رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قصة جائزة صنع الله إبراهيم: جابر عصفور ضغط على الطيب صالح لمنحها لصاحب «اللجنة»

جابر عصفور والطيب
جابر عصفور والطيب صالح

"منذ سنة ٢٠٠٣ وهناك موضوع يؤرقني وهو موضوع جائزة الرواية التي منحت لصنع الله ابراهيم في الواقع لم اعط صوتي لصنع الله ولكن اعطيته لادور الخراط الذي اراه اعظم الروائيين المصريين حاول الطيب صالح ان يحيدني عن تصويتي لكي تعطى الجائزة بالاجماع ولكنني لم اتفق معه في الرأي واصررت  على موقفي عند إعلان النتيجة كذب الطيب واعلن ان التصويت كان بالاجماع، اهذا التصرف يدل على الاعتراف بالديمقراطية ؟ تركت الموضوع بعد ذلك وعرف ادور وشكرني على مساندتي، اشعر بالندم انني لم  اعلن موقفي على الملأ و شعرت في هذا الوقت ان الاعلان لن يغير شيئا ولكن الان اشعر اني أخطأت لأن الأعلان كان سيفضح الطيب ويضعه في موقف حرج"... بهذه الكلمات فجرت الدكتورة والناقدة الادبية سيزا قاسم بعد 18 عام قضية كانت قد ذهبت فى غياهب جب الحركة الثقافية المصرية وتناستها الذاكرة الثقافية المصرية والعربية؛ إلا هى تدخل الطيب صالح رئيس لجنة تحكيم الدورة الثانية من ملتقى القاهرة الدولى للإبداع الروائى العربى عام 2003 لإعطاء الجائزة الى الروائى اليسارى صنع الله إبراهيم بدلاً من إدوارد الخراط، وخيرى شلبى الذى صوت له فيصل دراج عضور اللجنة، وجمال الغيطانى الذى أنقسمت أصوات أعضاء لجنة تحكيم الجائزة نحوه.

وعلى الرغم ان بعض شهود تلك القضية من أعضاء لجنة تحكيم الجائزة "فيصل دراج، وعبدالله الغذامى، ومحمد شاهين، ومحمود أمين العالم، وسيزا قاسم، وفريال غزول، و الدكتور حسين حمودة أمين سر اللجنة" مازالوا قيد الحياة؛ إلا أن "بوست" سيزا قاسم كشف عن حالة من الصمت والخذلان من قّبل هؤلاء لـ" إدوارد الخراط وخيرى شلبى وجمال الغيطانى"؛ رغم الاستعراض المسرحي الهزلى الذى قام بادائه صنع الله إبراهيم على خشبة المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية آئنذاك برفضه الجائزة متهما الحكومة آنذاك بالفساد والقمع والتبعية.

وعلى الرغم من علم "صنع الله" بفوزه من الدكتور جابر عصفور الذى كان يشغل منصب أمين عام المجلس الأعلى للثقافة خلال الفترة من ( 24 يناير 1993 حتى 24 مارس 2007) بثلاثة ايام بحسب بحسب ما جاء فى مقال للدكتور جابر عصفور فى جريدة الأهرام بعنوان "ملتقى القاهرة الدولى للإبداع الروائى العربى «2» " الذى نشر فى 24 مايو 2019؛ إلا أنه  بتتبع كواليس ما اثارته "سيزا قاسم" من خلال الرجوع الى أطراف القصة الأحياء منهم، والأموات الذين تركوا عن قصد أو دون قصد أذيالها فى بطون الكتب ومقالاتهم وشهاداتهم؛ تكشف لنا ما أبعد مما أثارته عضو لجنة تحكيم الجائزة مؤخراً؛ والذى يتمثل فى الدور الخفى الذى لعبه جابر عصفور من دعم "اللوبى اليسارى الخفى" من أبطال هذه القصة الذين قادوها بمهارة من وراء ستار؛ وهو ما نكشفه فى التحقيق التالي.

