رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد انتهاكات الاحتلال في «يوم الأرض».. ماذا فعل الأزهر لنصرة القدس؟

جريدة الدستور

بعد أن حظي مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس، الذي أقيم في يناير الماضي وحضره وفود من 86 دولة، باهتمام جماهيري وإعلامي عربي ملحوظ، وكان هناك اتفاق على أنه مثل دعمًا رمزيا ومعنويا للفلسطينيين ولقضية القدس، بعد الصدمة التي أحدثها قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده إليها.


أوصى مؤتمر الأزهر عن نصرة القدس، بعدة توصيات أهمها، التأكيد على أن القدس هي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين المستقلة، والتشديد على عروبةَ القدس ورفض قرارات الإدارة الأمريكية، ومناشدة الحكومات ومنظمات عربية وإسلامية للتحرك السريع والجاد لوقف تنفيذ قرار الإدارة الأمريكية، وتصميم مقرر دراسي عن القدس الشريف يدرس في المعاهد الأزهرية وجامعة الأزهر، ودعوة المؤسسات التعليمية العربية والإسلامية وفي العالم لاتخاذ نفس الخطوة.


لكن المؤتمر، الذي اختتم أعماله منذ قرابة الثلاثة أشهر، ترك تساؤلات حول مدى تأثيره على أرض الواقع؟، وهل سيكون الأزهر حائط صد أمام اعتداءات الكيان الصهيوني؟، وهل يمكن أن يشكل تحولًا في مسار القضية؟ وهل بإمكانه التأثير على صناع القرار بالولايات المتحدة وإسرائيل؟.


محاولة تنفيذ التوصيات

فمن ناحية الأزهر، عقدت اللجنة المكلفة بمتابعة تنفيذ توصيات مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس، اجتماعا منتصف فبراير الماضي، برئاسة الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، وبتوجيهات من الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، بضرورة تحويل توصيات المؤتمر إلى خطط عملية وواقع ملموس على الأرض.

وقال وكيل الأزهر، إن الإمام الأكبر يتابع بشكل مستمر تنفيذ توصيات المؤتمر، خاصة ما يتعلق بإعلان عام 2018.. عاما للقدس، وبالفعل تم تخصيص ركن في جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، للاحتفاء بالقدس، وهو ما كان محل ترحيب واهتمام زوار الجناح.

وأوضح أن كل قطاعات الأزهر الشريف وضعت قضية القدس في صدارة أجندتها وأنشطتها خلال العام الجاري، كما أنها ستكون محور أنشطة "المهرجان الأول لإبداعات طلاب الأزهر"، المقرر عقده في إبريل الجاري، ويشمل مختلف المجالات الثقافية والأدبية والفنية.

وأشار إلى أن الأزهر حريص على استمرار التواصل مع كل الشخصيات والمؤسسات التي شاركت في مؤتمر نصرة القدس، وكذلك التواصل مع المنظمات الرسمية والشعبية المؤيدة للشعب الفلسطيني والمناهضة للصهيونية عبر العالم، من أجل خلق رأي عام عالمي مؤيد للقضية الفلسطينية، وداعم للقدس، وهويتها العربية والفلسطينية.

وكشف شومان، أن الإمام الأكبر وجه باستمرار المنصات الإعلامية وصفحات الأزهر الشريف على مواقع التواصل الاجتماعي، في التوعية بقضية القدس، والتأكيد على هويتها العربية، وأنها العاصمة الأبدية للشعب الفلسطيني، وفضح المشاريع الصهيونية الرامية إلى العبث بهوية القدس، وتغيير تركيبتها الديموغرافية، لافتا إلى أن ذلك سيتم باستخدام العديد من اللغات الأجنبية، من أجل الوصول إلى معظم سكان العالم.

وإلى الآن لا زالت انتهاكات الكيان الصهيوني في حق القدس في ذروتها، وشهدت الأراضي الفلسيطنية أحداثًا دامية في يوم الأرض، 30 من مارس الماضي، إذ سقط نحو 17 شهيدا، وما يزيد عن ألفي مصاب.


حجم التأثير

وتباينت الآراء حول مدى تأثير وفعالية المخرجات النهائية، وتعددت الاقتراحات بشأن أفضل السبل لتحقيق الهدف الرئيسي للمؤتمر، ففي الوقت الذي رأى البعض أن المؤتمر شكل تحركا قويا على الأرض، دعا آخرون لاتخاذ خطوات أكثر فعالية وواقعية.

قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، إنه رغم وجود قرابة العشرين من الشهداء الفلسطينيين وقرابة الألفين من المصابين، لم يصدر من مجلس يفترض أنه لحفظ الأمن بين الشعوب، بيان إدانة واحد.

وأضاف شومان، في تغريدة له عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، تحت عنوان «مجلس اللا أمن»، أن مجلس الأمن لم يتردد كثيرا فى تحريك الجيوش تحت البند السابع لشن حروب فى عدة دول عربية وإسلامية، اعتمادا على شبهة أو تجاوزات يمكن حلها بالتفاوض أو فرض عقوبات اقتصادية مثلا، ولم يحرك ساكنا لتجاوزه من قبل الكبار المهيمنين عليه حين دمروا العراق وغيره دون تكليف خاطرهم باستصدار قرار منه قبل إقلاع طائراتهم وانطلاق صواريخهم لتسوية ما على الأرض بها لمجرد شائعة تبين كذبها، لم يكن مستغربا أبدا إخفاق هذا المجلس فى استصدار قرار يدين الصهاينة المجرمين على ما فعلوه بالعزل فى يوم الأرض فى فلسطين.


وأوضح وكيل الأزهر أن الصهاينة وبكل تأكيد كانت لديهم كل الأضواء إلا الأحمر قبل إفراغ رصاصهم فى صدور أبناء فلسطين، ويعلمون أنه لا خوف عليهم ولهم يحزنون طالما بقى «الفيتو» جاهزا إن لزم الأمر.

وقال الدكتور محمد يحيى النينوي، عميد كلية المدينة للدراسات الإسلامية والبحوث بأمريكا، إنه لا يمكن اعتبار القدس قضية دينية لأنها سياسية في المقام الأول، فلابد من توحيد الصف في القضية حتى تتحرك القيادات السياسية حول العالم.

وأضاف النينوي في تصريحات لـ«أمان»، أن الشعب الفلسطيني تعرض لانتهاكات عديدة من قبل قوات الاحتلال، وإلى الآن القيادات السياسية حول العالم لم يتحرك لها ساكنُا.

وتابع: "لا يمكن أن نلقي اللوم على الاحتلال الصهيوني ولكن نلوم على أنفسنا لأننا تخاذلنا ولم نتوحد سياسيًا في جميع الدول العربية والإسلامية لنصرة القدس، ولكن المؤسسة الدينية وحدها لن تكن قادرة على التأثير على العالم، فلا بد من تكاتف جميع المنظمات المجتمعية فينظر العالم إلى تطلعات الشعوب فيتحرك الموقف السياسي".

وعن الذي يعوق تنفيذ توصيات مؤتمر نصرة القدس، أوضح أنه يرجع إلي عدم توحيد صفوف المسلمين حول العالم، وإلقاء اللوم على الطرف الآخر بدل من أن نلوم أنفسنا، مشيرًا إلى أن مؤتمر القدس الذي عقد في يناير الماضي هو مؤتمرًا سلميًا لنصرة المظلموم وإحقاق الحق وإبطال الباطل إنما الجميع مقصر في الحشد السياسي.