رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بهجة العيد فى بورسعيد

 




أمضيت ليلة الاحتفال بعيد القيامة هذا العام مع شعب الكنيسة الإنجيلية ببورسعيد وكان من دواعي سروري أن التقي سيادة اللواء أركان حرب عادل الغضبان، محافظ بورسعيد أثناء زيارته الكنيسة الإنجيلية للتهنئة بالعيد. 
في الحقيقة ليست هذه هي المرة الأولى التي التقي فيها سيادة المحافظ، ولكنني تقابلت معه من قبل في عدة مناسبات، فهو بحق رجل نشيط يعمل دون كلل أو ملل ولديه رؤية واضحة للتنمية والارتقاء بالمحافظة.
في زيارته الكنيسة جاء على رأس وفد رفيع المستوى من رجال الدين وممثلي بيت العائلة بالمحافظة وعدد من التنفيذيين والشعبيين وأعضاء مجلس النواب. 
وفي كلمته هنأ المحافظ الإنجيليين بعيد القيامة وأشاد بالدور الذي تقوم به الدولة المصرية لترسيخ الجمهورية الجديدة في عهد سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأكد المحافظ أن التقدم لن يحدث دون عرق وجهد وصدق وإخلاص، وأن علينا جميعا أن نتكاتف من أجل رفعة مصرنا الغالية 
وفي كلمتي قلت:
أهنئكم جميعا بقرب حلول عيد الفطر المبارك، فكل عام وأنتم بخير وسعادة وهناء، كما أود أن أتقدم بخالص الشكر لسيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس كل المصريين، والذي لا يفرق قولًا وفعلًا بين مسلم ومسيحي، والذي ينادي دائما بدولة المواطنة والقانون بغض النظر عن الجنس أو الدين أو المعتقد؛ لأنه يؤمن بأن العصفور الواحد لا يصنع ربيعًا والزهرة الواحدة لا تصنع بستانًا واللحن الواحد لا يعطي نغمًا جميلًا، فهو رئيس يؤمن بثراء التنوع وبغني التعددية؛ لذا فإن الكثير من المشكلات التي كان يعاني منها البعض قد انتهت والأمور تسير إلى الأمام دائمًا.
كما أنني بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن مجلس وشعب الكنيسة الإنجيلية ببورسعيد نشكر سيادة اللواء عادل الغضبان على الإنجازات العظيمة والعملاقة التي تتحقق على أرض الواقع في بورسعيد بقيادة سيادته، كما نشكره لدعمه المادي والمعنوي للكنيسة الإنجيلية  فكل الشكر والتقدير لسيادتكم. 
لا يختلف القاصي والداني على أن السيد المسيح شخصية فريدة متميزة في كل شىء، ولم لا وهو الكلمة المتجسد، فلقد ولد السيد المسيح من عذراء لم يمسسها بشر دون سائر الناس، كما أنه عاش حياة طاهرة نقية ولم يتلطخ بالأوزار والآثام، فكان معصومًا من كل خطأ في سيرته وسريرته، وصنع معجزات مبهرات من خلق وشفاء وإبراء للأكمه والأبرص وإقامة الموتى، وبتأمل هادئ في حياة السيد المسيح نجد أنه كان مصلحًا ثوريًا، حيث إنه وقف ضد كل القوانين البالية التي تنتهك كرامة الإنسان وتصدى لكل الشرائع المتخلفة التي تجعل من الإنسان وسيلة لا هدفاً، وقاوم من حاولوا أن يستغلوا الإنسان باسم الدين وباسم الله،
وقيامة السيد المسيح من الموت هي ربيع المسيحية، بعد خريف الموت وبرودة الشتاء، وهي جوهر المسيحية وحجرها الرئيس، وبدونها تنهزم، وتنهدم المسيحية، بل تموت وتندثر
ومن يتأمل في حياة السيد المسيح وتعاليمه وموته وقيامته يدرك أنه كان شخصًا ثوريًا في كل حياته، فهو ثار على الظلم والفساد، وثار على استغلال الإنسان لأخيه الإنسان باسم الدين، وثار ثورة عارمة على العبادة الشكلية والتدين المزيف، ودعا السيد المسيح إلى حياة الحرية من قيود الجهل والتعصب والمرض ولأجل هذا قاومه الأعداء ورجال الدين الأصوليون المتزمتون فصلبوه وقتلوه، لقد مات السيد المسيح ولم يكن من المنطقي أن يستمر ميتًا وهو الذي قال عن نفسه أنا هو القيامة والحياة، فهل يمكن لقبضة الموت أن تمسك بمن قال عن نفسه أنا هو الحياة؟! وهل يمكن لظلمة القبر أن تحجب من قال عن نفسه أنا هو نور العالم؟! لقد قام المسيح وبقيامته انتصر الحق على الباطل، والخير على الشر، والحب على الكراهية، والسلام على الخصام.
