رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكنيسة الكاثوليكية تحيي ذكرى القديس مبارك العبد الأسود

كنيسة
كنيسة

تحيي الكنيسة الكاثوليكية، اليوم، ذكرى القديس مبارك العبد الأسود، و روى الأب وليم عبد المسيح سعيد  الفرنسيسكاني سيرته، موضحا أنه ولد  في عام 1524م لوالدين هم خرستفور وديانا، وكان أبوه عبداً لأحد أشراف جزيرة صقلية وأمه كانت خادمة في أحد المنازل وكان مواليها قد اعتقوها من العبودية وكان أصلهما من افريقيا فلما اقترنا برباط الزواج عزما ألا يعرف أحدهما الأخر لئلا يرزقا ولداً فيكون عبداً محروماً من حريته.

و أضاف الأب وليم عبد المسيح سعيد الفرنسيسكاني، فلما علم سيد خرستفور بذلك وعدهما بأنه يطلق لهما أول ولد يولد منهما. فولد لهما مبارك، ومنذ صغره تربي في سرير الفضائل لأن أباه خرستفور كان مسيحياً حقاً ذا تقوى عظيمة وإكرام خاص لمريم العذراء، ومحبة جزيلة للفقراء فكما كلما جمع مقداراً من المال أنفقه على الفقراء، مضيفا وكان أمياً لا يعرف القراءة والكتابة ولأجل ذلك لم يعلم ابنه مبارك شيئاً من العلوم والدراسة، بل علمه علم القديسين الذي هو محبة الله فوق كل شيء وخدمته، وكان يرعى غنم مولاه، وكان محبوباً عند سيده لصدقه وأمانته في خدمته، أما مبارك فلما كبر تقلد رعاية الغنم مكان ابيه فكان يأخذها ويخترق بها البراري، فكان رفقاؤه يبغضونه ويحتقرنه لأنه لم يكن يخالطهم ويرافقهم في أعمالهم الردية فكان يحتمل ذلك بصبر ولما صار عمره خمسة عشرة عاماً فانطلق إلى برية فيها سواح،  ولما رأوه طفقوا يهزأون به، ولكن رجلاً شريفاً منهم زجرهم وقال لهم انكم الأن تستخفون بهذا العبد المسكين ولكنكم عما قليل ستتعجبون من صيته السامي.

وتابع "الفرنسيسكاني"،  ثم التفت إلى "مبارك "وقال له اتبعني وشرع يسير سيرة تحاكي سيرة آباء البرية الأولين فلم يأكل إلا مرة واحدة في اليوم وكان طعامه الخبز والحشائش لا غير. وكان يقمع جسده بالتقشف وعمل له ثياباً من ورق النخل، فذات يوم ارسله رئيسه إلى المدينة لقضاء حاجة فصادف في الطريق امرأة فقيرة فتوسلت إليه أن يرسم علامة الصليب على قرحتها لعلها تشفى. فتحنن مبارك عليها وأجاب إلى سؤالها. فبرئت تلك المرأة من ساعتها، وذاع خبر هذه الكرامة في كل مكان فكان المرضى يتقاطرون إليه مستشفين أما هو فلكثرة ازدحام الجمع عليه، ترك تلك البرية وهرب مع رفاقه إلى أحد الجبال وبنوا لهم صوامع من الحجارة وورق الشجر، وأقاموا فيها وكانت جودة الله تسد احتياجاتهم، وبنى لهم هناك والى جزيرة صقلية كنيسة وصوامع أخرى. وبعد زمان مات رئيسهم فأموا عوضه مبارك رئيساً عليهم فأصبح هذا القديس قائداً لهم في جميع الفضائل، واستمر في رئاسة الدير على حين ضم البابا بيوس الرابع اخويتهم إلى رهبنة القديس فرنسيس الأسيزي.

و أضاف وحينئذ أرسل مبارك إلى دير القديسة حنة وسكن فيه ثلاث سنين منعكفاً على اعمال التقشف والصلاة والتأمل. ثم انطلق إلى دير القديسة مريم وصار فيه طباخاً، فكان يقوم بكرامات كثيرة بسبب نقص الطعام. وبعد فترة أقيم رئيساً على أحد الأديرة فكان مع ذلك يعتبر نفسه الأخير في الرهبان وكان يعمل أدنى الأعمال في الدير محافظاً على الفقر والتواضع والصبر. وزينه الله بموهبة عمل الكرامات فكان بعلامة الصليب يرد البصر للعميان. والسمع للصم والصحة للعرج والمفلوجين. والحياة للموتى ويشفى كل نوع من الأسقام. 

وتابع وبعدما قضى مبارك حياة مقدسة ممتلئة أعمالاً صالحة أصيب بحمى شديدة جعلته طريح الفراش فعلم من ذلك بأن قد حانت ساعة رحاله من هذا العالم فتناول الأسرار المقدسة وتأهب للموت. فاستنار وجهه بنور سماوي وفاحت منه رائحة ذكية وبسط يديه على صدره ولفظ اسم يسوع ومريم وابيه القديس فرنسيس ورفع عينه إلى السماء وقال: “يارب فى يديك استودع روحي" وبهذه الكلمات خرجت روحه.

وكان ذلك في اليوم الرابع من شهر إبريل عام 1589م. وعمره خمس وستون سنة، ولما نعى وشاع خبر موته اجتمع إلى الدير أناس كثيرون من الأمراء والفقراء وحضروا في تجنيزه ودفنه، وأجري الله كرامات باهرة على قبره.