رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بالتزامن مع عرض فض اعتصام رابعة فى «الاختيار2».. «أمان» ينشر شهادة لأول مرة لإخوانى منشق حضر كواليسه

جريدة الدستور

عبدالمعطي أحمد رجب، المنشق حديثا عن جماعة الإخوان الإرهابية، يكتب لـ"أمان" شهادته عن كواليس فض اعتصام رابعة العدوية الذي تجمع فيه عناصر الإرهابية والموالون لهم بعد عزل الرئيس الإخواني الأسبق محمد مرسي.

وينشر "أمان" الشهادة كما أرسلها عبد المعطي رجب بالتزامن مع إذاعة الحلقة الخامسة لمسلسل "الاختيار 2" الذى يقوم فيها الأمن بفض اعتصام رابعة، والتي جاء نصها كالآتي:

لم أكن في مخيلتي أن يأتي يوم ما وأتحدث فيه عن رابعة، فقد ظلت في خيالي كابوسا لفترة من الزمن وهالة مقدسة لا يجوز الاقتراب منها، حتي جاءت أحداث مسلسل الاختيار ليسلط بعض الضوء عن تلك الأحداث. ودائما ما أقول لنفسي إن فض رابعة لم يكن حصيلة يوم واحد هو الرابع عشر من أغسطس 2013 بل هو حصيلة أكثر من 90 سنة هو عمر الجماعة المملوء بكل بذور المواجهة والاستعداد للقتل والمشحون بطاقة هائلة من الكراهية والاستعلاء. يخطئ من يظن دائما أن يتم اختزال فض رابعة بنتائجه قبل العلم والإحاطة بمقدماته، فدائما المقدمات هي التي تقود إلي النتائج.

ما قبل الفض
عشت كما عاش كل المصريين أجواء هائلة من الانقسام والشحن كاد يعصف بالوطن كله، مظاهرات تطالب الرئيس بانتخابات مبكرة نتيجة سوء إدارته وفشله في معالجة الأزمات المجتمعية وليس أقلها أزمات البنزين والكهرباء
فضلا عن شعور الشعب بسيطرة الجماعة علي عقل وقرارات الرئيس، وأصبح محمد مرسي مرتهنا بمواقفها وآرائها،
كما أن شهرة القنوات الإسلامية كالحافظ والناس في مواجهة قنوات الفلول، كما كان يطلق عليها، ووجود فقرات كاملة علي تلك الفضائيات تتحدث عن الهجمة علي الرئيس الإسلامي والمشروع الإسلامي بل والإسلام نفسه-  كل تلك الأحداث صبت في اتجاه شحن أتباع الجماعة وترسيخ مفاهيم أن رئيسكم في خطر، ومشروعكم الذي طالما حلمتم به وتمنيتموه يقف له العلمانيون متربصين.
في هذا الوقت بدأ مرسي يقوم ببعض المؤتمرات والتي كانت تنظمها الجماعة له حتي تقوم بالحشد الجماهيري وتعطي انطباعا لباقي قوي الشعب أن الرئيس مسنود بجماعته..ظهر ذلك جليا عندما خرج مرسي مخاطبا أنصاره أمام قصر الاتحادية مهاجما معارضيه في التحرير، بالإضافة إلي مؤتمر نصرة سوريا وغيرها .

تمرد وتجرد
عندما تم تدشين حركة تمرد قابلتها وغيري من شباب الجماعة بالسخرية والاستهزاء.. كانت نشوة الاستعلاء مسيطرة والإحساس بالقوة مترسخا بداخلنا في مقابل حفنة من المأجورين كما كنا نصورهم..
كنا نتهكم علي بعض الموقعين بالقول وماذا بعد توقيعكم؟ ابقوا خدوا الورقة وبلوها واشربوا ميتها، كما يقول المثل الدارج.
هنا ظهرت دعوة مقابلة للقيادي في الجماعة الإسلامية عاصم عبدالماجد بعمل حملة تجرد ويتم توقيع أنصاره من الإسلاميين عليها .
لا أخفي سرا فكان كلما اقترب ميعاد 30 يونيو زاد قلقي لما سيحدث في هذا اليوم نتيجة لعدم علمنا بأي شيء
كان الصف الإخواني أجهل من الدواب..لا يأخذ سوى بعض الكلمات التى فحواها (لاتقلقوا كله تحت السيطرة) وإخوانكم اللي فوق يديرون الملف بمنتهي الاحترافية !!
حتي جاءت الدعوة لجمعة الشريعة والشرعية في 28 يونيو كبداية للحشد الذي تقوم به الجماعة
كنا قد وصلنا إلى أقصي درجات التشبع والرغبة في الحسم من هؤلاء الأوغاد الذين يقفون بالمرصاد لمشروعنا الإسلامي !
أغلبنا غير صورة بروفايله علي الفيس بوك لصورة مطبوع عليها (كلنا مشاريع شهادة ) !
حتي جاء يوم 30 يونيو ونظرنا ولم نكن نعلم بالأعداد المتواجدة سوى من بعض اللقطات التي كانت هي بداية للتجمعات فنأخذ الأمر بمزيد من السخرية.
مر اليوم بخير وخرج بيان القوات المسلحة ينذر الجميع بـ48 ساعة لحل الأزمة..فما كان من قيادات الإخوان في الاعتصام إلا أن فهموا البيان علي أنه موجه للمعارضة فقط .
حتي جاءت الساعة الثانية عشرة ليلا يوم 30 يونيو ومع أول دقيقة من ساعات اليوم التالي حتي اعتلي منصة رابعة أحد قيادات الإخوان وأظنه ( خالد فاروق ) عضو مجلس الشعب عن دائرة شبرا ماسكا مكبر الصوت ليعلن للمعتصمين مفاجأة كبرى.
وقف وهو يجذب انتباه الناس (أبشركم أبشكركم بأنه في هذه الدقيقة وهذه الساعة هي أول ساعة للرئيس مرسي في عامه الثاني في الحكم )!
هنا تتعالي الصيحات بالتكبيرات والهتافات مصحوبة بأغنية (بسم الله الله أكبر بسم الله )
حالة عجيبة وعالم مواز يعيش داخل أفكاره ويتصنع الوهم ويصدقه
حتي جاء بيان العزل هنا ثارت منصة رابعة منادية بالصمود في وجه ماسموه الحكم العسكري والاستعداد لإرجاع مرسي لقصره في الاتحادية.

