رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زيارة تاريخية لملك الأردن عبدالله الثانى إلى رام الله الفلسطينية

شكلت الزيارة التاريخية للملك عبدالله الثاني، إلى مدينة رام الله في الضفة الغربية في فلسطين المحتلة، نقطة ارتكاز لها دلالاتها السياسية والقومية، وفيها نجح الملك الهاشمي بقيادة مباحثات لها وزنها السياسي والوطني مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، رافقه في الزيارة سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد. 
جاءت تصريحات الملك لتعيد المواقف الأردنية الثابتة من تداعيات القضية الفلسطينية، في وقت يخوض العالم أزمات وحروبًا متباينة في أثرها على دول المنطقة والشرق الأوسط والعالم، ودعا الملك عبدالله الثاني إلى ضرورة النظر بعمق وقال: علينا أن نعي وندرك أهمية أن تحظى القضية الفلسطينية بالزخم المطلوب دوليًا، وألا تقلل أية أزمات مستجدة من حضورها على الساحة العالمية.
فيما قال الرئيس عباس مؤكدًا: الموقف الأردني من القضية الفلسطينية هو موقف فلسطيني يؤكد أهمية زيارة الملك للتشاور وسماع رأيه "السديد".
المباحثات، بحسب تقارير بثتها وكالة الأنباء الأردنية "بترا"، أكدت ضرورة الحفاظ على الهدوء الشامل وتعزيز الاستقرار خصوصًا خلال شهر رمضان المبارك، شددت في الوقت ذاته، على احترام حق المسلمين بممارسة شعائرهم الدينية في الحرم القدسي الشريف، دون أي استفزازات أو تدخل.
طبيعة زيارة ملك الأردن حرصت على تعزيز العمل السياسي والدبلوماسي مع جميع الأطراف لتفادي أي تصعيد من شأنه إضعاف فرص إحلال السلام.
أيضًا أكد جلالة الملك عبدالله الثاني في رام الله، أن الأردن سيبقى على الدوام مع الأشقاء الفلسطينيين ويقف إلى جانبهم أمام التحديات، داعمًا لحقوقهم، قائلًا: "نحن والفلسطينيون الأقرب إلى بعض وفي نفس الخندق".
أوضحت الزيارة الحرص الهاشمي، ومواقف المملكة الأردنية الهاشمية التاريخي، الذي اتضح في مستهل مباحثات عقدها الملك مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في مقر الرئاسة الفلسطينية،بحضور سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، وكبار المسئولين من الجانبين. 
سعادة ملك الأردن لها دلالاتها من الوجود المؤثر لشخصية وقدرة وعمل الأردن، بإرادة وطنية صلبة، عبّر عنها الملك، معتبرًا وجوده في رام الله استمرارًا لعمل المملكة على الصعد العربية والإسلامية والدولية والأممية، التي شكلت تقديره للأشقاء الفلسطينيين على كرم الضيافة، مباركًا جلالته للرئيس عباس وللشعب الفلسطيني العزيز بمناسبة قرب حلول شهر رمضان الفضيل.
وضعت الزيارة الجهود الأردنية ومواقف الملك  العربية والدولية بالتوازي مع إشارات.. أولًا:
أن المنطقة لا يمكنها أن تنعم بالأمن والاستقرار من دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، ذات السيادة والقابلة للحياة، على خطوط الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
*ثانيًا:
ضرورة وقف كل الإجراءات الإسرائيلية الأحادية، خاصة في القدس والحرم القدسي الشريف، التي تعيق فرص تحقيق السلام الشامل والدائم، "الذي هو هدفنا جميعًا حتى تعيش الدولة الفلسطينية المستقلة بسلام وأمن إلى جانب إسرائيل".
*ثالثًا:
الأردن مستمر في بذل كل الجهود للحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم بالقدس، وحماية ورعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، من منطلق الوصاية الهاشمية على هذه المقدسات.
*رابعًا:
أهمية أن تحظى القضية الفلسطينية بالزخم المطلوب دوليًا وألا تقلل أية أزمات مستجدة من حضورها على الساحة العالمية.
اجتماعات الملك عبدالله والرئيس عباس، وصفها الجانب الفلسطيني بالقول: "نرحب بكم بين أهلك وإخوانك، وهذا شرف كبير أن تزورنا"، مؤكدًا أهمية زيارة الملك للتشاور في إطار إدامة التواصل بين الجانبين و"سماع رأي جلالة الملك السديد".
وعزز الرئيس عباس أهمية مبادرة وزيارة الملك عبدالله قائلًا: "نحن والأردن شعب واحد، والمصلحة والهموم واحدة، والآلام والآمال واحدة، لذلك نرحب بالتواصل واللقاء مع جلالتكم بشكل دائم"، ذلك، بحسب وصف عباس، في إشارة نحو وحدة الحال الأردني الفلسطيني، ومثمنًا: مواقف الأردن الثابتة بقيادة جلالة الملك في دعم حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، في مختلف المحافل الدولية، وقال إن "الموقف الأردني من القضية الفلسطينية هو موقف فلسطيني"، مقدرًا عاليًا الجهود التي يبذلها جلالته في حماية ورعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، والحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم فيها.
ترافقت الزيارة وأهميتها مع تحليلات ومتابعة إعلامية، وضعت محددات حول الوضع في الأراضي الفلسطينية، منها:
*المحدد الأول:
ضرورة الحفاظ على الهدوء الشامل، وتعزيز الاستقرار خصوصًا خلال شهر رمضان المبارك، واحترام حق المسلمين بممارسة شعائرهم الدينية في الحرم القدسي الشريف، دون أي استفزازات أو تدخل.
*المحدد الثاني:
أهمية العمل مع جميع الأطراف لتفادي أي تصعيد من شأنه إضعاف فرص إحلال السلام والتأثير سلبًا على جهود تحقيقه.
*المحدد الثالث:
تنسيق الجهود المبذولة لضمان استمرار تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وتمكينها من أداء مهامها ضمن تكليفها الأممي.
*المحدد الرابع:
ضرورة مواصلة بذل الجهود الدبلوماسية بما يخدم مصلحة الشعبين، فضلًا عن تعزيز التعاون الثنائي، خاصة في الجانب الاقتصادي.
*المحدد الخامس:
بحث المشاريع الإقليمية المشتركة وكيفية مشاركة الأشقاء الفلسطينيين فيها، لا سيما تلك المتعلقة بتعزيز الأمن الغذائي والتخفيف من آثار الأزمة الأوكرانية على المنطقة.
طبيعة الزيارة وأهميتها، وما تضمنته من مباحثات، شكلت الوفد الرسمي الذي رافق الملك: رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، ونائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشئون المغتربين أيمن الصفدي، ومدير مكتب جلالة الملك، الدكتور جعفر حسان، ومدير المخابرات العامة اللواء أحمد حسني، ورئيس مكتب تمثيل المملكة الأردنية الهاشمية لدى دولة فلسطين محمد أبو وندي، وعدد من كبار المسئولين الفلسطينيين.
ما بين العاصمة الأردنية عمان، ومقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله بالصفة الغربية من فلسطين المحتلة، حملت أطيافًا من المحبة، حيث وصل الملك على متن طائرة مروحية حطت بالقرب من مكتب عباس في المقاطعة، إضافة إلى طائرتين مرافقتين، 
بحسب ما نقلت  وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، التي لفتت إلى أن الزيارة تأتي "كاستمرار لسياسة التنسيق والتشاور المستمر بين الرئيس عباس وأخيه الملك عبدالله الثاني، لمواجهة التحديات كافة في العديد من القضايا التي تهم البلدين".