 ولكن قبل أن نبدأ فى استعراض ما دار فى الكواليس منذ 18 عاما؛ ثمة تساؤل يطرح نفسه هو كيف كان المشهد الثقافى المصرى فى عام 2003 وقت إعلان الجائزة؟

جابر عصفور يحمل الطيب صالح مسئولية منح صنع الله إبراهيم الجائزة.. ويخفى دوره: "صنع الله إبراهيم علم بفوزه قبل إعلان الجائزة بثلاثة أيام"

الدورة الثانية التى ذهبت إلى الكاتب الناصرى صنع الله إبراهيم ورفضها فى أداء مسرحى إستعراضى على خشبة المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية لم تكن سوى عرض مسرحى عبثى نسج ادائه الطيب صالح رئيس تحكيم الجائزة "اليسارى الهوى" وصنع الله إبراهيم الناصرى الإنتماء والإيدولوجيا؛ وهو ما كشفه الدكتور جابر عصفور الذى كان آئنذاك أمين عام المجلس الأعلى للثقافة أمين عام المجلس الأعلى للثقافة فى مقاله بجريدة الأهرام فى 24 مايو 2019، وذلك عندما قال:" استمرت أصداء الملتقى الأول للرواية العربية، فضلًا عن الحوارات حول نتائجه إلى ما لا يقل عن عام، حيث بدأنا الاستعداد للدورة الثانية من الملتقى الذى انعقد عام 2003، واستقر الرأى على أن يكــون عــنوان الملتقى الثانى هو عن العلاقة بين الرواية والمدينة من ناحية وبين اقتـران صعـود الـرواية - بمعناها الحديث - بصعود الطبقة الوسطى فى الوقت نفسه. وقد اخترنا إهداء الدورة إلى اسم المرحوم إدوارد سعيد الذى كان قد توفى سنة 2003، بعد أن ترك لنا من أعماله النقدية ما أدخل صوت الناقد العربى إلى المشهد العالمى النقدى كله، وذلك فى فعل موازٍ للفعل الذى قام به نجيب محفوظ على مستوى الإبداع الروائى. واستمرت أعمال الملتقى وجلساته على مدى أربعة أيام، وذلك فى الوقت الذى استمرت فيه أعمال لجنة التحكيم برئاسة الطيب صالح.

"عصفور" تابع مقاله بالكشف عن علم صنع الله إبراهيم بفوزه بالجائزة منه قبل إعلانها بثلاثة أيام وهو ما كشف عنه عندما تابع حديثه فى مقاله؛ قائلاً : " بعد أن فرغ المؤتمر من أعماله العلمية وجلساته النقاشية وموائده المستديرة، جاءت الجلسة الختامية لإعلان اسم الفائز، ولعلى أُفشى سرًّا للمرة الأولى عن عمل اللجنة، فقد كان هناك ما يشبه الانقسام بين أعضائها فى الاختيار ما بين جمال الغيطانى وصنع الله إبراهيم، وقد سألنى الدكتور فيصل دراج عمّا إذا كان هناك حساسية عند وزير الثقافة لو مُنحت الجائزة لجمال الغيطانى، فأخبرته فى حسم أن فاروق حسنى ليس عنده أى نوع من الحساسية لأى اسم تنتهى إليه اللجنة، خصوصًا إذا تحققت له الشروط اللازمة للحصول على الجائزة، وأصدرت اللجنة حكمها بأغلبية الأصوات التى مالت إلى صنع الله إبراهيم ولم تمل إلى جمال الغيطانى، وقد عرضت الأمر على فاروق حسنى (وزير الثقافة فى ذلك الوقت) فرحب بالنتيجة، ولكنه طلب منى التروى وعدم إبلاغ صنع الله إبراهيم إلا فى اللحظة الأخيرة، ولكن تقديرى النقدى ومحبتى لصنع الله إبراهيم تغلبت على ما تعهدتُ به لفاروق حسنى، فاندفعت إلى محادثة صنع الله إبراهيم تليفونيًّا وإبلاغه بقرار اللجنة، وأذكر جيدًا أننى سألته عن اسمه الرباعى لكى يكتب الاسم كاملًا على الشيك الذى يحمل المكافأة المالية للجائزة، فأملانى صنع الله إبراهيم الاسم الرُّباعى، ولم يكن ظاهرًا عليه فى مكالمته لى سوى الاستجابة الودودة والترحيب بما أظهرته اللجنة من تقدير أدبى يستحقه صنع الله إبراهيم بالتأكيد".

