رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد الباز يكتب: صلاة العيد.. من ثقة الدولة إلى غباء الجماعة الإرهابية

محمد الباز
محمد الباز

صدعنا المنتمون لجماعة الإخوان الإرهابية بدعاية رخيصة بأن الدولة لو فتحت الميادين أمام المصريين فستجد أمامها ثورة تزيح فى طريقها كل شيء، راهنوا على شرط ضخموا من شأنه وعزفوا على وتره، ووضعوا في بطنهم بطيخة صيفي اطمأنوا إليها، وركنوا إلى اعتقادهم، وجلسوا ينتظرون. 

في صلاة عيد الفطر التي قررت الدولة فتح الساحات- أكثر من ٦٠٠ ساحة على مستوى الجمهورية لإقامتها، خرج المصريون بالملايين يعانقون بعضهم البعض فرحين بممارسة طقسهم الذي حُرموا منه بفعل جائحة كورونا، احتفلوا بما يليق بالمناسبة، علقوا الزينات وأطلقوا البلالين وتبادلوا التهاني، وعادوا إلى بيوتهم ليتبادلوا التهاني بالعيد، دون أن يكون هناك أي ظلال من أوهام الإخوان على هامش ما فعلوه. 

كان قرار الحكومة بإقامة صلاة العيد في الساحات دليل ثقة على أمن واستقرار البلد، وتأكيد قدرة مطلقة على تنظيم وإدارة مشهد شكك الكثيرون في جرأة الدولة على الإقدام عليه. 

قبل أيام كنت أتحدث مع وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة على هامش الاحتفال بليلة القدر، تناقشنا فيما قلته عن إدارة الدولة لأزمة صلاة التهجد، ويومها قال لي إن هناك من نفخ في النار، يقصد تهييج الناس على الحكومة، وإن ما نُشر لم يكن حقيقيًا، وقبل أن يُنهى حديثه أشار بالتلميح إلى أن هناك خبرًا سارًا سيسعد الجميع. 

قبل العيد بـ٤٨ ساعة أرسل لي الدكتور مختار جمعة بيانًا به القرار الرسمي بفتح الساحات على مستوى الجمهورية لإقامة صلاة العيد، وهو القرار الذي صدر بعد التنسيق بين مؤسسات الدولة المعنية بإدارة أزمة الأوبئة والجوائح الصحية. 

عن وعى وإدراك قررت الدولة الإعداد من خلال المديريات الإقليمية لتجهيز أكثر من ٦٠٠ ساحة من الساحات الملحقة بالمساجد الكبرى لصلاة عيد الفطر المبارك، إضافة إلى إقامتها بجميع المساجد الكبرى التي تقام بها صلاة العيد، مع السماح باصطحاب الأطفال قبل الصلاة بنصف ساعة على الأقل، مع تشكيل غرفة عمليات بالوزارة لمتابعة الإعداد لصلاة عيد الفطر المبارك. 

بدا من بيان الوزارة أنها تعرف الدين ومقاصده جيدًا. 

فرغم التأكيد على أن صلاة العيد سنة مؤكدة عن سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يجوز أداؤها بالمساجد أو بالساحات المعدة المهيئة لذلك التي يحددها ولى الأمر أو من ينوب عنه نيابة شرعية وقانونية وفق ما تقتضيه المصلحة المعتبرة التي يقدرها ولى الأمر أو من ينوب عنه، ومن فاتته صلاة عيد الفطر جماعة أو حبس عنها لعذر جاز له أن يصليها منفردًا حيث كان في بيته أو حقله أو محل عمله أيًا كان. 

ورغم أن صلاة العيد في المسجد الجامع لا تقل أجرًا ولا ثوابًا عن صلاتها في الخلاء، فقد ذهب الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم إلى أن صلاة العيد أفضل في المسجد إذا اتسع، وقال في كتابه «المجموع»: وإن اتسع المسجد ولم يكن عذر فوجهان أصحهما أن صلاتها في المسجد أفضل- ورغم كل ذلك 

فإن الدولة أتاحت صلاة العيد في جميع المساجد الكبرى والجامعة في جميع أنحاء الجمهورية، وفيما يزيد على ٦٠٠ ساحة، ليكون للناس جميعًا متسع في أداء شعائرهم على الوجه الذي يأمل معه الجميع في حسن أداء هذه الشعيرة. 

لا يخرج الأمر بالنسبة للدولة عن كونه مجرد أمر تنظيمي بحت، راعت فيه مصالح الناس بما يحقق اطمئنانهم في كسب رضا الله بالصلاة، وكسب رضا أنفسهم عن أنفسهم بإظهار الفرحة بطاعتهم لله. 

الأمر كان مختلفًا عند الجماعة الإرهابية المفلسة، التي خسرت كل شيء، ولم يكن معها إلا رهان خائب على أن الناس في مصر غاضبون، ينتظرون الفرصة ليثوروا على النظام، وإذا ما واتتهم الفرصة وانفردوا بالميادين، فإنهم سيشعلون الأرض نارًا، وها هم الناس خرجوا وانفردوا بالساحات، ولم نسمع هتافًا واحدًا، مجرد هتاف يؤكد ما ذهبت إليه الجماعة من ضلال. 

لكن ولأن الجماعة تصر على ضلالها وإفكها، فبعد أن خاب رهانها الأول، لجأت إلى حيلتها الشيطانية المتأصلة فى جيناتها، وهي التجارة بالدين والمزايدة على خلق الله به، والادعاء بأنها حامية الله في الأرض. 

ذهبت الجماعة الإرهابية من خلال أبواقها المنفية في الخارج والقابعة في الداخل إلى أن خروج المصريين إلى الساحات لصلاة العيد ليس إلا انتصارًا للإسلام في مواجهة الدولة التي تريد أن تحاصره. 

لا أستطيع أن أمنع نفسي من الضحك على بؤس هذه الجماعة المتهاوية، فالدولة التي تدعى الجماعة أنها تحارب الإسلام وتمنع الناس من ممارسة شعائرهم هي التي أخذت القرار وأعدت الساحات وأشرفت على إخراج صلاة العيد بهذا الشكل المبهر. 

لسنوات طويلة وأنا أراهن على غباء الجماعة الإرهابية، والحقيقة أنهم لا يخيبون ظني فيهم أبدًا، فهم لا يعرفون الشعب الذي يدعون أنهم يدافعون عنه، ولا يعرفون الدولة التي يناصبونها العداء.. ولذلك ينتقلون من هزيمة إلى أخرى حتى يتبدد جمعهم ويتشتت شملهم.