رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ليلة ساخنة فى بغداد سببها ميليشيا مسلحة تتحدى الحكومة العراقية.. ما القصة؟

ارشيفية
ارشيفية

اعتقلت الحكومة العراقية قائد الحشد الشعبي قاسم مصلح للاشتباه في ضلوعه في اغتيال الناشط إيهاب الوزني، وعلى الرغم من تضارب الأنباء حول إطلاق سراح القيادي البارز في الحشد الشعبي قاسم مصلح أو نقله إلى المبنى الأمني للميليشيات الموالية لإيران، تحول الانتباه إلى الأسلحة التي بحوزة الميليشيات الشيعية التي يشكلون قوات الحشد الشعبي.

وأمضت بغداد ليلة متوترة بعد انتشار قوات الحشد الشعبي، بينما أغلقت قوات عسكرية مدججة بالسلاح ودبابات من القسم الخاص بجهاز مكافحة الإرهاب مداخل المنطقة الخضراء والشوارع المجاورة.

وقالت حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، إن مصلح الذي اعتقل للاشتباه في تورطه في اغتيال الناشط إيهاب الوزني الذي كان رئيس هيئة تنسيق الاحتجاجات في كربلاء، لا يزال رهن الاعتقال المشترك تحت قيادة العمليات حتى انتهاء التحقيق معه.

وقال بيان صدر عقب اجتماع ضم بالإضافة إلى الكاظمي رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، إن الأحداث الأخيرة أثرت سلبا على الجهود الوطنية الهادفة إلى تحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ على هيبة الدولة.

وشدد الاجتماع على أن "استمرار الاضطرابات الأمنية والتعدي على سلطة الدولة وحقها في اتخاذ القرارات الأمنية والعسكرية يمثل خرقا خطيرا لسلطة الدولة في تطبيق القانون وحماية أمن المواطنين ويعرض استقرار البلاد إلى واقع شديد الخطورة".

ويرى مراقبون أن هذا الموقف يعكس توافقًا بين مؤسسات الدولة في مواجهة الميليشيات إيران المسلحة في الداخل العراقي، وبالتالي دعم موقف الكاظمي من قضية المصلح.

لكن مصادر من داخل الحشد أكدت فى تصريحات لـ"أمان"، أن العمليات المشتركة سلمت مصلح إلى مديرية أمن الحشد في الساعة الخامسة من صباح الخميس، وأن الموقف محرج وخطير.

فيما غرد عبر تويتر فالح الخزعبي النائب عن ائتلاف الفتك الذي يضم غالبية الحشد الشعبي في البرلمان، مطالبا إطلاق سراح قائد عمليات الأنبار في قوات الحشد الشعبي قاسم مصلح فورا وتسليمه إلى إدارة الأمن في الحشد الشعبي وليس الحكومه العراقية.

وأضاف: "لا يجوز القبض على أي منتسب في الدفاع والداخلية وجهاز مكافحة الإرهاب والحشد إلا من قبل الجهة التي ينتمي إليها العضو"!

من جهته قال مدير الإعلام في الحشد الشعبي مهند العقابي: "الأمر انتهى وانتهت الفتنة"، في إشارة إلى انتهاء اعتقال مصلح.

وحتى الآن، لم يتم نشر أي صورة لإطلاق سراح مصلح أو تسليمه لأمن الحشد، مما يؤكد التسريبات التي تفيد بوجود اتفاق خاص لتسليم مصلح للحشد، مع تعهد بإبقائه رهن الاعتقال والامتناع من نشر أي صور له.

وكشفت العملية برمتها عن سيطرة قوات الحشد الشعبي على اتخاذ القرار من قبل الحكومة العراقية وأدت إلى مزق سلطة الدولة بالكامل، ما دفع مئات المحللين عبر وسائل التواصل يسخرون من احتلال ايران للعراق وضعف حكومة الكاظمي وتخوفها من ميليشيات خامنئي كما وصفوها.

وأتت تلك التعليقات بعد انتشار صور ومقاطع توضح أن أسلحة الحشد الشعبي تبدو أقوى من قوة القانون، وأن الحديث عن الإصلاح سيبدو الآن أجوف حتى لو تحقق بعد انتخابات أكتوبر المقبل.