روائى مغربي يفجر مفاجآة :جابر عصفور هو من أعطى الجائز لصاحب "تلك الرائحة" بالضغط على الطيب صالح

الروائي والمحامي المغربى بهاء الدين الطود، عضو لجنة تحكيم الجائزة فجر مفاجآة مغايرة لما ذهب إليه الدكتور جابر عصفور فى مقاله بجريدة الاهرام؛ وهو ما جاء فى حوار نشرته له جريدة "المساء" بتاريخ 6 فبراير 2014؛ عندما قال : "غير المفهوم في رفض صنع الله إبراهيم لهذه الجائزة في دورتها الثانية، في 2003، هو قبوله الترشح لها، إذ إنه أعطى اسمه الثلاثي لجابر عصفور، وعندما أخبره هذا الأخير هاتفيا بفوزه بالجائزة شكره على ذلك.
"الطود" كشف عن أختيار صنع الله إبراهيم كان منه بشكل مباشر بالضغط على"الصالح"؛ وهو ما أشار إليه عندما قال:" ثم إن الحقيقة التي أخبرني بها عصفور هي أن اختيار صنع الله كان من طرفه، ليكون عصفور قد تورط في دعم تتويج صاحب «تلك الرائحة»، وقد لاحظت كيف أنه أحس بجرح عميق بعد رفض صنع الله الجائزة بالطريقة التي رفضها بها؛ فعندما صعد إلى المنصة وأعلن عن رفضه الجائزة، تعالت القاعة بالصياح: اِنزعوا له المايكرفون، فيما أخذا آخرون يسبونه.. لكن وزير الثقافة قال: اُتركوا الرجل يعبر عن موقفه. أنا شخصيا لم أتفق مع صنع الله إبراهيم في استغلاله جائزة أدبية لتصفية حسابات".

أحمد مجاهد يعود بنا الى القصة مرة ثانية: لدى مستندات تؤكد بأن الجائزة كانت لإدوار الخراط وليس صنع الله إبراهيم

1.jpg

بعد ما أثارته الدكتورة سيزا قاسم على حسابها بموقع "فيس بوك"، علق الدكتور أحمد مجاهد على ما كشفته الدكتورة سيزا قاسم؛ قائلاً:" أشهد بأن هذا قد حدث وبأن حضرتك لم تغيرى رأيك، بل أشهد ولديا المستندات، بأن الدفة كانت تميل بالكامل ناحية إدوار، لولا تغيير الآراء لأسباب أعرفها ولن أتحدث عنها ..وكان فيصل دراج يرشح ويدافع عن خيرى شلبى، لكنه وافق فى النهاية على ما انتهت إليه الجماعة"

efe.jpg

اللافت فى ما كتبه "مجاهد" عندما تابع حديثه؛ قائلاً:" كنت أمين سر اللجنة، ما ينفعش .. لا المستندات ولا أسباب التحول الدرامى يا صديقى ..المجالس أمانات، مهما مر عليها من سنين"، أن الدكتور جابر عصفور لم يشير إليه بالمرة فى مقاله أو إلى أنه كان أمين سر لجنة تحكيم الجائزة فى تلك الفترة بل كشف عن أن الدكتور حسين حمودة هو من كان يتولى أمين سر لجنة التحكيم، وهو ما جاء فى مقال الدكتور جابر عصفور بجريدة الأهرام، والمشار إليه فى مستهل هذا التحقيق.

