رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قيادى«داعشى»: التنظيم كذب على الله فضاع ملكه كما حدث مع الإخوان

جريدة الدستور

هاجم "أبو محمد الحسيني الهاشمي"، الذي كان يعمل قاضيًا شرعيًا داخل ما يعرف بـ"ديوان البحوث والإفتاء" لتنظيم"داعش"، دولة الخلافة المزعومة وخليفها"أبوبكر البغدادي" في رسالته "لأبوبكر البغدادي".

ووصف الحسيني الخلافة الداعشية بالظلم والفساد، والكذب على "الله" الذي أزال دولتهم، كما حدث مع جماعة الإخوان التي كذبت على "الله" هي الأخرى.

ووجه رسالة للبغدادي قال فيها: "لقد أعلنت الخلافة ونصبك الناس خليفة وبايعوك وبايعناك معهم، ثم سرنا نجاهد في الأرض شرقًا وغربًا فدانت لنا- ونحن قلة- البلاد ورجفت من رعبنا - ونحن الضعفة- قلوب العباد وطرقنا أبواب دمشق وقاربنا مشارف بغداد وهززنا أسوار أربيل، واخترقنا حصون بيروت ولندن وباريس، فمال الحال وتغير، والآية انقلبت وصار من كان يهابنا يغزونا، ومن كان يفر منا يفر منه جنودنا.. فأين العطب وأين الخلل؟.

فإن الرجل قد يكون فاسقًا أو ظالما أو طاغيا فيقاتل عدوًا من جنسه أو أصلح منه أو أفسد، فينتصر عليه فمتى ما زعم أن انتصاره هذا من عند الله وبتأييد منه، لأنه قائم بأمره هوى به الجبار أسفل سافلين وصار أيةً للمتوسمين.

ولذلك كانت الدعاوي العريضة فضيحة لصحابها إن لم يكونوا أهلًا لها، فمدعو النبوة، ومدعو العلم ومدعو الولاية، ومدعو الأمامة ومدعو الخلافة.. إن لم يقوموا بحق هذه المقامات الشرعية العظيمة كما تستحق.. أهلكهم الله وجعلهم آيةً وعبرة ولقد ضرب الله لنا مثلين معاصرين حق لنا أن نتفكر فيهما ونتأملهما.

ولنأخذ المثال الثاني.
جماعة الإخوان، كذبوا على الله ثم على الأمة وخادعوهم وادعوا أنهم يريدون إقامة حكم إسلامي، فلما وصلوا لحكم "مصر" ولم يصدقوا في دعواهم، ابتلاهم الله.

فابتلوا بعد الظفر، بعد أن سلط الله عليهم، من أضاع ملكهم وشتت ملكهم وأذل رجالهم..لأنهم كذبوا على"الله".. وإني لأزعم أن ما يحل بنا من المصائب والغلاء والشقاء، مالم يخطر على قلب بشر.

فأدعينا الخلافة ولم نقم بحقها ورعيناها حق رعايتها، والخلافة إنما وراثة النبوة، فقلنا إنها خلافة على منهاج النبوة.. وما كان الله ليدعنا _وهو الذي يغار على محارمه وحدوده أن تنتهك_ أن ندعي وراثة النبوة ثم لنضيعها فلا يجعلنا آية وعبرة.

كيان تفشو فيه البدع والغلو، فيسب فيه أهل السلف ويلعن فيه العلماء ويشتم فيه الصالحون ويرمى بالكفر فيه ذو السابقة والدعوة والتوحيد ولا تكاد تخبو نار بدعة إلا اشتعلت بدعة أشنع وأقبح..فأين منهاج النبوة من كل هذا؟.

كيان يؤتمن فيه الخائن، ويخزن فيه الأمين، ويسجن ويكذب الصادق، ويولي ويصدق الكاذب ويقض الغاشم الظالم،ويجلد البرىء ويسجن المتهم لشهور طوال بغير بينة،ويقتل فيه المظلوم.

