رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«تجار الفولورز الإسلامى على صفحات الفيسبوك».. اللعب بالدين باللايك والشير

هواتف
هواتف
  • الرئيس السابق للجنة الفتوى بالأزهر الشريف: عبث واستخفاف بالمسلمين
  •  سعد الدين الهلالي: متاجرة رخيصة بالدين 
  • فاروق المقرحي: المُتسلفين وراء المنشورات
  • مهندس اتصالات: الاستجابة لتلك المنشورات تحقق عائدا ضخما لناشريها

 

"أكتب كلمة الله في 10 تعليقات وكن من الذين أحبوا الله فأحبهم".. مثال بسيط لمنشورات يحاول البعض من خلالها استخدام الدين كوسيلة لتحقيق الرواج عبر منصات التواصل الاجتماعي وتحقيق الربح من خلاله.

«الدستور» يفتح ملف استغلال بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي للمنشورات الدينية التي تُثير مشاعر المسلمين وتدفعهم تنحو التفاعل على المنشورات من أجل تحقيق أرباح مادية حتى لو كان ذلك على حساب الدين.

منشورات «التدين الظاهري»
«لماذا لا تجمع هذه الصور ملايين التفاعلات مثلما تجمع صور المُمثلين ولاعبي الكرة؟».. مثال حي على منشور عبر موقع التواصل الاجتماعي يحتوى على تلك الكلمات إضافة إلى صورة أحد الأشخاص يحمل مصحفًا، جديرة باستفزاز مشاعر المسلمين لتنهال التعليقات والتفاعلات على ذلك المنشور ليحقق صاحبه أرباحًا أكبر ويرفع من نسب الوصول إلى صفحته.    


"لا أحد سيتفاعل معها لأنها سيدة منتقبة"
على صفحة بين تلك الصفحات المتطفلة رصدنا بـ"الدستور" إحدى المنشورات التي روجتها وقد ظهرت فيها سيدة منتقبة تقرأ القرآن، كُتب أعلى المنشور "لأنها مُنقبة وترتدي الحجاب لا أحد يتفاعل معها" لينهال سيل التعليقات الداعمة للسيدة، دون سبب حقيقي أو واع.

سؤال يتكرر.. لماذا الأغاني تصل إلى الملايين والصلاة على سيدنا محمد لا يتم التفاعل معها؟

بخور وزجاجات عطرية كانت محتوى منشور آخر بتلك الصفحات المجهولة، كُتب فوقها صيغة الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتكرر فحوى ذات السؤال أعلى المنشور، ولكن بطريقة أخرى فكان "لماذا الأغاني تصل إلى الملايين والصلاة على سيدنا محمد لا يتم التفاعل معها"، وكسابقتها ينجح المنشور في جمع عدد كبير من المُتفاعلين والمُشاركين نتيجة ذلك الاستعطاف.

 

الدعاء للإجبار على التعليق والمُشاركة 
استخدام الدعاء وجعله الوسيلة لإغراء المُتابعين من لأجل الإجبار على "الشير" بأحد منشورات هذه الصفحات، كانت إحدى الوسائل التي اتبعتها تلك الصفحات إذ كتب بها وقد عرضت أحد الفيديوهات لصورة الكعبة المُشرفة وعليها كُتب: "يارب من شارك هذا الفيديو اللهم اغفر له وحقق ما في قلبه، وافتح له أبواب رزقك اللهم آمين".

أرقام واهية مجهولة المصدر تجري مُسابقات
كلم *15*303# ببلاش وحايجيلك دعاء اللهم بلغنا رمضان ببلاش بصوت الشيخ....الكول تون بخمسة جنيه في الشهر، كانت تلك طريقة أخرى التي اُستخدمت فيها الأدعية الدينية والآيات القرآنية، لتكون إحدى وسائل النصب لتحقيق الربح المادي.    

لم تكتف تلك المجموعات بالدعوة إلى الضغط على "اللايك"أو"الشير"،" أو "الاشتراك الشهري"، بل لعبت كذلك دور المُحذّر من عقاب الله في حال عدم التفاعل أو النشر "للبوستات" الدينية، ووصل الأمر أيضًا إلى تفسير ما وقع من أحداث سيئة بكونها عقوبة الله غير معترفة بمفهوم القضاء والقدر.

