رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل قدمت الجماعة الإسلامية ما يعفيها من الإدراج على قائمة الإرهاب؟

جريدة الدستور

أثار إدراج 164 من أعضاء الجماعة الإسلامية على قوائم الإرهاب بموجب حكم قضائي مطلع الأسبوع الحالي، حالة من الجدل داخل أوساط المهتمين بالحركات الإسلامية، بين مؤيد للقرار ومعارض له، وممسك عن الحديث عنه أو متحفظ على إبداء رأيه.. لكن السؤال الأبرز في هذه الأثناء.. هل قدمت الجماعة الإسلامية ما يعفيها من الإدراج على قائمة الإرهاب؟

تاريخ الجماعة الإسلامية، وتعاملها مع الواقع وحده يمكن أن يحمل الإجابة، على هذا التساؤل؟ التي يمكن أن تكون ببساطة.. نعم قدمت عن طريق المراجعات!!.. لكن المعضلة هنا تكمن في أي نوع من المراجعات؟ هل هي مراجعات فكرية؟ أم مراجعات سياسية تحمل شكلا من المناورة التي تضمن لأبنائها الانفلات من قيود الزنازين انتظارا لمرحلة تالية ربما تحمل لهم شيئا من التمكين كما حدث بعد أحداث 25 يناير وظهور شخصيات تنتمي للجماعة بشكل بارز خلال هذه الفترة، وتصريحات عدد من قيادات التيار الإسلامي بالداخل والخارج حول أنه آن لهذه الجماعات أن تُظهر إيمانها، الذي كانت تبطنه في مرحلة الاستضعاف كحال مؤمن آل فرعون، وهو ما ظهر بشكل واضح في شكل تحالفات مع جماعة الإخوان.



الباحث في شئون الجماعات الإسلامية هشام النجار، قدم جزءا مهما من الإجابة على التساؤل الأول في تصريح خص به "أمان".

 

في البداية قال النجار: نعم هناك محاولات حقيقية من القيادات التاريخية للجماعة لتقديم شيء يحمي الجماعة من الإدراج على قائمة الإرهاب، وهو ما قدموه بالفعل من مراجعات فكرية قادها ناجح إبراهيم وكرم زهدي، ولم تكن هذه المراجعات مجرد تنظير فقط بل تمت ترجمتها على أرض الواقع لكنها ظلت عبارة عن هياكل خارجية فقط تحتاج إلى استكمال بنائها لتحقق المرجو منها بشكل حقيقي وواقعي، وكان يمكن لهذه المراجعات أن تنجح إذا اتحدت رؤية جميع أبناء الجماعة الإسلامية، لكن اختلفوا.

 

وأضاف النجار: وقف فريق من الجماعة موقفا عمليا من هذه المراجعات وترجمها بالفعل على أرض الواقع من خلال اندماجه في مؤسسات المجتمع وانفتاحه على الجميع، وهذا هو الاتجاه الذي حمل المراجعات الفكرية التي تتمثل في تغيير منهج الجماعة ونظرتها إلى الآخر، ووضع هذا الفريق مجموعة من المعايير التي تؤصل لمرحلة مسالمة مع المجتمع ومع الدولة تتعاطى مع الجميع بشكل متكامل، لكن كان نصيب هذا الفريق الإقصاء من الجماعة، لنكون أمام فريقين، أحدهما متمسك بمنهجه القديم لكنه يقف متواريا خلف المشهد حتى يحمي نفسه من المواجهة التي لا يحتملها، وفريق آخر أظهر التغيير والانفتاح على الجميع.

 

وأشار إلى أنه كان ينبغي ان تحل الجماعة نفسها بنفسها، إذا إرادت أن تثبت حسن النية، أو أنها تحاول الوصول إلى الاندماج الوطني، ولو حدث ذلك لما آلت الأمور إلى ما هي عليه الآن.

 

وأوضح أن كل الجماعات الإسلامية حاليا تقع في هذه الإشكالية، فعندك مثلا حالة الانفصام التي يشهدها حزب النور الذي يترنح بين الدعوة السلفية بمنهجها المعروف، وبين محاولة إثبات أنها تتعاطى مع الواقع السياسي بالدخول في الحياة الحزبية والتعاطي مع الديمقراطية بكل أدواتها، لكن يغلب عليها المنهج الرافض لهذه الأشياء الذي يتعامل معها من باب الاضطرار، وهو ما قد يعرضهم لمصير الجماعة الإسلامية.


في حين وقف الدكتور ناجح إبراهيم مؤسس الجماعة الإسلامية موقف المدافع عن جهوده الكبيرة التي ذهبت أدراج الرياح بسبب التصرفات غير المسئولة من بعض قيادات الجماعة والتي تسببت في الموقف الحالي.

 

وقال: إننا أعلنا موقفنا من العنف في وقت مبكر جدا منذ 20 عاما دون ضغوط من أحد، مشيرا إلى أن هذه المراجعات كانت فكرية في المقام الأول، وهو ما يعني أنها خرجت عن اقتناع تام، وقد اعترفنا بالأخطاء التي وقعنا فيها ودفعنا ثمنها من أعمارنا وأرواحنا.

 

وأضاف في تصريح خاص لـ "أمان":  أن الجماعة الإسلامية هي اول جماعة بادرت بنبذ العنف، وفي سبيل ذلك قامت بعدة إجراءات: أولها تغيير فكرها طواعية، كما حلت الجناح العسكري لها، وسلم الجناح نفسه للدولة، وهذا إجراء غاية في الصعوبة، كما تصدت الجماعة فيما بعد للجماعات الإرهابية، ومنها تنظيم داعش الإرهابي.

 

وأوضح أنه رغم ذلك فقد وقعت بعض الأخطاء من عدد من قيادات الجماعة الذين تشددوا في قبول مبادرة وقف العنف، إضافة إلى خطأ آخر وهو التحالف مع جماعة الإخوان، وإن كان هذا التحالف ليس مبررا لوصف الجماعة حاليا بالإرهاب، لأنه لم تصدر من اي أعضائها أي عمليات إرهابية.

 

وقال إنه في بداية المبادرة كان يأمل أن يتم تغيير اسم الجماعة ومنهجها وأن تتحول إلى كيان رسمي يتعايش بشكل سلمي مع الدولة، في شكل جمعية أو حزب، وأن تتعامل الدولة معها بشكل "رقيق"، حتي يعمل أعضاؤها في الظاهر بشكل علني امام الناس مثلما هو الحال في المغرب والأردن؛ لأن الضغط عليهم يمكن أن يحولهم إلى العمل السري، ومع ذلك فأنا أستبعد أن نرى أي تحرك مضاد من الجماعة الإسلامية ضد القرار، فكما تعلم أن أغلب أعضائها حاليا قد تخطوا الستين من عمرهم، وهم أعقل من الانجراف وراء المهاترات.

 

وطالب إبراهيم بضرورة التفريق بين مصطلحي التطرف والإرهاب، مؤكدا أن هناك فرقا كبيرا بين الاثنين، فالإرهابي يشارك في عمليات تخريبية إجرامية، أما المتطرف فقد يحمل أفكارا متطرفة فقط لكنه يرفض العنف، وهذا يمكن التعامل معه بالحجة وليس مقبولا أن تصفه بالإرهاب طالما أنه ضد العنف.