لكن وجودها إشارة جيدة قبل انطلاق جلسات الحوار، تؤكد أن هناك إرادة سياسية حقيقية لإجراء حوار حقيقى يؤدى لنتائج إيجابية للدولة المصرية والجمهورية الجديدة.

والأفضل أن تكون لدينا آليات واضحة فى هذا الملف تحظى بقبول مجتمعى، لتعزيز ثقة المواطنين فى منظومة العدالة، من أجل تحصين الجبهة الداخلية.

■ هناك بعض المطالبات بوقف العمل بالمشروعات القومية العملاقة مؤقتًا نظرًا للتداعيات الاقتصادية العالمية الناتجة عن «كورونا» والحرب الروسية الأوكرانية، ما تعليقك؟

- من حق أى شخص أو جهة المطالبة بأى شىء، وأنصح كل القوى السياسية أن تتمسك بآرائها، كما أنصح بأن نركز على القواسم المشتركة وأن نكرس جهودنا للتوصل لحلول وسطية لإرضاء السواد الأعظم، فمثلًا لا يوجد لدينا أى عضو بالحزب على قوائم الحبس الاحتياطى، لكننا نسعى مع باقى الأحزاب لإيجاد حل وسط، كما أنه لا يوجد لدينا أى أزمة مالية، لكن نطالب الدولة بدعم الأحزاب، لتحقيق مصلحة الأحزاب الأخرى التى تعانى من مشكلات مالية. هدفنا فى الحزب الحفاظ على جبهة ٣٠ يونيو، وتحصينها من التشرذم.

■ هل ترى أن الحوار الوطنى الحقيقى والجاد سيكون بوابة العبور للجمهورية الجديدة؟

- الجمهورية الجديدة هى انطلاقة لما يحلم به السواد الأعظم من الشعب، وهى فى أيدينا جميعًا، وليست فى يد الحكومة أو إدارة أو نظام حكم فقط، بل هى نتاج التكامل بين الحاكم والمحكوم.

بداية الجمهورية الجديدة ستكون بنجاح الحوار الوطنى، وإذا فشل الحوار سيكون لطمة على وجه القوى السياسية والأحزاب، وإشارة إلى أننا لم نصل إلى النضج الذى يؤهلنا للجمهورية الجديدة.