 

ادعاء "السنغال كسبت لتدين"ماني"
إذا رجعنا بالذاكرة لأيام ليست بالبعيدة نجد ادعاءات ظهرت عقب مباراة مصر والسنغال الأخيرة التي تأهل فيها منتخب السنغال الأول لكرة القدم إلى كأس العالم 2022، بعد الفوز على مصر بركلات الترجيح في الدور الحاسم بتصفيات المونديال،  خرجت عبر أحد بعض المنشورات بأن السبب وراء فوز الفريق السنغالي على المُنتخب الوطني، أن قائد الفريق السنغالي اللاعب ساديو ماني يقرأ القرآن ومتزوج من إحدى المُسلمات، ويقوم بأعمال خيرية مُتعددة.

 

الدكتور عبد الحميد الأطرش: عبث واستخفاف بالمسلمين

الدكتور عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر الشريف، أكد ذلك الأمر لا يعدو إلا أن يكون مهاطرات وعبثا يقوم به البعض ممن يدعي التدين، كما أنه استخفاف بعقل المُسلم الذي عليه إدراك أن جزاءه من جنس عمل يقوم به، وليس نتيجة منشور يتفاعل معه أو يكتب تعليقًا، أما عن المُسابقات الواهية قال إنها إهدار لمال المُسلم فيما لا يفيد. 

وعن بعض الذين يعولون ما يحدث من بعض الأمور السيئة إلى عدم المشاركة مع تلك التعليقات أو عدم القيام ببعض أمور التدين الظاهري ذكر الأطرش الآية الكريمة:
"مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ۚ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11)"،  موضحًا أن كل شيء يمر به الإنسان إنما يمر نتيجة قضاء الله وقدره.
 

سعد الدين الهلالي: متاجرة بالدين 
وأوضح الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن مثل هذه الأمور تعد مُتاجرة بيّنة بالدين وابتزازًا صريحًا يِمارس ضد المُسلمين، موضحًا أن أكثر عهود المتاجرة بالدين في المجتمع المصري، عهد تولي الجماعة الإخوانية الحكم عام 2011، 2012.

وتابع أن الجميع حينها رأى نتيجة تلك المُتاجرة، والتضليل التي اعتمدت على التدين الظاهري فقط، وارتكاب كافة الموبقات فيما يتعارض تمامًا مع مفهوم الدين الصحيح. 

وأضاف أن من يريد  فعل الخير بشكل صادق إنما تكون وسيلته العمل الفعلي وليس عن طريق المنشورات الإلكترونية وطلب الشير، وأن يكون بينه وبين الله ولا يجبر أحدًا أو اللايك لها فذلك لا يمت للمسلمين بشيء، مُشيرًا إلى أنه ينبغي أن يكون هدف المُسلم هو مرضاة الله وحده فقط، وملاقاته بقلب سليم.

كما وجه عدة أسئلة إلى من يُرجِع هزيمة المنتخب المصري أمام نظيره السنغالي إلى الأعمال الخيرية التي يقوم بها قائده"مانيه"، أولها هل هذا يعي أن مانيه لم يُهزم قط، وماذا لو هُزم بعد ذلك هل سيعني ذلك أن الله قد غضب عليه، وتابع أنه إذا كان مانيه مُسلما مُتزوجا من مسلمة، ويقوم بأعمال خيرية،  فكذلك محمد صلاح هو مُسلم متزوج من مُسلمة ويقوم بأعمال خيرية أضعاف ما يقوم به مانيه ولكن ليس بالضرورة الإعلان عنها،  فالأمر كله يقع في إطار تقوى الإنسان لربه فقط.

 

أستاذ علم اجتماع: يعبر عن الجهل بالحقوق الدينية والفردية

وأوضح الدكتور حسن الخولي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، حديثه لـ"الدستور"،  أن القائمين على تلك المجموعات الإليكترونية المُروجة لهذه المنشورات يستغلون وجود نسبة كبيرة من المواطنين يجهلون الكثير عن دينهم، وليس لديهم الوعي الكافي عما هو يعبر عن صميم الدين وبين ما ليس له به صلة. 

وتابع أن تلك المنشورات تُمثل أيضًا نوعًا من التهديد والوصايا على المواطنين، وذلك بادعائها أنه في حال عدم تفاعلهم لن ينالوا برّ الله ورضاه، موضحًا أن من يقبل على نفسه ذلك التهديد والوصايا يُعد ناقص المعرفة بحقيقة دينه،  وكذلك حقوقه الاجتماعية التي لا تقبل التحكم فيما يفعله من قبل الآخرين.

