رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا يصر وزير الأوقاف أن يكون خطيب مصر الأوحد؟

مختار جمعة
مختار جمعة

* صراع مكتوم بين الوزير والأئمة بسبب الخطبة المذاعة
* مصادر تكشف سر انفراده بالخطبة
* داعية سلفي: وزير الأوقاف وكيل عن الحاكم
* طبيب نفسي: لديه هوس الظهور الإعلامي


لايزال الصراع بين الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف والأئمة مستمرًا، وإن كان مكتومًا فهو لم ينتهِ بعد، والسؤال الذي يتردد دائمًا وسط الأئمة هو: "لماذا ينفرد الوزير بالخطبة المذاعة عبر التليفزيون المصري؟، ولم يمنح الفرصة للأئمة من الشباب إلا القليل؟".

الخطيب الأوحد

ويحرص جمعة على أن يجوب المحافظات كل أسبوع مصطحبا كاميرات التليفزيون المصري لنقل شعائر صلاة الجمعة، أثناء أدائه الخطبة.

ويلتزم «جمعة» في خطبه بموضوعات الخطبة الموحدة التي يوجه دائما بالالتزام بها، ومنها عن رعاية الأيتام، والإدمان، والبر والوفاء، والإيجابية، والأمل، ومنزلة الشهداء عند ربهم، والشائعات وحماية الأوطان، وخطورة النفاق وعلاماته، والعدل وأثره في استقرار المجتمع ونعمة الماء وضروة المحافظة عليها.

«جمعة يستغل الأعراف»

كشف مصدر بوزارة الأوقاف، عن حالة الغضب بين الأئمة من تجاهل الوزير لهم، وعدم إتاحة الفرصة للأئمة وخطباء المساجد بالظهور في الخطبة المتلفزة، مضيفًا أن علاقة الوزير القوية بالعاملين بالقطاع الديني بالتلفزيون الرسمي أتاح له الظهور الدائم في الخطبة بأي محافظة من محافظات الجمهورية، فهناك علاقات مباشرة تربط الوزير ببعض العاملين بقطاع التليفزيون ليس لها علاقة بالعمل العام.

وأضاف المصدر- رفض ذكر اسمه-، مصر لم تكن عقيمة ولدينا العديد من الأئمة المميزين ولكن الوزير لم يمنح الفرصة لأحد ليتصدر الفضايات دائما وكأنه الداعي الأوحد ولا يوجد غيره، لافتًا إلي أن الوزير بين الحين والآخر عندما يشعر أن الأزمة احتدت بين الأئمة، يوجه التليفزيون المصري للمساجد لنقل خطب بعض الأئمة بحسب اختياره.

وأوضح المصدر في تصريحاته لـ«أمان»، أن توجيه «جمعة» للتلفزيون المصري بنقل الخطب لم يكن قانونيا ولكنه عُرف، لذلك هو استغل الأعراف وانفرد بذلك، فضلا عن مخالفته مدة الخطبة المحددة التي أقرها بنفسه من 15 لـ20 دقيقة للتجاوز الـ 30 دقيقة.


وقال هشام النجار، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن حرص وزير الأوقاف على خطبة كل جمعة من جميع محافظات الجمهورية، هو أمر موجود بكل بلاد العالم، ولن يخص مصر وحدها، موضحًا أن مسئول المؤسسة الدينية ببلاد العالم يسلط عليه الأضواء وتذاع كلماته ليتعظ بها العامة.

أضاف الباحث في شئون الحركات الإسلامية، لـ"أمان" أن وزير الأوقاف من المرجعيات المعتمدة للمواطنين، مشيرًا إلى أن بعض الجماعات المتشددة تستقطب عددا كبيرا من الشباب باسم الدين، لخدمة مصالحها السياسية، فظهور قادة المؤسسة الدينية على الشاشات لإلقاء الخطبة يحمي عقول الشباب لأنهم مصدر ثقة لأنهم يتحدثون بآيات الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبتصريح من الدولة.

«خطبة الوزير واجب شرعي»

ومن ناحيته، قال الداعية السلفي أيمن عيسى، إنه من حق وزير الأوقاف بل من واجبه الشرعي الذي كفله القانون أن يكون هو الخطيب الأول للجمعة، باعتباره وكيلا عن الحاكم في إمامة الصلاة وهذا الأمر ليس بدعة محدثة وهو المعمول به في جميع العهود السابقة حتي في عصر الخلافة، وقد استحدث الخلفاء منصب أمير الصلاة واسندوه لبعض ولاتهم، بل كان كل من في ولايته مسئولا عن الصلاة ولا تتم ولايته الرسمية في أوقات كثيرة إلا بإمامة الجمعة.

