رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الطريق إلى الجمهورية الجديدة (9).. نص دستورى لحل أزمة السكن

صورة من أرض الواقع
صورة من أرض الواقع لوحدات بالإسكان الاجتماعي

يعلم أغلبنا إن لم يكن جميعنا كيف عانت مصر من عدم توافر وحدات سكنية لمحدودي ومتوسطي الدخل قبل عام 2013، وكانت هناك فجوة مستمرة ومتزايدة في الوحدات السكنية تحديدًا لهاتين الشريحتين من المواطنين، وهي قضية ناقشتها العديد من الأفلام السينمائية والأعمال الدرامية ولعل أشهرها فيلم "كراكون في الشارع".

ولحل هذه الأزمة كانت البداية عندما نص "دستور" مصر الصادر عام 2014، في المادة 78 على أن تكفل الدولة للمواطنين الحق في المسكن الملائم والآمن والصحي، بما يحفظ الكرامة الإنسانية ويحقق العدالة الاجتماعية، وتنص المادة ذاتها على التزام الدولة بوضع خطة وطنية كاملة للإسكان وخطة قومية شاملة لمواجهة مشكلة العشوائيات، تشمل إعادة التخطيط وتوفير البنية الأساسية والمرافق، وتحسين نوعية الحياة والصحة العامة، وتوفير الموارد اللازمة للتنفيذ خلال مدة زمنية محددة.

 في استراتيجية التنمية المستدامة "رؤية مصر 2030" ، انعكس هذا الإلتزام الدستوري، حيث أفردت الاستيراتيجية محورًا كاملًا بخصوص التنمية العمرانية، وخلال السنوات الماضية من بعد 2014، بذلت الدولة جهودا كبيرة في تعزيز الحق في السكن اللائق، حيث أطلقت برنامج طموح للإسكان الاجتماعي يضع في اعتباره الفئات منخفضة ومتوسطة الدخل.

وفي مارس 2020؛ قدمت المقررة الخاصة المعنية بالسكن اللائق لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة تقريرًا بشأن المبادئ التوجيهية لإعمال الحق في السكن اللائق والتي تمثل المتطلبات الأساسية لتعزيز هذا الحق، قالت فيه أنه بالنظر إلى المبادئ التوجيهية الستة عشر نجد أن الدولة المصرية تعمل في إطار معظمها؛ فعلى سبيل المثال تتضمن المبادئ التوجيهية "ضمان الحق في السكن باعتباره حقًا أساسيًا من حقوق الإنسان مرتبطًا بالكرامة والحق في الحياة"، وهو ما يتوافق بالفعل مع المادة 78 من الدستور المصري.

وبالفعل حظي الإسكان الاجتماعي باهتمام الدولة المصرية للعمل على تمكين أصحاب الدخل المنخفض والمتوسط، ففي عام 2014، ِ أعلن عن إنشاء مليون وحدة سكنية لدعم أصحاب الدخول المنخفضة والمتوسطة، كما صدر القرار الجمهورى رقم 33/2014 بشأن الإسكان الاجتماعي، والمعدل بالقانون رقم 93/2018 بشأن الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، والذي نص على طرح مشروعات الإسكان الاجتماعي بهدف توفير مسكن ملائم للمواطنين محدودي الدخل وقطع أراض عائلية صغيرة لذوي الدخول المتوسطة، ضمن برنامج الإسكان الاجتماعي كذلك نَّص على إنشاء صندوق تمويل الإسكان الاجتماعي بهدف تمويل وإدارة وإنشاء الوحدات السكنية لبرنامج الإسكان الاجتماعي ، والخدمات التجارية والمهنية لتلك الوحدات.

وبلغ عدد المستفيدين من برنامج الإسكان الاجتماعي حتى 30 من يونيو 2020 نحو 312 ألف مستفيد، حصلوا على دعم نقدي من صندوق الإسكان الاجتماعي وصل إلى 9.4 مليار جنيه، وبتمويل عقاري في حدود 8.3 مليار جنيه، سددته جهات التمويل العقاري (بنوك – شركات التمويل العقاري).

عملت الحكومة في هذا المحور وفق قواعد محددة في برنامج الإسكان الاجتماعي، إذ لا بد أن يكون موقعها ضمن منطقة حضرية، كما يجب أن  تكون التربة مناسبة لأعمال البناء، ولا بد من تجنب المناطق الخطرة وغير الأمنة وإعطاء الأولوية للمناطق الأكثراحتياجا ً لمدن سكنية جديدة وفقًا للتخطيط الاستيراتيجي العام للمدن والقرى بكل محافظة، ووجود جدوى لتوسيع البنية ِ التحتية والخدمات الأساسية من قبل الحكومة، وأن تكون هناك إمكانية للوصول إلى الخدمات الأساسية، وسهولة الاتصال بالطرق العامة.

وانتهى الأمر في وقتنا الحالي بعدم الحديث تمامًا عن أزمة عدم توافر وحدات سكنية لمحدودي الدخل، حيث يمكن لأي شاب في بداية حياته أن يتقدم للحصول على وحدة سكنية مدعومة من الدولة بمقدم متوسط 15 ألف جنيه، بمساحة 90 متر، داخل منطقة مكتملة الخدمات والمرافق، وقسطها في متناول الجميع، بشرط أن يكون منطبقًا عليه شروط محدودي الدخل.

من الجدير بالذكر، أيضًا  أنه في الإطار العملي بشأن توفير السكن اللائق والمناسب للمواطنين، أطلق المشروع القومي ”سكن لكل المصريين“ ووجه بإنشاء 500 ألف وحدة سكنية في المدن الكبرى وعواصم المحافظات على مستوى الجمهورية.