لكن مصادر مقربة من الحكومة طلبت عدم ذكر اسمها أشارت لـ"أمان" فخرها بتحدي الكاظمي للحشد والجرأة التي أظهرها باعتقال مصلح. على الرغم من كل شيء آخر فإن عملية الاعتقال أدت إلى تغيير ملحوظ في علاقة الحكومة العراقية بقوات الحشد الشعبي على حد قوله.

كما كشفت المصادر العراقية، لـ"أمان"، أن الكاظمي أبلغ هادي العامري رئيس منظمة بدر إحدى أقوى الميليشيات تحت مظلة الحشد الشعبي أنه سيبث على الهواء مباشرة اعلان استقالته إذا رضخ ميليشيات الحشد وذكر أنه قام بإلقاء اللوم على الأحزاب الشيعية بانهيار الدولة إذا لم يغادر الحشد المنطقة الخضراء، واحترموا الدولة العراقية وتخلوا عن الانتماءات لدول أخرى محطمين بها وكن العراق على حد قوله.

وقالت المصادر إن العامري فوجئ بـ"عناد الكاظمي الشديد" ولم يتوقع منه أن يتخذ خطوة جريئة مثل اعتقال زعيم بارز كمصلح، كما لم يتوقع قادة الحشد الشعبي أن يقاوم الكاظمي إطلاق سراحه رغم ضغوطهم الشديدة وتهديداتهم.

وقال المصدر إذا كان صحيحًا أن فصائل الحشد الشعبي تمكنت من إطلاق سراح مصلح فسيشكل ذلك إعلانًا صريحًا عن استقلال الحشد عن الدولة. سيكون اعترافًا علنيًا بأن الميليشيا الموالية لإيران تعمل ضد الدولة وأن أسلحتها غير قانونية.

وأكد المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه تخوفا من رصده من ميليشيات إيران، أن الكاظمي بصفته القائد العام للقوات المسلحة سيتعين عليه أن يعلن صراحة أمام الشعب أن الحشد قوة دخيلة تميل إلى الانقلاب ولا تدعم الدولة أن أسلحتها محتجزة بشكل غير قانوني ولا نعلم ما قد يترتب في حال تم إعلان ذلك.

ويشير المصدر إلى أن انتصار الحشد الشعبي في معركة استعراض العضلات مع رئيس الوزراء ستكون له تداعيات سلبية كثيرة لكن إذا فاز الكاظمي يمكن أن يستعيد شعبيته.

من جهة أخرى نددت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت عبر صفحتها على تويتر استعراض القوة العسكرية من قبل الجماعات المسلحة الإيرانية والشيعية في المنطقة الخضراء، واصفة الموقف بالإرهاب، مؤكدة أن أي تنظيم مسلح يعد تنظيما إرهابيا إذا لم يكن تابعا للدولة وقوة القانون.

وقالت إن أى قضية اعتقال يجب أن تأخذ مجراها كما هو الحال مع أي عراقي ولا ينبغي لأحد أن يلجأ إلى استعراض القوة ليتملص من القانون، وأن أفعال الاغتيال والخطف والقتل والعنف والترهيب تقع تحت خطوط الإرهاب ولا تختلف عما فعلته داعش أو القاعده في معارضيها أو المدنيين أو تجاه الدولة.
وأضافت أن "مثل هذا السلوك يضعف الدولة العراقية ويزيد من تآكل الثقة العامة".

يذكر أنه على خلفية اعتقال مصلح حاصرت قوات الحشد الشعبي منذ فترة الأربعاء منزل رئيس الوزراء ومواقع أخرى في المنطقة الخضراء وسط بغداد حيث توجد منازل مسؤولين ومؤسسات حكومية ومقار بعثات دبلوماسية أجنبية.

وقال الكاظمي بعد اجتماع أمني مساء الأربعاء إن "تحركات الجماعات المسلحة في بغداد يوم الأربعاء تعد انتهاكا خطيرا ليس فقط للقانون والنظام بل للدستور العراقي ويجب وقفها.