مهندس اتصالات: الاستجابة لتلك المنشورات تحقق عائد ضخم لناشريها
المُهندس طلعت عمرو، نائب رئيس الجمعية العلمية لمهندسي الاتصالات، أوضح أن هناك بعض العناصر التابعة للجماعات المُتطرفة لها دراية كبيرة بالطرق المثلى لاستخدام التكنولوجيا، وبها تستطيع الوصول إلى أكبر عدد مّستخدمة في ذلك العديد من الحيل، من بينها حيل تسول التفاعل والشير من خلال استعطاف المُتابعين عن طريق الضغط على الحث الديني لديهم.

وتابع “عمرو”، في حديثه لـ"الدستور"، أنه من خلال استجابة المواطنين لمثل هذه الدعاوى يّمكن للقائمين على تلك المنشورات والفيديوهات تحقيق عائد مادي كبير غير معلوم إلى أين سيعود، وماذا سيُفعل بتلك الأموال تحديدًا.

لذا دعا طلعت المواطنين إلى إبلاغ مباحث الإنترنت في حال الشك بأحد تلك المنشورات، وعدم الاستجابة على الإطلاق معها وهو الأمر الذي يقلل من فرص ظهورها على الشبكة العنقودية "الإنترنت"، إلى أن تختفي.
 

فاروق المقرحي: الجماعة المُتسلفة وراء هذه المنشورات
وأكد اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن من وراء تلك المنشورات هم الجماعة "المُتسلفة" وليست ما يطلقون على أنفسهم سلفيين فالسلفيون الحق هم من اتبعوا خطوات السلف الصالح. 

وأضاف أن تلك الجماعات تلجأ إلى نشر هذه الأكاذيب المُضللة مُدعية حسن النوايا،  وهو ما يجعل الكثير ينخدع فيها، ويّنفذ ماتطلبه من أوامر.

وأردف أن الهدف من تلك المنشورات هو الزج بأرجل تلك الجماعات المُتسلفة مرة أخرى في المجتمع المصري، والتفاف أكبر عدد ممكن حولهم ومن ثم السعي إلى جعل أفراده يتبنون الأفكار التي يروجون لها شيئًا فشيئًا بغرض زعزعة الاستقرار، وخلق فكر التطرف. 

 


وتابع أن هناك من القوانين ما يمنع تداول مثل هذه الرسائل، ولكن الأمر يحتاج إلى تطبيق لتلك القوانين، ولا يتم هذا التطبيق سوى بإبلاغ المواطنين عن مثل تلك المنشورات للجهات المُختصة، وهي مباحث الإنترنت، والأزهر الشريف، ووزارة التضامن الاجتماعي.

قانوني: أغلب المُسابقات الدينية على الهواتف المحمولة تخالف القانون 
وأكد الخبير القانوني محمود سمير أن أغلب  المُسابقات الدينية التي تظهر على شكل رسائل على الهواتف المحمولة، إنما تخل بأحكام قانون حماية المستهلك الصادر بالقانون رقم 67 لسنه 2006، إذ يجب على مقدم الخدمة أن يوفر لمستخدمى خدماته ولأى جهة حكومية مختصة، فى الشكل، وبالطريقة التى يمكن الوصول إليها بصورة ميسرة ومباشرة ومستمرة، عدة بيانات أولها اسم مقدم الخدمة وعنوانه، ومعلومات الاتصال المتعلقة بمقدم الخدمة، بما فى ذلك عنوان الاتصال الإليكترونى، وكذلك بيانات الترخيص لتحديد هوية مقدم الخدمة، وتحديد الجهة المختصة التى يخضع لإشرافها، وأي معلومات أخرى يقدر الجهاز أهميتها لحماية مستخدمى الخدمة، ويحددها قرار من الوزير المختص.

وتابع أنه القانون يكفل مراعاة حرمة الحياة الخاصة، والتي يجب أن يلتزم بها مقدمو الخدمة والتابعون لهم، كما يجب أن يوفروا، حال طلب جهات الأمن القومى ووفقا لاحتياجاتها، كافة الإمكانيات الفنية التى تتيح لتلك الجهات ممارسة اختصاصاتها وفقا للقانون.

كما يجب أن يلتزم مقدمو خدمات تقنية المعلومات ووكلاؤهم وموزعوهم التابعون لهم المنوط بهم تسويق تلك الخدمات بالحصول على بيانات المستخدمين ويحظر على غير هؤلاء القيام بذلك.