رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

علي جمعة: الندم على فعل المعصية من شروط التوبة

د.على جمعة
د.على جمعة

قال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية، وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، إن الإيمان بالغيب، أمر مسلم به، فيقول المولى سبحانه، {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} نرى كثيرا من الشباب دخله الشك في هذا المقام، وأصبح واجب العصر أن نسهل لهم الردود وأن نسهل لهم القناعات التي توافق الواقع، والتي ينطق بها الكون بل ويصرخ بها الكون لأنها حقائق لا ينكرها عاقل، لكن تحتاج إلى صياغة وتحتاج إلى نموذج معرفي شائع، وتحتاج إلى تعليم، ومن هنا فإن الحمل ثقيل على طلبة العلم وعلى العلماء أن يبينوا لهؤلاء الشباب بلغتهم وبما يصل إلى عقولهم ثم قلوبهم ثم حقيقة الأمر.

وتابع جمعة خلال مشاركته فى برنامج القرآن العظيم، أن "الندم على فعل المعصية" من شروط التوبة: أن تقلع عن الذنب وأن تنوى ألا تعود إليه مرة أخرى، وأن يصيبك شيء من الندم، وإذا كان هذا الذنب متعلقا بحقوق بينك وبين العباد أن ترد هذه الحقوق، ثم بعد ما تبت، وأصبح أمرك أبيض لا غبار عليه ، عليك أن تنسى هذا الذنب وكأنك لم تفعله حتى لا تحبط، وحتى يكون هذا دافعا لك على مزيد من التمسك بأهداب الفضيلة .

وأوضح جمعة: نرى أن من لم يفعل هذا ولم يتب، فإنه يكون نادماً حيث لا ينفع الندم {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ }. { كَلَّا } يعنى خلاص قفلت عليه، { وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ } فالبرزخ تصعد إليه الأرواح ثم لا تستطيع هذه الروح بعد ما عرفت الحقيقة أن ترجع مرة أخرى ، هى تتمنى أن ترجع حتى تعمل خيراً ، وحتى تبتعد عن الشر ، من أجل هذا أرسل الله تعالى الرسل ، ومن أجله أنزل الله الكتب ، ومن أجله أمرنا بالموعظة. 

وأشار جمعة إلى أن المسلمين يجتمعون كل يوم جمعة من أجل  الموعظة الحسنة، فنرشد الناس إلى التقوى، وننبههم وننقل لهم مراد الله سبحانه وتعالى فيهم، فكل هذا لم يلق آذاناً صاغية مثلاً ؛ إما بعدم الذهاب أصلاً إلى الجمعة ، وإما بالذهاب وعدم امتثالهم بـ"سمعنا وأطعنا"، وإما بهوى في النفس لأن هذه النفس لا تريد القيود ولا تريد التكليف ولا تريد الجهد والاجتهاد ، والله سبحانه وتعالى كلفنا،  يعنى ألزمنا بما فيه مشقة ، وضوء وصلاة وزكاة وحج... إلى آخره، فهذا أمر ثقيل على النفس البشرية ؛ ومع هذا الثقل جعل الله بإزائه ثوابا {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} فينبغي علينا أن نتمسك بهذا قبل الفوت والموت ، فالندم على المعصية له وقته وله مكانه، فإذا ذهبت الروح إلى باريها انقطعت هذه التوبة.