عملًيا حفزت الزيارة من وضع انتباه ورؤية سياسية لها دلالاتها في وقت أعربت مصادر دولية وأممية وإسرائيلية وفلسطينية عن خشية من ارتفاع حدة التوتر خلال شهر رمضان ورأت أن زيارة العاهل الأردني تأتي في محاولة للحد من التوتر المتوقع خاصة في مدينة القدس خلال الصلاة في المسجد الأقصى في شهر رمضان.

وبموجب الوضع التاريخي والحضارية والسياسي، يتولى الأردن الوصاية الهاشمية على أوقاف القدس والحرم القدسي الشريف، وإدارة المسجد الأقصى وكنائس القدس والاعتناء بها من خلال موظفي الأوقاف، الإسلامية والمسيحية، وحرص ويشدد الملك الهاشمي الوصي عبدالله الثاني، على دور الدولة الأردنية وقيامه بكل متطلبات وأهمية ومواثيق الوصاية التي لها قيمتها ومكانتها القانونية والدولية والاممية.

إلى ذلك، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، إن انتهاكات قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين اليهود المتواصلة في الأراضي الفلسطينية، لا يمكن السكوت عنها.
ودانت الخارجية الفلسطينية، في بيان اليوم الإثنين، انتهاكات وجرائم الاحتلال ومستوطنيه ومنظماتهم المسلحة ضد الفلسطينيين وأرضهم وممتلكاتهم ومقدساتهم، والتي ترتقي إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يحاسب عليها القانون الدولي.
وأشارت بهذا الخصوص إلى استمرار عمليات أسرلة وتهويد القدس وتغيير واقعها التاريخي والقانوني والديموغرافي لصالح رواية الاحتلال وأطماعه الاستعمارية التوسعية، وتكريس ضمها وفصلها تمامًا عن محيطها الفلسطيني وحسم مستقبلها السياسي من جانب واحد وبقوة الاحتلال.
وبينت أن آخر تلك الأعمال، اقتحام المستوطنون وسيطرتهم على فندق بحماية شرطة الاحتلال وعمليات الاستهداف المتواصل لحي الشيخ جراح والأحياء المقدسية وتصعيد اقتحامات المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة، والاعتداء على العقارات الفلسطينية والكنسية في القدس وهدم منازل الفلسطينيين وتوزيع إخطارات بالهدم في إطار سياسة تهويدية متواصلة وعمليات تهجير قسرية للمقدسيين ودفعهم للخروج من مدينتهم.
كما استنكرت عمليات التطهير العرقي وإلغاء الوجود الفلسطيني في عموم المناطق المصنفة (ج) وتخصيصها لصالح الاستيطان كما حدث في إعادة البناء في بؤر استيطانية بالقرب من رام الله، والاستيلاء على أراض في قصرة ونصب كرفانات فيها، واستمرار عمليات الهدم وتوزيع إخطارات بالهدم في مسافر يطا والأغوار، وتحطيم منشآت تجارية ومركبات في برقة وجالود من قبل المستوطنين، إضافة إلى استمرار عمليات استباحة البلدة القديمة في الخليل ومحاولة السيطرة عليها وإلغاء الوجود الفلسطيني فيها.
وثقت الزيارة التاريخية للملك الوصي، عبدالله الثاني، واللقاء في رام الله، لعمل أردني فلسطيني يرتقي لمستويات تعزز الرؤية العربية والدولية من الوضع الراهن لمسارات القضية الفلسطينية وعودة التنسيق الأممي والدولي لتحريك العملية السلمية التي تصون الحقوق الفلسطينية وتحقق العمل من أجل الأمن والسلام ووصولًا لحل النزاع وحفظ الحق في قيام الدولة الفلسطينية، وفق الثواب العربية والإسلامية والدولية.