وقيامة السيد المسيح هي دعوة للتحرير، فهو الذي قال (إن حرركم المسيح فبالحقيقة تكونون أحراراً)، إنه جاء ليحرر الإنسان من خطاياه ومن تعصبه وجهله وعنصريته وكراهيته ورفضه لأخيه في الإنسانية، وإذا كانت قيامة المسيح لتحريرنا وخلاصنا من الشرور والخطايا والآثام، لذا فليس من المنطقي أن يحتفل الكثيرون بقيامته وهم لا يزالون موتى في قبور الخطايا والآثام، إن القيامة تتطلب توبة حقيقية وتقوى غير مظهرية.
 وقيامة السيد المسيح هي دعوة لنا لأن ننهض من قبور الكسل والتراخي لنقوم ونعمل معًا بجد واجتهاد من أجل بناء بلدنا الحبيب مصر، إن مصر اليوم في حالة قيامة، ونتمنى لها المزيد من القيام والنهوض لتصبح دولة قويةً ومتحضرةً ومواكبةً لقيم الحداثة والرقي والتقدم، فبدون قيامة من قبور الكسل والتراخي لا يمكن أن تكون مصر "أد الدنيا" كما نتمنى لها أن تكون.                     
وقيامة السيد المسيح هي دعوة لنا لأن ننهض ونقوم من قبور التعصب والظلامية، فما يحدث من البعض من عنف وذبح وإرهاب وإراقة دماء يؤكد أن هناك فريقًا من البشر سيطر التعصب الأعمى على عقولهم وتمكن من قلوبهم، ومن ثم فهم رفضوا كل آخر مغاير لهم سواء في الدين أو العقيدة أو المذهب أو الجنس، ووجود هؤلاء المتعصبين الأصوليين، يؤكد  أننا في حاجة ماسة وملحة إلى تحرير العقول والأذهان من الفكر الظلامي الرجعي المتخلف، فكر البداوة، فكر القرون الوسطى ومحاكم التفتيش!.
وقيامة السيد المسيح هي دعوة لنا لأن نقوم وننهض من قبور رفض الاستماع للرأي الآخر ورفض الحوار والمناقشة مع من يقولون آراء مخالفة، إن القيامة حرية، لذا فإننا نحتاج في مجتمعاتنا لتعزيز حرية الفكر وحرية الرأي والتعبير، إن للأفكار أجنحة تحلق بها، وواهم من يظن أنه يمكنه أن يصادر فكرًا أو يمنع رأيًا أو يقصف قلمًا في عصر السماوات المفتوحة والفضاء النتي، لذا فإننا في مسيس الحاجة لقيامة حقيقية من قبور الإصرار على أحادية الرأي
وقيامة السيد المسيح هي دعوة لنا لأن نقوم وننهض من قبور الخرافات والخزعبلات، والشعوذة، لقد غاب المنهج العلمي في التفكير عند الكثيرين باستثناء أقلية قليلة، ألسنا في حاجة إلى قيامة؟! ألسنا في حاجة لأن نتحرر من عقلية الدجل وذهنية الخرافة في عصر أصبح فيه العالم المتقدم لا يرتكن في تقدمه إلا على الأساليب العلمية والتكنولوجية؟!
إن نهضة مصر تتطلب أن يتكاتف مثقفو مصر ومفكروها وعلماؤها ليقوموا بعملهم على أكمل وجه، وهذه النهضة قد تستغرق سنوات طوال، وهنا لا مجال للتباطؤ أو التسويف، فالوقت منذ الآن مقصر، ولا يجوز أبداً أن يقف العلماء والمثقفون موقف المتفرج أو المحايد، فالعقل المصري اليوم أصبح في أمس ما يكون إلى قيامة ونهضة وصحوة من أي وقت مضى.
إننا كأفراد نحتاج لصحوة وقيامة 
ومصر تحتاج لصحوة وقيامة 
ومنطقتنا العربية تحتاج لصحوة وقيامة.. فهل من يلبي النداء؟.. وكل عام وجميعكم بكل خير.