2030.jpg

فاروق حسنى وزير الثقافة آئنذاك يكشف: جابر عصفور أخبرنى بفوز"صنع الله" قبل الحفل.. والجائزة لم تمنحها له الوزارة ولا الحكومة

وزير الثقافة الفنان فاروق حسني، كشف عن بعض مما دار فى كواليس تلك الواقعة، وذلك فى كتاب جاء بعنوان "فاروق حسنى يتذكر.. زمن من الثقافة" للكاتبة إنتصار دردير الذى تضمن على سلسلة من حواراتها معه بين ضفتى هذا الكتاب الصادر عام 2019 عن دار نهضة مصر للنشر والتوزيع؛ حيث قال:" وضع صنع الله إبراهيم النظام الحاكم فى حرج شديد أمام الروائيين العرب الذين حضروا الحفل، وسبب ذلك – بالتأكيد- حرجاً أكبر وأنت تقف على المسرح تستعد لتسليمه الجائزة التى تمنحها وزارة الثقافة، قاطعنى بحدة قائلاً: هذه الجائزة لم تمنحها له الوزارة ولا الحكومة، وإنما منحتها لجنة من الأدباء العرب ترأسها الأديب السودانى الكبير الطيب صالح، وهي جائزة استحدثناها فى المجلس الأعلى للثقافة للرواية والشعر العربى انطلاقاً من مكانة مصر ودورها الثقافي.

 

278006752_704539530586875_6443593554443797549_n.jpg

وزير الثقافة آئنذاك، الفنان فاروق حسنى أكد ما ذهب إليه الروائى والمحامي المغربي" الطود" بان الدكتور جابر عصفور الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة كان قد اخبره بقوز صنع الله إبراهيم بالجائزة قبل إعلانها بثلاثة أيام، وهو ما جاء فى كتاب "دردير"، حيث قال:" كان د.جابر عصفور قد أخبرنى قبل الحفل بثلاثة أيام بقوز الأديب صنع الله إبراهيم فقلت له، لا تخبره حرصاً على عنصر المفاجأة الضرورى لأى جائزة، إلا أنه كان قد أخبره بالفعل، لذا كان لديه الوقت ليرتب هذا "الشو"ن فقد وقفت لجنة التحكيم فى استقباله على المسرح وصعد وسط تصفيق الحضور ليعلن رفضه للجائزة ويغادر المسرح مزهواً بنفسه، كان مشهداً تمثيلياً باهتاً أصاب أعضاء اللجنة بالوجوم، وأسقط فى يد جابر عصفور الذى شعر بحرج شديد، إلا أننى أستوعبت الموقف بسرعة، ولم أشعر بالحرج ولا بالأسى، وأمسكت بالميكرفون وقلت إن رفض صنع الله إبراهيم للجائزة يعد شهادة للحكومة المصرية ومناخ الحرية الذى تعيشه مصر، وإن فوزه بها دليل ينفى ما قاله، وأشدت بلجنة التحكيم وحيادها والجهود التى بذلتها لاختيار الفائز، موجهاً الشكر لهم، وصفق الحضور واعضاء اللجنة التى كانت تضم عدداً من كبار الأدباء العرب".

278003855_244196027863929_2426921506119884286_n.jpg

إيهاب الخراط: والدى رفض جائزة قبل واقعة صنع الله إبراهيم ولكنه لم يحرج لجنة التحكيم

الدكتور إيهاب الخراط، استشارى الطب النفسى، و ابن الروائى إدوارد الخراط علق على ذلك فى تصريحات لـ"الدستور"، قائلاً" إن ادوارد الخراط لم يكن صراحة يعبأ بالجوائز او يكترث بها، أما فى مسالة اعتذار صنع الله ابراهيم والحقيقة انا والاستاذ ادوارد كنا معارضين لنظام مبارك وقتها لكن هذا شىء وقبول جوائز بإسم مصر شيئاً آخر".

زين العابدين خيرى شلبى: والدى خًير بين جائزة الدولة التقديرة وملتقى الرواية.. وانحاز لأولى 

قال الكاتب زين العابدين خيرى شلبي، أنه تابع الواقعة فى تلك الفترة، وأن ما يعلمه عنها ان رد فعله والده فى الاحتفالية التى أعلن فيها صنع الله إبراهيم رفضه الجائزة، ان والده رحب بموقف صنع الله ابراهيم، ومع ذلك هناك بعض الأشخاص الذين قالوا أن خيرى شلبي لم يرحب بما فعله صنع الله إبراهيم واستنكر ذلك.

