رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«مكروه أم سنة».. خلافات الإمام «مسلم» مع «مالك» حول صيام 6 أيام من شوال

كتاب الموطأ
كتاب الموطأ

يرى الإمام مالك خلافًأ لرأى جمهور أهل العلم كراهة صيام ستة من شوال، أو ما يطلق عليها "الستة البيض"، وجاء في كتابه  "الموطأ" -: قال يحيى: سمعت مالكا يقول في صيام ستة أيام بعد الفطر من رمضان: إنه لم ير أحدا من أهل العلم والفقه يصومها، ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف، وإنَّ أهل العلم يكرهون ذلك، ويخافون بدعته، وأن يُلحِق برمضان ما ليس منه أهلُ الجهالة والجفاء، لو رأوا في ذلك رخصة عند أهل العلم، ورأوهم يعملون ذلك.

وقال الباجي -فقيه ملكي- في كتابه "فى المنتقى" وهو شرح الموطأ: وهذا كما قال، إن صوم هذه الستة الأيام بعد الفطر لم تكن من الأيام التي كان السلف يتعمدون صومها. وقد كره ذلك مالك وغيره من العلماء، وقد أباحه جماعة من الناس ولم يروا به بأسا، وإنما كره ذلك مالك لما خاف من إلحاق عوام الناس ذلك برمضان وأن لا يميزوا بينها وبينه حتى يعتقدوا جميع ذلك فرضا.

الإمام مالك يرد حديثًا لمسلم
ليست المشكلة فى خلاف الإمام مالك مع جمهور أهل العلم إنما المشكلة التى تستحق النظر والتوقف عندها للعبرة والنظر هى فى أن الأصل الذى تمسك به الجمهور في صيام هذه الأيام الستة هو الحديث الذى رواه مسلم والذى جاء عن سعد بن سعيد عن عمر بن ثابت عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صام رمضان، ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر.

رأى الإمام مالك أن سعد بن سعيد هذا ممن لا يحتمل الانفراد بمثل هذا لأن العلماء اختلفوا فى توثيقه وتضعيفه، فلما ورد الحديث ودار على مثل هذا ووجد مالك علماء المدينة منكرين العمل بهذا تركه والحقيقة أنه كلام منطقى ووجيه إذ الصحابى الجليل أبو أيوب الأنصارى هو من أعلام المدينة فكيف يكون من أعلام المدينة ولا يعرف أهل المدينة مثل هذا الحديث.

أثر الخلاف على نظرية "البخارى ومسلم" أصح كتابين بعد كتاب الله
حاول الكثيرون بعد ذلك الرد على الإمام مالك إذ يتعدى الأمر من كونه خلافا فقهيا إلى ما هو أبعد من ذلك إذ خرج الإمام مسلم صاحب الصحيح هذا الحديث الذى رواه سعد بن سعيد عن عمر بن ثابت عن أبى أيوب الأنصارى ومن ثم يكون رد الإمام مالك لهذا الحديث والكلام فيه يعنى طعنًا لما جاء فى صحيح مسلم وانتقاصا من مقولة أنه مع صحيح البخارى أصح كتابين بعد كتاب الله.

لكن الردود على كثرتها لم تلغ الخلاف فى هذا الراوى وهو "سعد بن سعيد"، ولم ترد على منطقية حجة مالك إذ كيف لا يعرف أهل المدينة ما عرفه أبو أيوب الأنصارى بل وينكرونه إلا إذا كان هذا الشىء لا أصل له ولم يرد عن أبى أيوب من الأساس.