وأضاف في تصريحات خاصة، ومن حق الوزير أيضا تعيين من ينوب عنه في خطبة الجمعة بجميع المساجد وكل خطيب يعتبر وكيلا له في مسجده، كما من حقه شرعا باعتباره نائبا عن الحاكم تحديد المساجد التي تقام فيها صلاة الجمعة لأن الأصل فيها أن تقام في المسجد الجامع فقط وبالتالي أي مسجد آخر يكون بإذن منه، ومن حقه أيضا تحديد موضوع الخطبة ومدتها بحيث لا تزيد ولا تقل عن المدة التي حددتها السنة.

وتابع الداعية السلفي، إن رئيس الدولة أعطى وزير الأوقاف مسئولية الإمامة، لذلك هو المعني بالأمر وشروطه مقبولة، لأنه أمر من ولي الأمر، لو أننا فهمنا حكمة خطبة الجمعة كما أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم، ما حدث كل هذا الخلاف.

حب الشهرة والانتشار

في حين قال الدكتور إبراهيم مجدي حسين، إخصائي الطب النفسي، إن وزير الأوقاف يعتقد أنه سيحافظ على منصبه للأبد من خلال التواجد الإعلامي أو ظهوره الدائم في خطبة الجمعة، فضلًا عن أن الوزير لديه شغف الظهور والشهرة.

وأضاف الطبيب النفسي، أننا لا نعلم لماذا يصر «جمعة» على أن يكون خطيب مصر الأوحد فإن كان هدفه هو نشر العلم والمعرفة فهناك عدة وسائل، فمثلا عن طريق الكتب أو البرامج التليفزيونية أو المقالات.

وأوضح الطبيب النفسي، أن مصر بها العديد من الخطباء أفضل من وزير الأوقاف، فنراه أحيانا غير قادر على تقديم المعلومة بشكل بسيط ، فهو يحتاج لتصحيح وجهة نظره في كيفية الدعوة والتوعية بأي من خلال الوسائل الأخرى.

تابع: «أيضا يجب ألا نظلم وزير الأوقاف ونضع احتمالا أن يكون هناك توجيهات بأن يكون الخطيب الأوحد للفضائيات أو أن التليفزيون المصري هو من يلاحقه في المساجد دون طلب منه».

قرارات.. وصدام مع الأزهر

كان القرار الأبرز لوزير الأوقاف، الذي أثار ضده العديد من اللغط، هو منع مكبرات الصوت في صلاة التراويح في رمضان، وهو ما أدى إلى هجوم كبير عليه، سواء برلمانيًّا أو شعبيًّا، كما منع التوظيف السياسي الحزبي أو المذهبي أو الطائفي للمنبر أو للمسجد، من بينها ما قرره في سبتمبر 2013 بمنع إقامة صلاة الجمعة في الزوايا التي تقلُّ مساحتها عن ثمانين مترًا.

وأيضا مشروع الخطبة الموحَّدة الذي نجح في تطويره ليصبح بعد 4 أعوام، خطة مستقبلية للمنابر على مدار خمسة أعوام مقبلة، معلنًا في الوقت نفسه استصدار قرارات متعددة، منها منع غير الأزهريين من صعود المنبر دون تصاريح تصدرها الوزارة، ليحاول غلق الصعود السلفي والإخواني للمنابر.

وكان قرار الخطبة الموحدة في 26 يناير 2014 والخطبة المكتوبة، بمثابة صدام مع مشيخة الأزهر، حيث رفضت هيئة كبار العلماء ليقتصر الأمر على الخطاب الموحد فقط، وتراجع وزيرالأوقاف عن الخطبة المكتوبة واشترط الإلتزام بموضوع الخطبة فقط.

العضو الحكومي الدائم

يعد وزير الأوقاف، من الشخصيات التي تصدرت مشهد ما بعد ثورة 30 يونيو، فبصفته العضو الدائم في الحكومات، نجح في أن يكون واحدًا ممن تعوِّل عليهم القيادة السياسية لإحكام القبضة على العمل الدعويّ بالمساجد، وشغل مختار جمعة منصب عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة، وكان من المطالبين باستقلال الأزهر، كما طالب بميزانية مخصصة للأزهر ليؤدي رسالته على أكمل وجه.

وله العديد من الإسهامات العلمية والشرعية والأدبية، منها وضع مناهج اللغة العربية وآدابها لكليات التربية بسلطنة عمان وفى تطوير مناهجها، عُين وزيرًا للأوقاف في 16 يوليو 2013 ضمن وزارة حازم الببلاوي التي تشكلت كأول وزارة بعد ثورة 30 يونيو.