رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مكرم: أفعال أردوغان وتميم تناقض «الأخوة الإنسانية»

أردوغان
أردوغان

أكد الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أن أفعال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وقطر تناقض ما تدعو إليه وثيقة "الأخوة الانسانية" التي وقعها الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب، شيخ الجامع الأزهر، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وأجمع العالم عليها.

وتساءل رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، في كلمته أمام التجمع الإعلامي العربي المنعقد في أبوظبي اليوم، عن العلاقة بين التسامح الذي تدعو إليه وثيقة "الأخوة الإنسانية" وبين الإرهاب والقتل وسفك الدماء الذي يدعو إليه الرئيس التركي.

وقال مكرم: هل تُنقذ وثيقة الأخوة العالم من حرب ثالثة؟! ولست أعرف فى الحقيقة إن كان ما حدث فى لقاء الشيخ أحمد الطيب والبابا فرنسيس، ودعوتهما المشتركة كل البشر خاصة المسلمين والكاثوليك إلى أن يعتصموا بالأخوة الإنسانية أملًا فى عالم جديد أكثر أمنًا وعدلًا وسلامًا، كما اعتصم نوح وقومه بالفلك من الفيضان، وما يحدث الآن فى تركيا من محاولات الرئيس التركى رجب الطيب أردوغان التي يؤازرها حُكام قطر لإحياء فكر سيد قطب، إمام التكفيريين الذي يدعو إلى رفع السلاح والخروج للجهاد ضد العالم أجمع، وتشجيع حركات الإرهاب، ويعتبر ذلك مشروعًا سياسيًا مُهمًا من الضرورى أن تعمل تركيا على إحيائه، لست أعرف فى الحقيقة إن كان هذا التوافق الزمني بين ما يحدث في الإمارات ونقيضه الذي يحدث فى تركيا مُجرد صُدفة، أم أنها تصاريف أقدار ترتبها العناية الإلهية ردًا على دعاوى التكفير الجديدة؟، لكن الذي أعرفه على وجه اليقين أن البشر كل البشر تواقون إلى الأمن والعدل والسلام، يريدون عالمًا جديدًا خاليًا من دعاوى العنف والإرهاب، عالمًا أكثر إيمانًا برسالات الأديان السماوية التى تدعو جميعها إلى الحفاظ على حياة الإنسان وليس قتله وتدميره!.

وتابع: ما أعرفه أيضًا على وجه اليقين، وقد أسره لى الشيخ أحمد الطيب في لقاء خاص، أن القطبين الكبيرين الشيخ الطيب والبابا فرنسيس يعتقدان أن حلمًا كان شبه مستحيل قد تحقق بالفعل، وهذه هى كلمات البابا فرنسيس إلى الإمام الأكبر، وهما عازمان بالفعل، الطيب وفرنسيس، على أن يبلغا نهاية الشوط، أما إحياء دعاوى التكفير واعتبار تراث سيد قطب تراثًا إنسانيًا ونفحات إلهية، فهي دعوى مرفوضة على نحو قاطع، رفضها العالم الإسلامى كله وليس فقط بعض قيادات جماعة الإخوان، إن لم تكن ضربًا من الجنون يستحيل حدوثه لأنه يخاصم البشرية جمعاء، فضلًا عن أن المطلوب من العالم شرقًا وغربًا أن يتعقب كل صور الإرهاب ويمنع تمويل جماعاته ويجتثها من جذورها.