 وكشف زين خيرى شلبى فى تصريحاته لـ"الدستور"، أن والده كان حابب ان يفوز بجائزة الدولة التقديرية عام 2005 بعد ان تم تخيره بين الجائزتين جائزة مؤتمر الرواية، وجائزة الدولة التقديرية، وان والده انحاز فى النهاية الى جائزة الدولة التقديرية لكونها جائزة تحمل أسم مصر حتى ولو اقل فى قيمتها المادية.

وأكد زين خيرى شلبى فى تصريحات لـ"الدستور"، أن الاديب خيرى شلبى بشكل عام كان يرفض خيرى شلبى الجوائز التى تقوم على المسابقات مثل جائزة ملتقى الرواية.

رغم اتهام سيزا له.. الطيب صالح فاز بدورتها الرابعة .. وإدوارد الخراط فى "الخامسة"

الغريب فى هذا الموضوع، هو أنه رغمه إتهام الدكتورة سيزا قاسم للروائى السوداني الطيب صالح الذى كان يشغل رئاسة لجنة تحكيم الجائزة فى دورتها الثالثة والذى اتهمته "سيزا" فى تعليقها على حسابها بموقع "فيس بوك" أنه ضغط على أعضاء لجنة التحكيم لإستبعاد إدوارد الخراط ومنحها لصنع الله إبراهيم، أن الطيب صالح نفسه فاز بالجائزة في دورتها التالية لفوز صنع الله إبراهيم وهى الدورة الثالثة التى أعلنت عام 2005، والاكثر عجباً أن إدوارد الخراط الذى أستبعده الطيب صالح فاز بالجائزة في الدورة الرابعة عام 2008.

مخالفة شروط الجائزة من أجل عيون "الطيب صالح"

اللافت للانتباه أنه بالنظر الى شروط الجائزة "أن يكون للفائز عمل روائي منشور خلال عشر سنوات سابقة على تاريخ إقامة المؤتمر"، إلا أن الجائزة عام 2005 أستثنت الطيب صالح من هذا الشرط ، حتى صدر له قبل شهور رواية “المنسي” فاستحق الجائزة (إجرائياً) عام2005.

الطيب صالح: «لا يرتقي سلوكي إلى مستوى اسمي.. فلا أنا طيب ولا أنا صالح»

بعد انتهاء العرض المسرحى الهزلى الذى قدمه الروائى صنع الله إبراهيم عام 2003 بفرضه جائزة ملتقى الرواية العربية فى دورتها الثانية؛ إلا أن توابعها ظلت مستمرة حتى عام 2005 عندما فاز الروائي السوداني الطيب صالح بهذه الجائزة، والذهاب إلى أن الذي كان يستحقها هو الليبي إبراهيم الكوني، وهو ما يكشفه الروائى والمحامى المغربى بهاء الدين الطود عضو لجنة تحكيم الجائزة؛ فى حواره لجريدة المساء؛ عندما كشف؛ قائلاً :" هذا الأمر حدث حتى مع جائزة سلطان العويس الإماراتية التي اعتذر الطيب صالح عن قبول ترشيحه لها رغم إلحاح كثير من المثقفين والأصدقاء عليه في الموضوع. 

وعند ترشيح الطيب صالح في 2005 لنيل جائزة ملتقى القاهرة قيل إنه قبل بذلك كنوع من إعادة الاعتبار إليها، هو الذي كان رئيسا للجنة تحكيمها في الدورة السابقة حين رفضها بشكل مفاجئ الروائي المصري صنع الله إبراهيم. لكن الذي حصل هو أن الطيب صالح سيجد نفسه في دورة 2005 أمام علم من أعلام الرواية العربية هو إبراهيم الكوني، فانحصرت المنافسة بينهما بعدما كان مرشحا كل من إلياس خوري وإدوارد الخراط وخيري شلبي وبهاء طاهر، وآخرين. وأثناء المداولات، اعترض بعض أعضاء لجنة التحكيم على أن يؤول الفوز بالجائرة إلى الطيب صالح بمبرر أنه انقطع عن كتابة الرواية منذ وقت طويل، لكن أغلبية الأعضاء أيدوا ظفره بها. أما رئيس اللجنة، الصديق جابر عصفور، فقد قرر الانحياز إلى إبراهيم الكوني، ليس لاعتبارات أدبية، وإنما لإحاطة عمل اللجنة بقليل من الجدل".