الأسباب الدخلية التي قضت علي دولة"داعش"

وما شم أحدهم رائحة التوحيد إلا بعد أن أحرق البوعزيزي نفسه، وإذا وصف طالب العلم فأقل ما يقال عنه بأنه خطر على الدولة.. فأين منهاج النبوة من هذا.

فلا تعجب أيها الخليفة "إن ضاعت "أرضك"بعد اتساع سلطانك، وهبط بعد إذ كان عظيمًا.. فيا حسرة على دماء ألوف الشهداء التي سالت لأجل هذا البنيان، وضيعة آلاف الأسر والعوائل التي هاجرت ترجو تحقيق الحلم الذي طالما تحدثوا به كالأساطير.. ثم وليت أمره فأضعته ولم تقم به حق القيام، فقل لي ماذا أصابك أو دهاك.

 الأسباب الداخلية لفناء الدول كثيرة يحصيها من تأمل التاريخ ونظر في سنن الملك القهار الحكيم الخبير في البشر والأمم، ولقد اجتمع من أسباب الفناء في دولتنا هذه، ما لو اجتمع بعضه على أعظم منها لأبادها وأفناها..فأين المفر والمستقر؟.

انحراف المنهج والمبادئ وانتكاس على العقب ونقض العزل بعد القوة فصار كالعهن المنفوش، وجنوح وسعار نحو الغلو، واندفاع وهجوم وتبديل وتكفير الاختلاف، فمن أحب منكم أن يعلم الفتنة أم لا، فلينظر فإن رأى ما كان يراه حرامًا فقد أصابته، وهذا السبب المفني هو أعظم البلاء وأضر الأداء، الفتنة مخوفة وهي نائمة، فكيف وقد أوقظت وتسلقت وتسلطت..لعن الله من أيقظها وسلطها وإنا لله وإنا إليه راجعون.

ثم تبع هذه الفتنة تولية أهل البدع والجهل وقلة الدين والورع والعلم أخطر المناصب والولايات الشرعية، التي لا يحل توليتهم عليها بإجماع الأمة ولقد رؤي في المسند من ولي أمر من أمور المسلمين شيئًا فأمر عليهم أحدًا محاباة فعليه لعنة الله، لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا حتى يدخله جهنم.

سجد الجنود شكرًا لله يوم شاع مقتل بعض جنودك وبعضهم _ممن مازال حيًا_ يقنت عليه القائمون، ويدعوا عليه الساجدون بأن يلحقه بسلفه، ولست يا إبراهيم_والله_ من سهام هؤلاء الصالحين بسالم ولا بعيد.

استجاب"الله" دعاء هلاك دولة"داعش"

القضية الأعظم والمصيبة أدهى وأمر، فمنهج هذه الجماعة لم يتعرض لهزة وانقلاب عنيف كهذه التي مرت به هذه الأيام، ولئن كان _فيما مضي_ حينما قال متحدثها: اللهم إن كانت هذه الدولة دولة خوارج: فاقصم ظهرها، واقتل قادتها وأسقط رايتها واهد جنودها إلى الحق.

فلقد استجاب الله لهذا الدعاء.. بعد أن قال ملايين المسلمين: "آمين..بعد هذا الدعاء".

ثم لم تكتف الجماعة بهذا الانحراف المنهجي حتى تهاوت في مذلة مدحضة باقعة، ومهلكة مفنية قارعة، ألا وهي حرب طلبة العلم وازدراؤهم واحتقارهم والتنقيص من قدرهم وتتبع زلاتهم وسقطاتهم والحرص على إسقاطهم، بل تمادي الأمر إلى اقتحام بيوتهم وسوقهم كالنعاج وحبسهم في الزنازين، ثم التهديد بقتلهم، بل لعلها قتلت بعضهم وقالت طائرات الصليبين.

لقد كان سلفك "أبوعمر" أكثر وفاء لأصحابه منك، حين رثي صاحبه ميسرة الغريب لما قتل _علي جلالة قدره وعظم أمره_ ولم تكلف نفسك ولا متحدثك الرسمي _وقد أخرج كلمة بعد مقتله، ولا إعلام دولته التي نصرها، رثاء بنصف كلمة بعد مقتله.