وقال مكرم: هل يمكن لوثيقة "الأخوة الإنسانية" التي وقعها القطبان الكبيران، الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، باعتبارهما الرؤساء الدينيين لأكبر ديانتين سماويتين فى العالم أجمع، وأكد الاثنان التزامهما بإشهارها والعمل على تنفيذ بنودها فى حدث تاريخى مهيب شهدته دولة الإمارات العربية المتحدة، التي يعيش على أرضها 200 جنسية من مختلف الأعراق فى محبة وسلام، مع احتفالها بعام 2019 الذي أعلنته الإمارات عامًا للمحبة والتسامح، هل يمكن لوثيقة "الأخوة الإنسانية"، التي شهد توقيعها هذه الكوكبة الكبيرة من رموز العالم وقادة الأديان وعلمائها ورجال الكنائس والسياسة والفكر والأدب أن تكون المنقذ للإنسانية من دعاوى الكراهية والعنف والظلم والإرهاب التى تقض مضاجع العالم شرقًا وغربًا، وتكاد تأخذ الجميع إلى حرب عالمية ثالثة لا تبقي ولا تذر؟.

وأضاف: أسئلة مهمة طرحها القطبان الكبيران ربما للمرة الأولى، الشيخ الطيب والبابا فرنسيس، على الضمير العالمى وصناع السياسات ومهندسى النظم السياسية، بعد أن دفع مليار ونصف المليار مسلم ثمنًا باهظًا لحادثة تفجير برجى التجارة فى نيويورك، وأُخذ الإسلام والمسلمون بجريرة بضعة أفراد لا يزيدون على أصابع اليدين، ليظهر الإسلام فى صورة الدين المتعطش لسفك الدماء، ويظهر المسلمون فى صورة برابرة متوحشين أصبحوا خطرًا داهمًا على الحضارة الإنسانية.

وأوضح مكرم أن وثيقة "الأخوة الإنسانية" صدرت من أجل السلام العالمى والعيش المشترك باسم الله الذي خلق البشر جميعًا متساوين فى الحقوق والواجبات، وباسم النفس البشرية التي حرم الله إزهاقها، وباسم الفقراء والبؤساء والمحرومين والأيتام والأرامل، وباسم الشعوب التي فقدت الأمن والسلام والتعايش، في ثلاث نسخ وقعها الشيخ الطيب والبابا فرنسيس، نسخة للأزهر الشريف ونسخة للمقر البابوي في الفاتيكان ونسخة ثالثة لدولة الإمارات.

وأضاف أن الوثيقة تؤكد أن التعاليم الصحيحة للأديان تدعو إلى التمسك بقيم الإسلام والتعارف المتبادل والعيش المشترك والأخوة الإنسانية، وأن الحرية حق لكل إنسان، اعتقادًا وفكرًا وتعبيرًا، وأن التعددية والاختلاف فى الدين واللون والجنس والعرق واللغة حكمة لمشيئة إلهية خلق الله البشر عليها، وجعلها الله أصلًا ثابتًا تتفرع عنه حرية الاعتقاد وحق الاختلاف وعدم إكراه الناس على دين بعينه، وأن العدل القائم على الرحمة هو السبيل الواجب اتباعه، وأن الحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر والتعايش بين الناس يسهم في احتواء الكثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وأن حماية دور العبادة من معابد وكنائس ومساجد واجب تكفله كل الأديان، واستهدافها بالاعتداء أو التفجير أو الهدم يمثل خروجًا صريحًا عن تعاليم الأديان، وأن الإرهاب البغيض الذى يلاحق بالفزع والرعب كل الناس ليس نتاجًا للدين حتى وإن رفع الإرهابيون لافتات الدين، ولذا يجب وقف كل صور دعم الحركات الإرهابية بالمال والسلاح أو التخطيط أو التبرير، وأن مفهوم المواطنة يقوم على المساواة الكاملة فى الحقوق والواجبات التى ينعم فى ظلالها الجميع بالعدل، وأن العلاقة بين الشرق والغرب ضرورة قصوى لكليهما لا يمكن الاستعاضة عنها أو تجاهلها لأن الله خلق الشعوب كي تتعاون وتتبادل المنافع والأفكار، كما أن الاعتراف بحق المرأة فى التعليم والعمل وممارسة الحقوق السياسية والحفاظ على كرامتها ضرورة مُلحة للتقدم وكذلك حقوق الأطفال الأساسية فى التنشئة الأسرية والتغذية والرعاية.