وتابع" الطود" : ذهب جابر عصفور إلى إبراهيم الكوني وقال له إن لجنة التحكيم حصرت الجائزة بينكما، أنت والطيب صالح، ثم أضاف قوله: لقد أخبرت الطيب بالموضوع فقال لي: أنا لا أستحق هذه الجائزة، إذا ما قورنت بإبراهيم الكوني الذي راكم تجربة روائية كبيرة، لذلك فأنا أضم صوتي إلى من اختار إبراهيم الكوني. وبعد أن استمع إليه ابراهيم الكوني إلى جابر بتمعن قال له: أنا أصغر سنا من الطيب صالح، وقد تتاح لي فرص أخرى للفوز بهذه الجائزة، لذلك فإنني أتنازل للطيب، فهو روائي مقتدر ومثقف ثاقب الفكر".

واستطرد "الطود"، دخلنا إلى القاعة الكبرى لدار الأوبرا، في انتظار الإعلان عن الفائز، ولم يكن أحد منا يعرف لفائدة من ستحسم النتيجة.. كنت أجلس جنب الطيب، فالتفت إليه قائلا: السي الطيب -وكان يروقه حين أناديه أن يسمع مني هذه «السي» المغربية، فيرد علي توا: «السي بهاء»- من نصيب من ستكون الجائزة؟ فأجاب: من نصيب إبراهيم الكوني. هو يستحقها عن جدارة، قبل أن يضيف: الكوني من أكبر الروائيين في العالم، وقد اختارته مجله «Lire» الفرنسية ضمن خمسين روائيا عالميا، قالت إنهم يمثلون اليوم «أدب القرن الحادي والعشرين». ومازلنا على هذه الحال حتى صعد وزير الثقافة الأسبق، فاروق حسني، إلى المنصة، ومعه لجنة التحكيم، التي كان ضمنها الروائي والناقد المغربي محمد برادة، وأعلن: الفائز هو الطيب صالح؛ التفت إليه فوجدته واجما يلتفت ذات اليمين وذات اليسار كمن يبحث عن نفسه.. دفعته نحو المنصة، وعندما صعد إليها قال كلاما أبكى الناس: «لا يرتقي سلوكي إلى مستوى اسمي، فلا أنا طيب ولا أنا صالح».

وأخيرا.. كيف كانت علاقة الطيب صالح بصنع الله إبراهيم ؟

عقب رفض صنع الله إبراهيم، هاجم الطيب صالح صاحب "تلك الرائحة" بضرواة فى الصحف المصرية إلى حد وصفه بأنه “خائن” لأنه يرفض جائزة تمنحها له بلاده، مما أثار استياء المثقفين المصريين، وطالبه بعضهم بالاعتذار عن هذه التصريحات لكنه رفض، بل إن الطيب صالح ذهب إلى أبعد من ذلك حين قال أن صنع الله لا يستحق الجائزة على الرغم من أن الطيب صالح كان رئيس لجنة التحكيم التي منحت صنع الله الجائزة وهو نفسه الذي قرأ قرار اللجنة الذي أشاد بأعمال وقيمة صنع الله إبراهيم، وعندما سئل “لماذا أعطت اللجنة التي يرأسها الجائزة لـ"صنع الله" قال: "إنني العضو الوحيد في اللجنة الذي رفض إعطاءها له"، وهى تصريحات تكشف عن أن العلاقة بينهما لم تكن علاقة صداقة بقدر كونها علاقة مضطربة وهو ما يؤكد ما ذهبنا إليه فى مستهل التحقيق بأن من هندس واقعة عام 2003 والمسرحية الهزلية لصنع الله إبراهيم وهو الدكتور جابر عصفور فى محاولة لإستمالة المثقفين من تيار اليسار فى وقت كانت تبحث فيه الدولة عن من يمرر إجراءاتها نحو الديمقراطية التى سبقت رياح التوريث، وليس ما ذهبت إليه الدكتورة سيزا قاسم فى تعليقها عبر حسابها بموقع "فيس بوك".