رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل تتخلى تركيا عن «الإخوان» بعدما كانت داعمًا قويًا لها؟ (تحليل إخباري)

اردوغان
اردوغان

بعد دعم تركيا الشديد لجماعة الإخوان الإرهابية، اتخذت السلطات التركية فجأة، بقيادة رجب طيب أردوغان، رئيس تركيا، خطوة وصفها الكثيرون بانقلاب السحر على الساحر، حيث اعتقلت 23 عنصرًا من الجماعة الذين كانوا قد هربوا من مصر وأقاموا على الأراضي التركية.. بل وما زاد من الشعر بيتًا، ودس السم في العسل للإخوان، رفض أنقرة منح الجنسية التركية لنحو 50 من عناصر وقيادات الجماعة.

وتبين لاحقًا في التحقيقات مع الـ23 عنصرًا أنهم كانوا يتواصلون مع جهات إغاثية، ومنظمات تابعة للجماعة في بعض الدول الأوروبية؛ لتوفير ملاذات آمنة وإيواء وتدريب العناصر الإخوانية اليمنية والمصرية والسورية بتنسيقٍ مع التنظيم الدولي للإخوان، دون استشارة الحكومة التركية أو التنسيق معها، الأمر الذي أزعج أنقرة- الحكومة التركية- حيث رأت الحكومة التركية في ذلك أن الجماعة وقياداتها تتصرف بعيدًا عن وصايتها وتوجيهاتها، وتتعامل مع دول تتعارض مصالحها مع تركيا.

ودعم الباحث في شئون حركات الإسلام السياسي، أحمد الشوربجي، ما اتهمت به تلك العناصر، قائلًا إن الكثير من شباب جماعة الإخوان الفارين لتركيا لديهم استعداد نفسي للتعامل مع أي جهات توفر لهم الأمان المالي، خاصةً في ظل الظروف المادية والحياتية الصعبة التي يعيشونها في أنقرة، حيث لفت النظر إلى تفكك أسر إخوانية كثيرة والانفصال بالطلاق بسبب قلة الرواتب وتدني المعيشة وصعوبة العودة لمصر، بسبب وجود أحكام ضدهم في قضايا عنف وإرهاب، ما جعلهم- كما وصف الشوربجي- فريسة سهلة للاستقطاب والتجنيد والعمل لحساب أي جهات ومخابرات معادية للدولة التركية التي يقيمون فيها مقابل الحصول على المال.

وفي السابع من ديسمبر لعام 2020، نجد الكاتب السوري، خورشيد ديلي، يكشف عن خطة رجب طيب أردوغان للتخلي عن جماعة الإخوان وعناصرها.. ها هي ذي الضربة الأخرى التي توجهها تركيا للإخوان، والتي من شأنها إضعاف شوكة الجماعة أكثر مما هي عليها الآن.

وحسب "ديلي"، فإن هناك أدلة ومؤشرات على بدء أردوغان بالفعل في خطته.. أول تلك المؤشرات: مغازلة مصر والحديث التركي المكثف عن اللقاءات التركية- المصرية، والاستعداد لإقامة علاقات أفضل مع مصر بعد سنوات من العداء، بجانب التسريبات التركية حول عرض يتضمن تخلي تركيا عن دعم جماعة الإخوان في مصر، وإغلاق قنواتها التليفزيونية التي تبث من تركيا، وتسليم عدد من قادة الجماعة إلى السلطات المصرية مقابل المصالحة.

ثاني تلك المؤشرات: مغازلة المملكة العربية السعودية بنفس الأسلوب المتبع مع مصر، مما يؤكد مدى استعداد أردوغان للتضحية بالإخوان لصالح تحقيق مصالح بلاده وتنظيمه.

أما ثالث المؤشرات: فإن السلطات التركية تحد من الظهور الإعلامي لقادة الإخوان، حيث كشفت مصادر تركية عن توجيه السلطات التركية لقادة الإخوان المسلمين المقيمين في تركيا، بالحد من ظهورهم الإعلامي، وعدم مهاجمة دول وأنظمة المنطقة.

رابع المؤشرات وآخرها: الدعوات الدولية بتصنيف الإخوان جماعة إرهابية.. إذ تأتي خطوة أردوغان عقب ظهور دعوات قوية في عدد من الدول الأوروبية والأميركية، وتحديدًا بعد تصنيف الكونجرس ودول عربية مؤثرة، مثل مصر والسعودية والإمارات، الجماعة بالإرهابية.

الجدير ذكره، قول الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء أركان حرب دكتور عادل العمدة، إن خبر اعتقال بعض عناصر الإخوان من قبل السلطات التركية ما هو إلا محاولة للتقرب من الرأي العام العالمي من قبل أردوغان الذي يبلي بلاءً حسنًا في محاولة تحسين صورته أمام العالم، بتنفيذ بعض المسرحيات والتمثيليات- بحد وصفه- بادعاء اعتقال بعض العناصر الإرهابية؛ لكي يبرهن أمام المجتمع الدولي أنه ضد الإرهاب والتطرف، وأضاف أن أردوغان يُعتبر الأمين على تنظيم جماعة الإخوان حول العالم، أي أن له دورا فعالا وبارزا في هذا التنظيم، وأن هناك دعمًا كبيرًا جدًا لتحسين صورة أردوغان داخل تركيا وخارجها.

"اعتقال بعض عناصر الإخوان من قِبل السلطات التركية ما هو إلا ضجة إعلامية لتحسين الصورة أمام الرأي العام العالمي ومحاولة للتقرب للمجتمع الدولي في إعادة صياغة صورته كعنصر مناهض- مقاوم- للإرهاب والتطرف وداعم للسلام والأمن في العالم، على الرغم من أنه متغول- ضخم- ومؤثر بالسلب على المنطقة بالسلاح وبالقوة والرأي وبالمجهود، والداخل التركي أيضًا يئن- يشتكي- من تصرفاته الهوجاء، المتسرعة، التي لم تُسفر إلا عن انهيارٍ للاقتصاد التركي، والذي يظهر جليًا، واضحًا، في تراجع العُملة التركية بشكل ملحوظ، خاصة أن العديد من الدول الكبرى كانت قد أعلنت وأكدت أن جماعة الإخوان تنظيم إرهابي".. هذا ما قاله الخبير الاستراتيجي، اللواء أركان حرب دكتور عادل العمدة، بالتحديد فيما يتعلق بضرب أردوغان لجماعة الإخوان المسلمين.