داخل الاعتصام
داخل الاعتصام تتواجد الخيم ويتواجد النساء والأطفال..تم تقسيم الخيمات علي المحافظات فهذا الجزء خاص بالشرقية وهذا خاص بالمنوفية وهكذا..كان الجميع يتناوبون الحراسة علي مداخل الميدان..
وكان هناك جميع أطياف الإسلاميين من متشدديهم لمعتدليهم، إن جاز التعبير.
لأول مرة أري في حياتي الرايات السوداء منصوبة علي بعض الخيمات..كان صوت هؤلاء الجهاديين قد علا في تلك اللحظة وبدا صوتهم أعلي من الإخوان أنفسهم وبدأوا يأخذون دورهم في التصدر بعدما اتهموا الإخوان أنهم هم من أوصلوا الأمور لهذا الحد في المقابل كان الإخوان وقيادتهم مستسلمين للأمر لا يرتفع لهم عين أمام هؤلاء .
بدأ هؤلاء يتحدثون علي منصة رابعة ويأخذون المساحة للتهديد والوعيد..ولم يكن من قيادات الإخوان سوى التماهي مع هذا الخطاب حتي لا يتم اتهامهم من رفقائهم الجهاديين بالتقاعس !

كانت أحداث قطع الطرق أو الهجوم علي أي قسم أو غيرها من أعمال العنف كانت جميعها تذاع علي منصة رابعة علي طريق البيان !( بيان هام ) يتبعه تهليل وتكبير
لن أكذب إذا قلت إن الجميع بمن فيهم الإخوان كانوا راضين بكل أعمال العنف الموجودة وكانوا يتلقون الأخبار بنوع من الفرح والسعادة.

كانت القوات المسلحة تلقي علينا منشورات تدعونا إلي الرجوع للمنزل فنقابل ذلك برفع الأحذية في وجه الطيارات !
كانت الدولة ترسل رسائلها بأنهم سيقومون بفض الميدان لكن القيادات كانت تقول باستحالة ذلك..فالعالم كله يري ويشاهد ! والغرب لن يصمت وقتها
كان شباب الإخوان يرسمون خططهم علي مواقع التواصل الاجتماعي لمواجهة فض الاعتصام وكانوا يرسمون ويدعون لمليونيات تشل حركة القاهرة تتجه لكل مدخل من مداخل رابعة وهنا يتم تشتيت قوى الأمن وإنهاكهم.
لماذا الفض
كل من ذهب وتابع اعتصام رابعة لا يمكن إلا أن يجد بعض المعطيات تلك المعطيات هي التي تؤدي بالضرورة لحتمية فض هذا الاعتصام
كان من تلك هذه المعطيات:
1- إن الدولة يتم تشكيلها من جديد بواقع جديد عمود خيمته ورأس حربته هو القوات المسلحة المصرية وهؤلاء المعتصمين ما زالوا لم يفيقوا من هول الصدمة فوقفوا متحدين الشعب وقواته المسلحة.
2- إن هذا الاعتصام الذي امتلأ بالجهاديين السابقين وأصحاب الفكر المتطرف لم يكن معلوما إلى أين سيقودنا وإلي أي مرسي سيرسو بنا .
3- إن وجود بعض الأسلحة بالفعل كان موجودا ولم يكن هناك مانع منها..كل الموانع فقط هو عدم إشهارها..بمعني احتفظ بسلاحك دون أن يعرف أحد.
4- إن الدولة حاولت وجاهدت للتواصل مع هؤلاء لحل الأزمة..إلا أنهم بالغوا في مواقفهم ووصلوا إلي تصفير القضية !
5- في مقابل ذلك دعوتهم كل يوم لمظاهرات تنطلق من ميدان رابعة متجهة لكل المناطق السيادية في البلد كالتوجه لمبني المخابرات والمحكمة الدستورية وقصر الاتحادية وغيرها !
6- لا يمكن أن تستمر الدولة مكتوفة الأيدي أمام فئة من الناس لها مطلب فئوي واحد ويمارسون كل أدوات العنف والتحريض علي المجتمع كله .

كل هذه العوامل وغيرها لم تكن لتقود إلا لشيء واحد هو حتمية الفض.
ويبقى دماء الضحايا مرهونا في رقبة من حرضهم علي المواجهة ولم يسع في حقن دمائهم ومن صدرهم للصفوف الأولي من أجل تحقيق مصلحته السياسية.
ولا أدري هل  من أجل عودة مرسي أو عودة تنظيمهم للحكم يضحون بهؤلاء الشباب ويتم الزج بهم في أتون معركة كاملة مع شعب ووطن !
وتبقي الحقيقة ماثلة أمام الجميع أن هذه الدماء كانت أرخص من رشفة الماء عند هؤلاء القيادات.