وأكد مكرم قائلا: إن ما يُثير الكثير من الأمل والتفاؤل بأن وثيقة "الأخوة الإنسانية" يمكن بالفعل أن تكون نقطة انطلاق جديدة لمستقبل البشرية تمنع الحروب والفتن وتحد من نزاعات البشر، هذا التطابق الذى يكاد يكون كاملًا بين المعانى التى عبر عنها الشيخ الطيب، والمعانى التى عبر عنها البابا فرنسيس، عندما أكد أن "الأخوة الإنسانية" وحدها هى يمكن أن تكون سفينة نوح الجديدة التي تعبر بالبشرية بحار العالم العاصفة إلى عالم جديد أكثر أمنًا وعدلًا وسلامًا، ويترسخ الإعتراف لدى الجميع أن الله هو أصل العائلة البشرية، وأن جذور البشرية مشتركة، وأن الجميع لهم حق فى الكرامة عينها، ولا أحد يمكن أن يكون سيدا للآخرين أو عبدًا لهم.

وتابع مكرم: لست أشك فى أن وثيقة الأخوة الإنسانية والحدث الضخم الذى صاحبها بلقاء الشيخ أحمد الطيب والبابا فرنسيس سوف يكون لها أثرها الواسع على منطقة الخليج، التى تحولت بالفعل، كما قال الأب فرنسيس، من صحراء جرداء إلى واحدة من أزهى المناطق العمرانية فى العالم، تزدهر بعمران غير مسبوق وتنهض فيها الآلاف من ناطحات السحاب المختلفة الألوان والأشكال والهندسات، يؤمها الملايين من الناس القادمين من كل الأصقاع والبلدان والأجناس، ويتضاعف حجمهم في الإمارات ليزيد 9 مرات عن حجم سكان البلاد، يعيشون، على حد تعبير سلطان الجابر رئيس المجلس الوطني للإعلام، في الإمارات حالة متميزة من الانسجام الاجتماعي والتعايش السلمي وحوار الثقافات والحضارات، ويتمتعون بحقهم فى حرية العبادة داخل كنائسهم ومعابدهم، والوصول إلى مقارهم الدينية، من يصدق أن فى الإمارات الآن أكثر من مليون كاثوليكى، ولهذا لم يكن اختيار البابا فرنسيس مدينة أبوظبى مكانًا لإقامة أول قُداس فى منطقة الخليج مجرد صدفة، ولكنه تطور طبيعى لما يحدث فى منطقة الخليج، وفى السعودية يعيش أكثر من مليون ونصف المليون مسيحى، إضافة إلى مختلف الديانات، وفى الكويت نصف مليون مسيحى، وفى البحرين 250 ألفًا، وينتشر بناء عشرات الكنائس فى جميع دول الخليج على نحو متزايد بما يشير إلى روح التسامح التى تظل المنطقة بأكملها.

واستطرد قائلا: الأكثر أهمية من ذكره أن الإسلام الذي درج على إعمال العقل والتفكُّر في شئون الكون والحياة، يدعو دائمًا إلى التأمل والتدقق وحُسن إعمال العقل والإيمان بقدرة العقل الإنساني على إدراك نكسة القرن وأبعاده، ويعرف عن يقين أن العقل الإنساني استطاع قبل نشوء الأديان الوصول إلى الحقيقة المؤكدة بأن هذا الكون على سعته لم يُخلق عبثًا أو صدفة، وإنما خلقه صانع هو رب الأرباب، ووضع الإنسان في مكانة متميزة في هذا العالم، لأن الإنسان يمكن بعقله فرصة التعرُّف على الكون وصانعه، وأينما أدرت وجهك في هذا الكون الواسع فسوف تلقى وجه ربك الكريم الذي خلق الكون والإنسان وعلَّمه الكتاب وأرشده إلى طريق الحق والصلاح.